الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ». [الحديث 39 - أطرافه في 5673 - 6463، 7235].
31 - بَابٌ: الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] يَعْنِي صَلَاتَكُمْ عِنْدَ البَيْتِ.
ــ
الإفراد والتفريط (وقاربوا) غريب من معنى السداد (وأبشروا) أي: النَّاسَ بأن الدين يسير.
ولا تشددوا عليهم، فيوجب تنفيرهم أو صيروا أنتم ذوي بشارة بهذا الدين اليسر من الله تعالى. والأول هو الوجه الدال عليه سائر الأحاديث (واستعينوا) أي: في إكمال الفرائض.
(بالغَدْوة) -بفتح الغين- أي: بالعبادة في هذا الوقت، وهو من طلوع الفجر إلى طلوع الشَّمس (والروحة) هو ما بعد الزَّوال إلى الليل، وقد يستعمل مطلق الوقت كما في قوله:"من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى، فكأنما قَرَّب بَدَنَةً".
(وشيء من الدُّلْجة) -بضم الدال وفتحها- من الإدلاج بإسكان الدال. ومن الادّلاج بتشديد الدال، الأول هو السيرُ في أول الليل، والثاني هو السيرُ في آخره. وقد يُطلق الأولُ على مطلق السير قاله ابن الأثير في "النهاية" وأنشد لعلي بن أبي طالب:
اصبر على السير والإدلاج في السحر
…
وفي الرواح على الحاجات والبكر (2)
باب: الصَّلاة من الإيمان
أي: الصلاةُ جزءٌ من الإيمان. (وقول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]) بالرفع لما قدمنا مرارًا أنَّه دليل فلا يدخل تحت الترجمة، ولا يستقيم إلَّا على طريقة جر الجواب. استدل بالآية على أن الإيمان أطلق على الصَّلاة فيها، وهذا الاستدلالُ بناءً على أن الآية نزلتْ لما شكّوا في صلاة طائفةٍ ماتوا قبل أن تحوَّل القبلة (يعني صلاتكم) فهذا وجه الدلالة كما صرّح به في الحديث بعده (عند البيت) قيل: صوابه: إلى البيت. أي: إلى بيت المقدس قبل التحوّل.
40 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ المَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ، أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ «صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا صَلَاةَ العَصْرِ، وَصَلَّى
ــ
قلتُ: الصوابُ ما قاله البُخاريّ: عند البيت. فإن المراد به الكعبةُ الشريفة، علم لها بالغلبة. وغرضه: إنكم لما كنتم في مكّة وقبلتكم بيت المقدس الله لا يضيع ذلك وأنتم عند البيت، فإذا كنتم في المدينة مع البعد عن البيت من باب الأولى.
40 -
(عَمْرو بن خالد) بفتح العين في آخره واوٌ. ونَقَل القابسي عن أبي زيد المروزي عُمر. وهو وهمٌ؛ إذ ليس في شيوخ البُخاريّ عمر بن خالد عند أحدٍ من الأئمة. قال شيخ الإسلام: ولا يوجد في رجال الكتب الستة عمر بن خالد (زُهَير) بضم الزَّاي على وزن المصغر (أبو إسحاق) السَّبِيعي -بفتح السِّين وكسر الموحدة بعدها. والسَّبيعِ قبيلة من همدان، اسمه عمرو بن عبد الله، كثير الرّواية عن البراءِ. و (البَراءُ) -بفتح الباء والراء المخففة- هو ابن عازب، الصحابي المعروف الأوسي الأنصاري، يكنى أبا عمارة. أولُ مشاهدِهِ أحدٌ، وكان في غزوة بدر صغيرًا (كان أولَ ما قدم المدينهْ نَزَل على أجداده) انتصاب أولَ على أنَّه ظرف نزل، والأجداد هم الأنصار، لأنَّ هاشمًا تزوّج سلمى بنت زيد، وقيل: بنت عمرو بن زيد من ابني عدي بن النجار (وعلى أخواله) كلاهما صحيح؛ لأنَّ الأنصار بعضُهم أجدادٌ له من طرف الأم، وبعضهم أخوال، وذلك ظاهر. فلا مجاز لا في الأجداد ولا في الأخوال، لأنَّ كل واحد مستعمل في معناه الموضوع له لغةً.
(قِبل البيت) بكسر القاف أي: تلك الجهة. قال أبو زيد: وأصلُه المقابلة مع المعاينة.
(ستة عَشَر شهرًا أو سبعة عَشَر) الشَّك من البراء، وفي رواية مسلم: الجزمُ بالأول بدون الشَّك (وأنَّه أولَ صلاة صلاها صلاة العصر) بنصب أول على أنَّه مفعول مطلق لفعل مقدر، وقد جاء صريحُ الفعل في بعض الروايات. وصلاةَ العصر بالنصب بدل من الضمير، ويروى بالفتح على الخبرية. قال ابن مالك: الضمير في صلاها للقبلة أي: صلى إنهما.
مَعَهُ قَوْمٌ» فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيْتِ، وَكَانَتِ اليَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَأَهْلُ الكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ البَيْتِ، أَنْكَرُوا ذَلِكَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا: أَنَّهُ مَاتَ عَلَى القِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا، فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ
ــ
قلتُ: للصلاة، ولا ضرورة في الحذف، وإيصال الفعل على ما ذكره، والقبلة لا تحتاج إلى الذكر، فإن سياق الكلام وسباقه في شأنها.
(فخرَجَ رجلٌ ممن صَلَّى معه) قال النووي: هذا عَبَّاد بن بشر بن وقش. وقيل: هو عباد بن نهيك (على مسجد) ويروى أهل مسجد هو مسجد بني حارثة. وأول صلاة صلَاّها الظهر في بني سلمة. وأول صلاة صلاها في مسجده العصر. كذا قاله شيخ الإسلام. وسيروي عن ابن عمر أن الذي جاء أهلَ قباء جاءهم في صلاة الصبح (وهم راكعون) جملة حالية. أي: حين جاء الرجل مخبرًا كانوا في الركوع، أو أريد بالركوع الصَّلاة إطلاقًا لاسم الجزء على الكل. وهذا صريحٌ في أن ما يروى أن تحويل القبلة وقع ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصَّلاة ليس بسديد. وكذا ما يقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في مسجد بني سلمة وقد صلّى الظهر ركعتين، فتحوَّل إلى الميزاب، فداروا كما هم أي: على حالهم لم يستأنفوا الصَّلاة، وذلك المسجد إلى الآن يُسمى ذا القبلتين.
(أشهد بالله) قسمٌ مع المبالغة في الإشهاد بالله؛ لأنَّه بمثابة قسم آخر. وفيه دلالة على جواز الحَلف لتحقق المقام من غير منكر، وليس فيه نسخُ القطعي بالظني؛ لأنَّ الناسخ هو القرآن كما صرَّح به الراوي في بعض طرقه. والراوي مخبرٌ عن الواقعة.
وما يقال: إن هذا الخبر أفاد العلم لأنَّه محفوف بالقرائن ممَّا لا وجه له. أما أولًا فلأنّ هذا ليس خبر الرسول صلى الله عليه وسلم بل أخبر الراوي من عند نفسه عن فعل شاهدَهُ. وأمَّا ثانيًا فلأنّ وجود القرينة ممنوع فضلًا عن القرائن، وأي ضرورة في هذا الدعوى مع اتفاق الصّحابة على قبول خبر الواحد في الوقائع، وقد شاهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الأحكام مع الآحاد إلى الأطراف والملوك.
(وكان اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلِّي قِبَل بيت المقدس) لكونه موافقًا لهم في ذلك. وأهل الكتاب: عطف على اليهود عطف العام على الخاص. أو أُريدَ به النصارى بقرينة تقدم ذكر اليهود. وما يقال: إن النصارى لا يصلون إلى بيت المقدس فلا يَرِدُ؛ لأنهم يعظمون بيت