الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 - باب إِقْبَالِ الْمَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ
وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ فَتَقُولُ لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَةِ. وَبَلَغَ ابْنَةَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ نِسَاءً يَدْعُونَ بِالْمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرْنَ إِلَى الطُّهْرِ فَقَالَتْ مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا. وَعَابَتْ عَلَيْهِنَّ.
ــ
باب: إقبال الحيض وإدباره
(وكن نساء يبعثُنَ إلى عائشة بالدُّرْجَة فيها الكرسف فتقول: لا تعجلن حتى نرين القصة البيضاء) هذا التعليق أسنده مالك في الموطأ. ولفظ نساء روي مرفوعًا على البدلية من نون الجمع كما في: أكلوني البراغيثُ. ويروى منصوبًا على الاختصاص. وهو قليل في النكرة.
والدِّرَجة -بكسر الدال وفتح الراء- قفة صغيرة تجعل فيها النساء ما خفّ من متاعهن، جمع دُرج -بضم الدال- ويروى ما في الحديث -بضم الدال بلا تاء- وهو شيء يدرج أي: يلف مثل الخرقة، والكوسف -بضم الكاف وسكون الراء- القطن. والقَصَّة -بفتح القاف وتشديد الصاد- الجص. قال الجوهري: وهي لغة الحجاز، الكلام من التشبيه البليغ بحذف الأداة، أي: القطنة والخرقة التي تكون على الفرج بيضاء مثل الجص، وقيل: أرادت شيئًا يخرج من فرج المرأة بعد انقطاع الحيض مثل الخيط.
(وبلغ ابنة زيد بن ثابت أن نساء يدعون بالمصابيح من جوف الليل ينظرن إلى الطهر. فقالت: ما كان النساء يفعلن ذلك، وعابت عليهن) زيد بن ثابت الأنصاري كاتب الوحي رضي الله عنه، وكانت له بنات أم سعد وأم إسحاق وحسنة وعمرة وأم كلثوم وأم حسن وقريبة وأم محمد، والأشبه أن هذه أم سعد ذكرها ابن عبد البر في "الاستيعاب" من الصحابيات.
فإن قلت: قد تقدم أن النساء كن يبعثن بالليل إلى عائشة، فكيف يصح قولها: إن النساء ما كن يفعلن؟ قلت: أرادت الفقيهات من النساء.
فإن قلت: هذا كان غاية الديانة منهن، فكيف عابت عليهن؟ قلت: مثله تشديد وغلو وفي الدين اليسر، مثله ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين أرادوا الوصال، والذين أرادوا صوم الدهر.
320 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِى حُبَيْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَسَأَلَتِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِى الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِى وَصَلِّى» .
ــ
320 -
(عبد الله بن محمد) هو المسندي (سفيان) هو ابن عيينة.
(إن فاطمة بنت أبي حبيش) -بضم الحاء على وزن المصغر- واسمه قيس بن المطلب بن أسد بن عبد العزى (إذا أقبلت الحيضة) -بفتح النون- من الحيض، والكسر وهي الحالة من الحيض، وحديثها سلف مع شرحه في باب الاستحاضة، ونبهنا على أنها كانت ذات عادة وهو المراد من قوله:(إذا أدبرت) أي: أيام العادة.
باب: لا تقضي الحائض الصلاة
القضاء عند الفقهاء: استدراك ما انعقد سبب وجوبه في الجملة، ووجوبه سبب جديد عند الشافعي، وبما وجب به الأداء عند أبي حنيفة.
(وقال جابر وأبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: تدع الصلاة) حديث جابر لم يقع في البخاري مسندًا، وقد رواه مسلم مسندًا عن ابن عمر. وحديثُ أبي سعيد سلف في باب الاستحاضة مسندًا.
فإن قلت: ليس في حديث جابر وأبي سعيد إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَها بترك الصلاة في حالة الحيض. والكلام إنما هو في عدم القضاء؟ قلت: أجاب بعضُهم بأن قوله: تدع الصلاةَ. مكان يشمل الأداء والقضاء. وليس بشيءٍ؛ لأنه قيد بالأداء بقوله: "أليس إذا حاضت لم تُصل". وقيل: أشار بقوله: تدع الصلاة، إلى الترك حالة الحيض، وبحديث عائشة بعده إلى عدم القضاء. وهذا أيضًا مستدرك، لأنه سبق مرارًا أن حالة الحيض لا صلاة فيها.
والصوابُ أن معنى قولهما: تدع الصلاة، أي: أداء وقضاءً؛ لأنه ذكره في معرض نقصان دينها، والآتي بالقضاء لما فاته بعذر لا يوصف بنقصان الدين.