الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«دَعْهُ فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ» . [الحديث 24 - طرفه في: 6118].
17 - بَابٌ: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]
25 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ المُسْنَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ
ــ
والظاهر أنه كان يزجره عن الحياء كما يقوله العامة: إن الحياء يمنع الرزق. بدليل أنه قال له: (دَعْهُ فإن الحياء من الإيمان) أي: جزء من الإيمان الكامل. وقد روَى البخاري في أبواب الأدب أنه قال له: "إنك تستحي وقد اخترتك". وقد تقدم أن الحياء غريزةٌ في الإنسان تمنعه عن ارتكاب ما يلام عليه.
باب: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]
25 -
(عبد الله بن محمد) هو المسنَدي -بفتح النون- نسبةً إلى صنعته، فإنه كان يتتبع الحديث المسند (أبو رَوْح) بفتح الراء (الحرمي بن عمارة) ابن أبي حفصة. واسم أبي حفصة نابت -بالنون والباء الموحدة- قال بعضُ الشارحين: أبو رَوْح كنيتُه، واسمه نابت والحرمي نسبه وهذا خطأ من وجهين: الأول: جعل الاسم نسبة، والثاني: أن نابتًا -بالنون- اسم أبي حفصة (واقد) بالقاف وليس في رجال مسلم والبخاري وافد بالفاء (أُمرت [أن] أقاتل الناس) أي: بأن أقاتل. وهذا كثير في كلام العرب، يحذفون الجار عن أن وأنّ تخفيفًا. إذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرتُ. فالآمرُ هو اللهُ تعالى. فإذا قاله الصحابي فالآمرُ هو الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم الأمر حقيقةٌ في القول الجازم، وتفاريع مباحثه في علم الأصول (حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة) يريد فرائض الإسلام كلَها بدليل ما رواه مسلم عن أبي هريرة: "حتى يؤمنوا بما جئتُ به". وإنما خَصَّ الصلاةَ والزكاة بالذكر لشرفهما وكونهما أُمَّي سائر العبادات. والمراد بإقامة الصلاة: أداؤها مشتملةً على الأركان والواجبات.
وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ»
ــ
فإن قلتَ: ما حكم تاركهما؟ قلتُ: المنكر لوجوبهما كافرٌ، والتارك كسلًا يُقتَلُ حدًّا عند الشافعي، كالزاني المحصَن. وعن الإمام أحمد روايةٌ أنه يكفرُ لما رواه والترمذي وابن ماجه والنسائي عن بُرَيدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"العهدُ بيننا وبين الكفارِ الصلاةُ، فمن تركها فقد كفر". وحَمَله الجمهور على التغليظ.
فإن قلتَ: الحديث دلَّ على أن لا يُترَكَ الكافرُ على دينه بوجهٍ؟ وكذا الآية في الترجمة، فكيف أُخذتِ الجزيةُ من أهل الكتاب؟ قلتُ: إما أن يُحمل اللام في الناس على العهد وهم المشركون عبدةُ الأوثان، كما هو مقتضى الآية، فإنها فيهم نزلت. دلَّ عِليه السياقُ. وإمّا أنه عام خصّ منه البعض بقوله:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].
"إلا بحق الإسلام" كما إذا قتل ظلمًا، أو أتلف مالًا (وحسابُهم على الله).
فإن قلتَ: على: تدل [على] اللزوم والله تعالى [منزه] عن أن يجب عليه شيءٌ؟ قلتُ: ذلك اللزومُ مقتضى وعدِهِ الذي لا بُدّ من وقوعه.
فإن قلتَ: إذا كان هذا موجودًا في الحديث، فكيف اعترض عُمر على أبي بكر لمّا أراد قتال مانع الزكاة؟ أو كيف لم يردّ أبو بكر على عمر بهذا النص حتى قاس الزكاة على الصلاة؟ قلتُ: محمولٌ على أنهما لم يبلغهما هذه الزيادة.
فإن قلتَ: الذين منعوا الزكاة إما كانوا بُغاةَ أو أهلَ ردةِ، ولا يجوزُ سبيُ ذراريهم إجماعًا؟ قلتُ: قال النووي: هذا الإجماع انعقد بعد ذلك.
ومن فوائد الحديث أن الحُكمَ إنما يكون بحسب الظاهر، والله يتولّى السرائر.
ومنها: جواز مناظرة المفضول للفاضل إذا لم يَظْهر له وجهُ الصواب. ومنها: أن الإقرار شرطٌ في الإيمان إذا طُولب به الإنسان.
ومنها: وجوب قتال مانعي الزكاة إذا لم يقدر الإمام على الأخذ قهرًا. وهذا هو الفارق للشافعي في قتل تارك الصلاة دون مانع الزكاة. قيل: استدلالُهُ بهذا الحديث لا يتمّ؛ لأن المقاتلةَ لا تستلزم القتلَ، وهذا ليس بشيءٍ للاتفاق على أن مانع الزكاة لو لم يقدر على الأخذ