الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُقَالُ: الرَّبَّانِيُّ الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِصِغَارِ العِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ".
12 - بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ وَالعِلْمِ كَيْ لَا يَنْفِرُوا
68 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي
ــ
حُلماء باللام، وكأنه قدّمه لأن زينة العلم إنما تكون به (ويقال: الرَّباني الذي يُربي الناس بصغار العلم قبل كباره) فعلى هذا: النسبة فيه إلى الربّ. مصدر رَبَّ بمعنى التربية، وعلى الوجهين دلالته على فضل العلم ظاهرة.
فإن قلت: لم يورد في الباب حديثًا مسندًا؟ قلتُ: الآياتُ والأحاديث الدالة على فضل العلم في غاية الكثرة، فأورد بعض آياتٍ واكتفى بالأحاديث المعلقة اختصارًا.
وقال بعضُ الشارحين: فإن قلت: هذا كله هو الترجمة فأين ما هذه ترجمة؟ قلتُ: إما أنه أراد أن يلحق الأحاديث المناسبة فلم يتفق له، وإما أنه للإشعار بأنه لم يثبتْ عنده شيء بشرطه. هذا كلامه وخبطه ظاهر. أما الأول: فليس المذكور كلّه ترجمة الباب، كيف وقد استدلَّ على الترجمة بقوله: لقوله تعالى؟ بل إنما ترجم لقوله: العلم قبل القول والعمل، وقوله:"وإن العلماء ورثة الأنبياء" لا غير.
وأما ثانيًا فلأنه أورد في الباب تعليقًا قوله صلى الله عليه وسلم: "ليبلغ الشاهد الغائب" وقد رواه في الباب الذي قبله مسندًا، وكذا قوله:"من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" سيرويه عن قريب مسندًا عن سعيد بن عُفَير (2)، فكيف يصحّ أن يقال: لم يتفق له الأحاديث المناسبة، أو لم يجد على شرطه شيئًا؟.
باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا يَنْفِرُوا
68 -
التخول -بالخاء المعجمة- من الخول وهو الحفظ. قال الجوهري: فُلان خوّل على أهله، وهو خال مال، وخائل مال، وخولي. وقال ابن الأثير في "النهاية" قال أبو عمرو: الصواب بالحاء المهملة أي: يتطلب حال نشاطنا، قال: وكان الأصمعي كذا، قيل:
وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا» . [الحديث 68 - طرفاه في: 70 - 6411]
69 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا، وَلَا تُنَفِّرُوا» . [الحديث 69 - طرفه في: 6125]
ــ
قال شيخ الإسلام: والصوابُ: الثوري لأن محمد بن يوسف الفريابي، وإن كان يروي عن السفيانيين إلا أنه إذا أطلق يريد الثوري يرويه (يتخوننا) من الخيانة، والمعنى: كان يتجنب الخيانة في الموعظة، أي: لا يَعظهم إلا في حالة نشاطهم لئلا يفوتهم، قال شيخ الإسلام: والصواب رواية الأعمش بالخاء المعجمة واللام (سفيان) هو ابن عُيينة، فإن محمد بن يوسف عنه يروي (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، مخضرم، أدركَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، من كبار أصحاب ابن مسعود.
(كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة) قد تقدم أن الرواية بالخاء المعجمة، وأنه روي بالحاء المهملة. ويتخوننا من الخيانة، وأشرنا إلى معنى هذه الألفاظ (كراهةَ السآمة علينا) أي: المَلَالة. قال أبو العلاء المعري:
إذا سئمت مهنَّده يَمينٌ
…
لطول الحمل بدله شمالًا (1)
69 -
(محمد بن بشار) بالموحدة وتشديد المعجمة (أبو التَّياح) بالفوقانية والتحتانية المشددة (يزيد بن حُميد الضُبَعي) بضم الضاد وفتح الموحدة (يسّروا ولا تعسّروا) من التعسير ضد التيسير (وبشروا) من البشارة (ولا تنفروا) من التنفير. والمقابل وإن كان الإنذار لكن لما كان المراد من التنفير آثره عليه، وإنما جمع بين الشيء وضده، مبالغة في الموعظة، واستغراقًا للأزمنة، فإن النهي يدل على التكرار بخلاف الأمر عند المحققين، ونظير هذا ما تقدم في كتابِ الإيمان، من قوله:"الدين يسر"(2) والغرضُ أن الحكمة في وضع العبادات ملاحظة كبرياء الله، وعرض العبودية والافتقار، ومع الإكثار والتشديد يمل الإنسان وإذا مل عبادته كلا عبادة، بل عدمها أحسن، وأفضل من وجودها.