الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
45 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَيَكِلُ العِلْمَ إِلَى اللَّهِ
122 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا البَكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ؟ فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ.
ــ
باب: ما يستحب للعالم إذا سُئل: أيُّ الناس أعلمُ؟ فَيَكِلُ العلمَ إلى الله تعالى
فيكل: جزاء الشرط، والشرطية بيان ما يستحب من الجواب عند ذلك السؤال وجعل: إذا، ظرفية، وحملُ الفاء على التفسير غير مستقيم. يدل عليه الرواية الأخرى وهي أصحُّ بأن المصدرية. ولا يجوزُ أن تكون تفسيرية لأنها لا تكون إلا بعد فعلٍ يتضمن معنى القول.
122 -
(سفيان) هو ابن عُيينة و (عمرو) هو ابن دينار (سعيد بن جُبير) بضم الجيم على وزن المصغر (إنَّ نَوْفًا البكاليَّ) بكسر الباء وفتح الكاف مخففًا، وقيل: بفتح الباء والكاف المشددة، نسبةً إلى بكالة؛ قبيلة. قاله ثعلب. وقيل: إلى بكال من حِمْير. وكان نوفٌ هذا صاحبًا لعلي بن أبي طالب (إنما هو موسى آخر) بالتنوين، لأنه أُريدَ به غير معين، أي: واحد يسمى بهذا الاسم، و"آخر" غير منصرف، لأنه وزن فعل مع الوصف الأصلي، وإن صار في عداد الأسماء، ولذلك جُرد عن اللام والإضافة ومِنْ (فقال: كَذَبَ عدو الله) لم يرد به معناه الحقيقي، بل كلمة صدرتْ منه في حالة الغضب، أو أراد تنفير الناس عن اتباعه في تلك المقالة (فسئل أيّ الناس أعلم؟ فقال: أنا).
فإن قلتَ: قوله تعالى: إن عبدًا من عبادي بمجمع البحرين هو أعلمُ منك، تكذيب لموسى؟ قلتُ: ليس تكذيبًا بل إرشاد إلى ما خفي عليه لأن معنى قوله: "أنا أعلم" أي: في ظني، وهو صادقٌ في ذلك كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب ذي اليدين حين قال: أقَصُرَتِ الصلاةُ أم نسيتَ يا رسول الله؟: "كلُ ذلك لم يكن" فقال ذو اليدين: بعض ذلك
قَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ بِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَحَمَلَا حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا وَنَامَا، فَانْسَلَّ الحُوتُ مِنَ المِكْتَلِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَبًا، وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهُمَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا، وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى مَسًّا مِنَ النَّصَبِ حَتَّى
ــ
قد كان. فإن المحققين على أن ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن كذا، لأنه بناه على ظنه. والبحران: قيل: هما بحر فارس والروم.
فإن قلتَ: ما معنى عتاب الله؟ قلتُ: الإشارة إلى أن ما صدر منه كان خلاف الأولى، وأصلُ العتاب مخاطبة الأحباء على طريقة الإدلال، قال الشاعر:
ويبقى الوُدُّ ما بقي العتاب (2)
(قال يا رب: وكيف به؟) أي: طريق الاجتماع به (فقيل له: احمِلْ حوتًا في مِكْتل) -بكسر الميم-: الزنبيل. قال ابن الأثير: هو الزنبيل الكبير الذي يَسَعُ خمسة عشر صاعًا من الكتاب وهو الثقل. قلتُ: الظاهر أنه من إطلاق المقيد على المطلق مجازًا، إذ الإنسان لا يحمل مثله على ظهره (وانطلق معه بفتاه يوشع) أي: بخادمه. يطلق على كل خادم، أصله من الفُتُوّة وهو حداثةُ السنّ؛ لأن الأكثر أن يكون الخادم شابًا، وقال البخاري: يُوشَع بالشَين المعجمة والمهملة (وَضَعا رؤوسهما) جمع الرأس وإن كانا اثنين كراهةَ اجتماع التثنيتين، وهو كثير في كلام العرب.
(فانسَلَّ الحوتُ من المكتل {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} [الكهف: 61]) سيأتي تفسيره أنه بقي الماء مثل الطاق بأن أمسك الله عنه الجرية. وأصل السرب: المسلك في خفية (وكان لموسى وفتاه عجبًا) الضمير في: كان، لققد الحوت (فانطلقا بقية ليلتهما ويومهما) كذا وقع هنا، والصوابُ بقية يومهما وليلتهما بتقديم اليوم لقوله:(فلما أصبح). كما وقع في تفسير
جَاوَزَ المَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ:(أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ) قَالَ مُوسَى: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا) فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، أَوْ قَالَ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ، فَسَلَّمَ مُوسَى، فَقَالَ الخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ؟ فَقَالَ: أَنَا مُوسَى، فَقَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لَا أَعْلَمُهُ، قَالَ: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا، وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ، لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، فَعُرِفَ الخَضِرُ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ الخَضِرُ: يَا مُوسَى مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ
ــ
سورة الكهف وغيره. وقيل: يحتمل أن يريد بقية الليلة بعد ذلك اليوم الذي سارا جميعه. قلتُ: قول متقدم على الانطلاق الذي بعده ذكر الليلة واليوم إذا كان التقدير ذلك بتأخر النوم عن اليوم الذي سارا فيه، لأن بقية الليلة إنما يقال: إذا كان النومُ واقعًا بها.
({فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64]) مفعول مطلق أي: يقصان آثارهما قصصا، وهو التتبع. (مُسَجَّى) بضم الميم وتشديد الجيم (أو قال: تَسَجَّى) -بفتح التاء- ماض على وزن تَفَعَل أي: تغطى، ومنه:{وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)} [الضحى: 2](فسلَّم موسى، فقال الخضرُ: وأنّى بأرضك السلام؟) فإنه لم يكن تحيةَ ذلك الخَلْق في ذلك القطر، فتعجب منه (فقال: أنا موسى) أزال استبعاده (على ساحل البحر) أي: شاطئه، من سحله قَشَره قال ابن دُريد: هو على القلب، لأن الماء قشره (فكلموهم فحملوهما) جَمَعَ الضمير أولًا باعتبار العدد، فإنهم كانوا ثلاثة نَفَرٍ، وثَنى ثانيًا لأن يوشع تابع وخادمٌ لموسى.
(فعُرف الخضر) لأنه كان مقيمًا يعرفونه بالصلاح (فجاء عُصفور) بضم العين، قيل: كان صردًا (فوقع على حَرف السفينة) أي: على طرفٍ منه (ما نَقَص علمي وعلمُك من علم
اللَّهِ إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا العُصْفُورِ فِي البَحْرِ، فَعَمَدَ الخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ، فَنَزَعَهُ، فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا؟ قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ قَالَ: لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا - فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا -، فَانْطَلَقَا، فَإِذَا غُلَامٌ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الخَضِرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلَاهُ فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ؟
ــ
الله إلا كنقرة هذا العصفور من هذا البحر).
فإن قلتَ: ما فائدة هذا الخبر إذ موسى كان عالمًا به أيضًا؟ قلتُ: أراد به لازمَ الخبر وهو إعلام موسى بعلمه، أو أراد الإشارة إلى عِظم علم الله، وهو نوعٌ من الذكر وملاحظة جلال الله تعالى.
فإن قلت: نسبةُ النقرة إلى البحر نسبة المتناهي إلى المتناهي، ونسبةُ علمهم إلى علمه تعالى نسبةُ المتناهي إلى غير المتناهي. وأيضًا: النقص في علمه مستحيل؟ قلتُ: هذا الكلام ليس على ظاهره بل نوع تقريب إلى الفهم، إذ لا يوجد أعظم من البحر، ولا أقل من نقرة العصفور، فلا تشبيه حقيقةً، ولا نقص هناك وقيل: أراد بالعلم المعلومَ، وهذا لا يدفع الإشكال؛ لأن معلوماته تعالى أيضًا غير متناهية. وقيل: هو من قبيل قول الشاعر:
ولا عيبَ فيهم غيرَ أن سيوفهم
…
بهن فلولٌ من قراع الكتائب
أي: لو كان يمكن النقص في علمه تعالى، لكان مثل هذه النقرة من البحر، وهذا معنى حَسَنٌ، إلا أنَّه بعيدٌ عن هذا الأسلوب، وأحسنُ ما يقال: إن النقص أُريدَ به الأخذ مجازًا إطلاقًا للمسبب على السبب. ومحصله: أخذي وأخذُك من علم الله يُشبهُ نُقرةَ العصفور في القلة.
(فقال موسى: قومٌ حملونا بعْير نوْلٍ) -بفتح النون وسكون الواو- أي: من غير أُجرة، وأصلُ النول العطاءُ (عمدتَ إلى سفينتهم) -بفتح الميم- أي: قصدتَ (لتغرق أهلها) اللام للعاقبة لا للغرض؛ إذ يبعُدُ منه قصدُ ذلك، وفي بعضها: فلتغرق، فالفاء للتأكيد ({وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: 73])، أي: لا تُحَملني المشقةَ في باب التعلم؛ فإن النسيان لا يؤاخذ به (فإذا غلامٌ مع الغلمان، فأخذ الخضر برأسه من أعلاه فاقتلعه).
قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ - قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَهَذَا أَوْكَدُ - فَانْطَلَقَا، حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ، قَالَ الخَضِرُ: بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا، قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ " قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا» .
ــ
فإن قلت: سيأتي أنه أضجعه وذبحه بالسكين؟ قلتُ: لا منافاة ذَبَحَهُ، فلما بَلَغ آخر الذبح اقتلعه عند العلامة.
({قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)} [الكهف: 75] قال ابن عُيينة) هو سفيان (وهذا أوكدُ) لأنه زاد فيه: لك. بخلاف الأول، فإنه اقتصر على:"إنك" ويجوزُ أن يكون هذا إشارةً إلى كلام موسى والخضر معًا؛ لأن موسى صَرَّح بالنكر هنا بخلاف الأول، فإنه لم يصرح بالنكر فيه.
({فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77]). أي: مائلًا إلى السقوط، عَبّر عنه بالإرادة لوجود الميل فيهما (قال الخضر بيده فأقامه) أي: أشار إليه من غير مَسّ، واستعمال: قال، في الإشارة مجازٌ، لاشتمال كل منهما على الدلالة.
({قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78]) البَيْنُ من الأضداد، يطلق على الوصل والفصل والمراد الأولُ، أي: هذا أوَان قطع الوصل لأنك قلت: {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الكهف: 76](قال النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم اللهُ موسى لوددنا لو صَبَرَ) لو للتمني حيث دخلت على الوداد.
فإن قلت: هل في الحديث دلالةٌ على عدم [وجود] الخضر في الدنيا حيًّا؟ قلتُ: لا دلالة في الآية والحديث لا على الوجود ولا على العدم. وأما قوله: "لوددنا لو صَبَرَ". إنما هو لتمني ما كان يجري بينهما من ظهور الحكم والغريب.
واعلم أنما جرى بين موسى والخضر ليس من حيث إن موسى كان محتاجًا في تكميل الشريعة الذي بعث بها إلى الخضر، بل كان ذلك من الاطلاع على حكم الله، فإن الخضر كان مخصوصًا به. وأما موسى فهو من أولي العزم من الرسل. والخضر في نبوته خلافٌ،