الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
53 - بَابُ ذِكْرِ العِلْمِ وَالفُتْيَا فِي المَسْجِدِ
133 -
حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا، قَامَ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُهِلُّ أَهْلُ المَدِينَةِ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّأْمِ مِنَ الجُحْفَةِ،
ــ
باب: ذكر العلم والفتيا في المسجد
تقدم مرارًا أن الفُتاء -بالضم- والفتوى -بالفتح- جواب الحادثة من الفتاء، وهو حداثة السن.
133 -
(قُتيبة بن سعيد) بضم القاف على وزن المصغر (أن رجلًا قام في المسجد) اللام فيه للعهد وهو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمعرفة المعادة ليست عينَ الأولى؛ لأن غرضَ البخاري الاستدلالُ بالحديث على الجواز في كل مسجد (فقال: يا رسول الله، من أين تأمرنا أن نُهِلَّ) -بضم النون وتشديد اللام- من الإهلال، وهو رفع الصوت، والمرادُ به الإحرامُ بالحج؛ لأنه سئل عن تعيين مواقيت الحج والإهلالُ من لوازم الإحرام عادة (يُهِلُّ أهلُ المدينة من ذي الحُلَيفة) بضم الحاء على وزن المصغر.
قال النووي: هو أبعدُ المواقيت من مكة، بينه وبين مكة عشرُ مراحل أو تسعة. ومن المدينة على ستة أميال. والمراد بأهل المدينة: من كان طريقه ذاك، سواء كان مقيمًا بالمدينة أو آفاقيا وكذا حكم سائر المواقيت مع المارّين بها.
(ويهل أهلُ الشام من الجُحفة) -بضم الجيم وسكون الحاء- كانت قرية تُسمى مَهْيعة -بفتح الميم وسكون الهاء- أجحف السيل بأهلها أي: ذهب، فَسُميت جحفة وهي الآن على طريق أهل مصر وهم لا يُحرِمون به، بل في محاذاته بمكانٍ يقال له: رابغ بالباء الموحدة وغين معجمة وكانت تلك القرية مسكنَ اليهود، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربَّه تعالى أن ينقل حُمَّى المدينة إليها، وكنتُ عام إحدى وأربعين وثمانمئةٍ حاجًا مع أهل مصر، فسألتُ بعض العارفين بتلك البقاع: لِمَ لم تحرموا بالجُحْفة، فذكر لي أنه من بات بها يحصل له الحمى من أثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ» وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَيُهِلُّ أَهْلُ اليَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لَمْ أَفْقَهْ هَذِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. [الحديث 133 - أطرافه في: 1522، 1525، 1527، 1528، 7334].
ــ
(ويُهل أهلُ نجد من قرن) النَجْدُ -بفتح النون وسكون الجيم- ما ارتفع من أرض الحجاز، وما انخفض فهو تهامة، وقرن بفتح القاف وسكون الراء ويقال له: قرن المنازل وقرن الثعالب، قاله ابنُ الأثير. بينه وبين مكة نحو من مرحلتين وغلط الجوهري فيه من وجهين: أحدهما: أنه قال بفتح الراء والثاني: قال: وإليه يُنسب أُويس القرني. وقرن -بفتح القاف والراء- قبيلة بيمن بطن من مراد باتفاق أهل الحديث، إليها ينسب أُويس (ويهلُ أهل اليمن من يَلَمْلَم) بفتح الياء واللام على وزن غَضَنْفَر ويقال: ألملم -بالهمزة موضع الياء- جبل من جبال تهامة على مرحلتين من مكة، واتفقت الرواياتُ على عدم تنوينه اعتبارًا للبقعة.
قال بعض الشارحين: فإن قلتَ: الواو في ويزعمون للعطف، فما المعطوف عليه؟ قلتُ: هو عطف على مقدّر، وهو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، ولا بُدّ من هذا، لأن الواو لا تدخل بين القول والمقول. هذا كلامُهُ. وهو سهوٌ ظاهر، لأن ويزعمون هو مقول قول ابن عمر، ولا مقول بعده حتى يقال مثل هذا بل هو مقول ابن عمر أي: الذي أقوله ما ذكرت.
(ويزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال غيره أيضًا): الزعمُ هنا بمعنى القول المحقق، لأن القائل صحابي فلا يجوزُ أن ينسبه ابن عمر إلى الزور والقول الباطل.
(وكان ابن عمر يقول: لم أفقه هذه) يقال: فقه -بالكسر يَفْقَهُ- بالفتح- إذا فهم، وفقُه -بالضم- إذا صار فقيهًا. قيل: إنما قال ابن عمر لم أفقه هذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، من غاية ورعه، وفيه سهو ظاهر لأن ابن عمر صرح في كتاب الحج بعدم السماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم.