الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ". [الحديث 29 - أطرافه في: 431،
748، 1052، 3202، 5197].
22 - بَابٌ: المَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ، وَلَا يُكَفَّرُ صَاحِبُهَا بِارْتِكَابِهَا إِلَّا بِالشِّرْكِ
لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ» وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48].
ــ
إن دهرًا يلف شملي بجمل
…
لزمان يهم بالإحسان
(ما رأيتَ منك خيرًا قطُّ) أي: لا قليلًا ولا كثيرًا. وقطُّ لاستغراق الزمان الماضي، وقد تقدم في حديث ورقة أن فيه ستَ لغاتٍ.
ومن فوائد الحديث: إطلاقُ الكفر على غير الكفر بالله، والترغيبُ في طاعة الأزواج، والتخويفُ من عذاب الله، وجوازُ مراجعة المتعلم العالم إذا لم يفهم المقصود من الكلام، وتحريمُ كُفران الحقوق، ولزوم شكر المنعم كائنًا من كان. وفي الحديث:"من لم يشكر الناسَ لم يشكر الله".
فإن قلتَ: ما وجهُ إيراد هذا في كتاب الإيمان؛ قلتُ: دلالة على أنه بكفران الحقوق لا يخرج عن الإيمان، وكذا قوله بعده: باب: المعاصي من أمر الجاهلية، وكذا قوله: باب ظلمٌ دون ظلم.
باب: المعاصي من أمر الجاهلية
قال ابنُ الأثير: الجاهليةُ ما كانت العربُ عليه قبل الإسلام. من الجهل بالله والشرائع والفخرِ بالأنساب.
(لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنك امرؤٌ فيكَ جاهلية) قال لأبي ذر كما رواه في الباب بعدُ.
30 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ، عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ،
ــ
30 -
(سليمان بن حرب) ضدّ الصلحِ (عن واصل الأحدب) الأسدي الكوفي (عن المعرور) بالعين المهملة (لقيتُ أبا ذَرٍّ بالرَّبَذَة). اسمه: جُنْدب. يكنى أبا جُنَادة غفاري. والغفار بكسر الغين بطنٌ من كنانة، مناقبه لا تُعدُّ. من السابقين إلى الإسلام. رَوَى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما أظلّت الخضراءُ ولا أقلّت الغبراءُ من ذي لهجةٍ أصدقَ من أبي ذر يشبه عيسى بن مريم". والرَّبَذة: -بفتح الراء والباء الموحدة والذال المعجمة- قريةٌ على ثلاث مراحل من المدينة، سَكَنها أبو ذر، وكان سَكَن الشام، فوقع بينه وبين معاوية نزاعٌ في مسألةٍ، فشكاه إلى عثمان، فأَقْدَمَهُ عثمانُ وأمره بالاعتزال عن الناس؛ لأنه لم يكن يُداري أحدًا.
(عليه حُلَّةٌ وعلى غلامه حُلَّةٌ) الحُلة: عبارةٌ عن ثوبين من جنس واحد، فإذا لم يكونا كذلك لا تُسمى حُلَّةً (فسألتَهُ عن ذلك) أي: عن سبب مساواته غلامَهُ في اللبس، وهو خلافُ المتعارف. فقال:(إني ساببْتُ رجلًا) أي: شتمتُهُ وشتمني. والرجلُ: بلالٌ مؤذنُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. قيل: قال له: يا ابن السوداء (أَعَيَّرْتَهُ بأمّه) فيه ردٌّ على الجوهري وابنِ قُتيبة في إنكارهما استعمال عير بالباء. قال الجوهري: يقال له: عيره كذا والعامة تقول بكذا (إنك امرؤ فيكَ جاهلية) وذلك لما قدمنا أن الافتخار بالأنساب كان دأب العرب (إخوانكم) خَوَلكم أصلُ الكلام: خَوَلكم إخوانُكم؛ لأن الخَوَل هم الخدم، فأراد إلحاقَهم بالإخوان. وإنما قَلَبَ التركيب مبالغة، كأنهم صاروا في ذلك أصلًا يلحق بهم. الإخوان: لفظ يطلق على المفرد وما فوقه. وقيل: جمع خايل (فليطعمه مما يأكل وليُلْبِسْهُ مما يلبس) غيّر الأسلوب في الكسوة، فإن الإطعام يجوزُ أن يكون بلقمة أو لقمتين، ولا يتأتى ذلك في