الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17] قَالَ: جَمْعُهُ لَكَ فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18] قَالَ: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 19] ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَرَأَهُ. [الحديث 5 - أطرافه في: 4927، 4928، 4929، 5044، 7524].
5 - باب
6 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، نَحْوَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ،
ــ
(فأنزل اللهُ) عطف على كان يعالج (جَمْعه لك) -بفتح الجيم وسكون الميم- رواية أبي ذر وللأصيلي بسكون الميم وضم العين وحذف في ورفع راء صدرك، وغيرهما: - بفتح الميم والعين - على صيغة الفعل ورفع صدرك على الفاعلية. {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} [القيامة: 18] الإسناد مجازي أي: إذا قرأ جبريل. وأسنده إلى ذاته المقدسة إعظامًا لشأن جبريل إلى عظم المنزل، واهتمامًا بشأن المنزل إليه.
اعلم أنه يقع في البخاري وفي مسلم أكثر لفظ (ح) كذا على طريق حروف التهجي، واختلف العلماء في ذلك: قال العراقي: والذي عليه عمل أهل الحديث أن القارئ ينطق بها على طريق الهجاء حاء مهملةً؛ إشارة إلى تحوُّل الإسناد وذلك إذا اجتمع على متن واحد إسنادان أو أكثر. وقال بعضُهم: إشارةً إلى الحديث يعني أن الحديث في هذا الإسناد هو حديث الإسناد الأول. قال ابن الصلاح: وجدتُ بخط الأستاذ أبي عثمان الصابوني، والحافظ أبي مسلم الليثي، والفقيهِ المحدث أبي سعيد بدل الحاء لفظ: صح. قال: وهذا حسنُ؛ لئلا يُتوهم أن حديث هذا الإسناد سقط، ولئلا يُركبَ الإسنادَ الثاني على الأول مَنْ لا خبرة له فيجعله إسنادًا واحدًا.
فإن قلت: فهلا يرويه بذلك الإسناد ابتداءً؟ قلتُ: يؤثر الاختصار.
6 -
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس) الجود إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي من غير غرض
وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ». [الحديث 6 - أطرافه
في: 1902، 3220، 3554، 4997].
ــ
ولا عوض. وهذا شأنه {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23](وكان أجودُ ما يكون في رمضان) بُرفع أجودُ على أنه اسم كان، وما: مصدرية، وفي رمضان: هو الخبر أي: أجود أكوانه كونُه في رمضان. وفيه مُبالغة حيث جعل كونه أي وجوده جوادًا، ويجوزُ أن يكون رفعه على الابتداء على أن في كان ضمير رسول الله صلى الله عليه وسلم، والجملة خبرٌ عنه، أو على البدل. ويجوزُ نصبُه على خبرية كان، هذا وكونه أجود لا ريب فيه عند من طالع سيرته، وأما أجود أكوانه في رمضان فلأنه كان يتخلق بأخلاق الله. ورمضان شهرُ الرحمة، ولله فيه تفضُلٌ على عباده بما لا يتفضل في مخيره، ولذلك فتح فيه أبواب الجنة، وغلّق أبواب جهنم؛ ولأنه كان يلاقيه جبريل في رمضان كل ليلة، ويدارسُه القرآن، فيكون كامل النشاط وافر الأريحية وهما مقدّمتا البذل والجود.
قال بعضُهم: يجوزُ أن يكون المراد من قوله تعالى: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12] هو جبريل، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتصدق لأنه يناجي جبريل. ولما وَرَد عليه: أن الآية قد نُسخت، أجاب بأن الوجوب إذا نُسخ بقي الندب. وهذا خبطٌ ظاهر؛ لأن صدر الآية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} خطابٌ لمن كان معه؛ فإنهم كانوا يُكْثِرون الكلامَ عليه، فشَرَط على من أراد أن يكلمه أن يتصدق بشيءٍ قبله، على أن جوابه فاسد؛ لأن نَسخ الوجوب لا يستلزم جواز الندب، ألا ترى أن استقبال بيت المقدس كان واجبًا، ولما نُسخ لم يبق الجوازُ فضلًا عن الندب؟
(وكان يلقاه كلَّ ليلةٍ): الضمير المرفوع في يلقاه لجبريل لقوله: (حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن) المدارسة: قراءة القرآن على وجه التناوب. وفائدته: تجويد القراءة، ولأنه أنشطُ من الانفراد.
ومن فوائد الحديث: استحبابُ زيارة أهل الفضل والصلاح، والجد والمبالغة في الإحسان في الأوقات الفاضلة (فلرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة) وذلك أن الريح مقدمة المطر الذي به النبات والزروع والثمار، ولأن الريح هو الذي ينشئ السحاب الذي منه المطر. قال تعالى {يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} [الروم: 46] وزاد الإمام أحمد في روايته هنا لا يُسأل شيئًا إلا أعطاه.