الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَىَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنِ الْمِيرَاثُ إِنَّمَا يَرِثُنِى كَلَالَةٌ. فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ. أطرافه 4577، 5651، 5664، 5676، 6723، 6743، 7309
47 - باب الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ فِي الْمِخْضَبِ وَالْقَدَحِ وَالْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ
195 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ
ــ
مريضٌ لا أعقل) هذا موضع الدلالة على الترجمة (فتوضأ وصَبَّ عليَّ من وَضُوئه) أي: من المستعمل، لأن التبرك إنما يكون بما وصل إلى أعضائه الشريفة.
(إنَّما يرثني كلالة) قال صاحبُ "الكشاف": الكلالةُ هي القرابة التي لا تكون من جهة الفروع والأصول، وتطلق على الوارث الذي لا يكون كذلك، وعلى المُوَروث الذي هو شأنه. واشتقاقها من الكَلّ وهو الثقل؛ لأن القرابة من الحواشي تثقل على الإنسان، أو من الكلال وهو الإعياء؛ لأنها لما كانت من الجوانب فكأنها كقت فلم تصل، أو من الكلل -بفتح الكاف واللام- وهو الإحاطة، لأنها لما كانت من الجوانب، فكانها أحاطت بالمورث (فنزلت آيةُ الفرائض) هي قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ} [النساء: 11] رواه البخاري عن جابر في تفسير سورة النساء. وأما قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] فليست بآية الفرائض.
فإن قلتَ: كيف طابق سؤال جابر عن الكلالة: يوصيكم الله؟ قلتُ: لاشتماله على ذكر الكلالة مع سائر الفرائض.
ومن فوائد الحديث: استحبابُ عيادة المريض والاستتشفاء بآثار الصالحين. قيل: وفيه بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيل كل علة. قلتُ: كل علة في الدين والأكثر في غيره.
باب: الغُسْل والوضوء في المِخْضَب والقَدَح والخَشَب والحجارة
195 -
(عبد الله بن منير) بضم الميم وكسر النون (حُميد) -بضم الحاء على وزن المصغر- ابن أبي حميد الطويل. قيل: كان قصيرًا وطولُهُ كان في يديه. وقيل: كان له جار قصير فميّزوه عنه بالطويل.
أَنَسٍ قَالَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ إِلَى أَهْلِهِ، وَبَقِىَ قَوْمٌ، فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ. قُلْنَا كَمْ كُنْتُمْ قَالَ ثَمَانِينَ وَزِيَادَةً.
196 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ وَمَجَّ فِيهِ.
197 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ فَتَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِهِ وَأَدْبَرَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ.
ــ
(فأُتي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمخضب من حجارة) المِخضب بكسر الميم وضاد معجمة، قال الجوهري: هو المركن. وقال ابن الأثير: هو شبه الإجانة يغسل فيه الثياب فإطلاقه على القدح كما في هذا الحديث من قبيل الاستعارة، أو يكون لفظًا مشتركًا لم يذكره الجوهري وابن الأثير (قلنا: كم كنتُم؟ قال: ثمانين وزيادة).
فإن قلت: سيأتي في علامات النبوة من رواية أنس أن القوم كانوا ثلاثمائة؟ قلتُ: قد سَبَقَ منا الكلام على أن هذا واقع مرارًا على أن الزيادة على الثمانين يمكن أن تبلغ ثلاثمائة.
196 -
(محمد بن العلاء) بفتح العين والمدُ (أبو أسامة) -بضم الهمزة- حماد بن أسامة (عن بريد) بضم الباء على وزن المصغر (عن أبي بُردة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى (أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بقَدَح فيه ماءٌ فغَسَل وجهه ويديه فيه ومجَّ فيه) تقدم في باب استعمال فضل وضوء الناس (2) أنه أعطى ذلك الماء الذي أتوضأ ومجَّ فيه] لأبي موسى وبلال. وقال: "اشربا وأفرغا على وجوهكما ونحوركما".
197 -
(عن عبد الله بن زيد) هو زيد بن عاصم (أتانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أخرجنا له ماءً في تَوْرٍ من صُفْرَ) بالتاء المثناة فوق. قال ابن الأثير: هو كالإجانة، وإنما ذكره في الباب وإن لم يترجم عليه، لأنه مرادف المخضب.
198 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِى، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ فِي الأَرْضِ بَيْنَ عَبَّاسٍ وَرَجُلٍ آخَرَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَتَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ قُلْتُ لَا. قَالَ هُوَ عَلِىٌّ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها -
ــ
والصُّفْر -بضم الصاد- قال الجوهري: هو الذي تتخذ منه الأواني. وقال أبو عبيدة: يقال بالكسر. وإنما ذكره وإن لم يترجم عليه، لأن أصله نوعٌ من الحجر. وتقدم الحديث بشرحه في باب مسح الرأس مرةً.
198 -
(أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (عُبيد الله بن عبد الله) الأول مصغر، والثاني: مكبر (لما ثَقُل رسول الله صلى الله عليه وسلم -بفتح الثاء وضم القاف- أي: عن الحركة والقيام (استأذَن أزواجَهُ في أن يُمَرَّضَ في بيتي) قيل: لم يكن استئذانه صريحًا بل تعريضًا لما سيأتي أنه كان يقول: "أين أنا اليوم، أين أنا غدًا" فلما فهمت أزواجه غرضه أَذنّ له. وفيه منقبة لعائشة. وسيأتي أنه انتقل إلى جوار الله في نوبتها (فأذن له) -بتشديد النون- فيه ضمير الأزواج.
(تخط رجلاه في الأرض) لعدم قدرته على رفعهما (فأخبرت ابن عباس. فقال: أتدري من الرجل الآخر؟ قلتُ: لا. قال: هو علي) قال النووي: جاء في رواية مسلم: خَرَج ويدٌ لَهُ على الفضل بن عباس، ويدٌ له على رجل. وفي غير مسلم: بين رجلين أحدهما: أسامة بن زيد. ووجهُ الجمع أنهم كانوا يتناوبون إحدى يديه، وعباس كان أكثرهم ملازمةً أو خصوصًا لإحدى يديه الكريمتين، وكذا يقول غير النووي. وهذا تكلفٌ منهم، وابن عباس أعرفُ الناس.
تُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَعْدَ مَا دَخَلَ بَيْتَهُ وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ «هَرِيقُوا عَلَىَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ، لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّى أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ» . وَأُجْلِسَ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ تِلْكَ حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ. أطرافه 664، 665، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303
ــ
وقوله: هل سَمّت لك الرجل الآخر صريح في تعين علي، وإنما لم تُسَمّه لِما كان بينهما من نوع منافرة. كما دلت عليه الأحاديث الظاهرة في ذلك، وقضية الجمل أعدل شاهد، وأما رواية مسلم أن أحدهما كان أسامة، وفي الرواية الأخرى: الفضل بن عباس بدل أسامة، فالوجهُ فيه أن مرضه كان أيامًا فيحمل على التعدّد.
(قال بعدما دَخَل بيتَهُ واشتدّ به وَجَعُهُ: هَريقوا عليَّ) -بفتح الهاء- أي: أريقوا. والهاء بدل من الهمزة. ويروى: أهريقوا بالجمع مع الهمزة والياء. قاق الجوهري: يقال هَرَاق الماء يهريقُ -بفتح الهاء- أصله أراقَ. وفيه لغة أخرى: أهرَقَ إهراقًا. قال سيبويه: أبدلوا من الهمزة الهاء، فلزمت فصارت كأنها حرف أصلي، فأدخلت عليها الهمزة قال: وفيه لغة أخرى: أهراق بألف بعد الراء، وهي لغة شاذة، كأسطاع بفتح الهمزة في الماضي، يُسطيع بضم الياء في المضارع لغة، فجعلوا السين عوضًا في أطاع عن ذهاب حركة عين الفعل. فسقط ما قاله السقاقي من أن الصواب: هريقوا، لأن في أهريقوا جمعًا بين البدل والمبدل منه.
(من سبع قِرَبٍ لم تُحْلَلْ أوكيتهُنّ) جمع وكاء وهو نحو الخيط يربط به فم القربة. قيل: فائدة هذا القيد كمالُ الطهارة لعدم تناول الأيدي. وعندي أنه أشار بذلك إلى كثرة الماء وعدم نقصان ما يسعهن، ألا ترى إلى ذكر السبع مع ذلك!.
(ثم طفقنا) أي: شرعنا (أن قد فعلتُن) أن مفسرة لقوله: يشير.
وفي الحديث دلالة على أن صَبّ الماء البارد على المريض نافع إذا كان المرض من الأمراض الحارة، فإنه كان به الحمّى المطبقة فداه أبي وأمي ومالي وما أمل.
فإن قلت: لم يذكر الخشب كما ترجم عليه؟ قلتُ: القدحُ في قضية أبي موسى ربما ثَبَتَ عنده أنه من الخشب.
فإن قلت: لِمَ لا يكون مخضب حفصة؟ قلتُ: لِما في رواية ابن عباس أنه كان من نحاس.