الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - كتاب الحيض
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ} [البقرة: 222]- إِلَى قَوْلِهِ - {وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].
ــ
كتاب الحيض
وقول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]
قال ابن الأثير: المحيض يطلق بمعنى المصدر والزمان والمكان، ويطلق على الدم.
قيل: المحيض الأول هو الدم. وأما الثاني فقيل: هو الدم أيضًا. وقيل: زمن الحيض. وقيل: الفرج. والأول هو الأصَح. قلتُ: الأصحّ أن المراد زمن الحيض فيهما، وذلك أن اليهود كانوا لا يؤاكلون النساء في أيام الحيض وكذا كان أهل الجاهلية والمجوس، وكان النصارى يجامعون في زمن الحيض، فسأل الناسُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فنزلت، على أن المحرم لو كان الدم لزم جواز الإتيان في أوقات انقطاع الدم، وما ذكرنا جارٍ على قانون البلاغة من أن المعرفة المعادة عين الأولى.
فإن قلت: الضمير في {هُوَ أَذًى} للدم قطعًا؟ قلتُ: كذلك، ولا
…
إذ المعنى أن ذلك أذىً فلا تقربوا النساء في زمن ذلك المرض.
فإن قلت: ما الذي يجبُ الاجتناب عنه؟ قلت: الفَرْجُ لما روى مسلم عن أنس: "اصنعوا كل شيءٍ إلا النكاح" إلا أن الشافعي قال بحرمة التمتع بما بين السيرة والركبة، لأن من رَعَى حول الحِمَى يوشك أن يواقعه.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ أَوَّلُ مَا أُرْسِلَ الْحَيْضُ عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ، وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرُ.
294 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ خَرَجْنَا لَا نَرَى إِلَاّ الْحَجَّ،
ــ
باب: كيف كان بدء الحيض
(وقول النبي صلى الله عليه وسلم: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم) برفع قولُ لأنه مبتدأ خبره محذوف، أي: دليل على البدء، وهذا حديث مسندٌ عند البخاري إلا أنه ذكره تعليقًا، لأنه كافٍ في مقصوده، وبنات آدم شاملة لبناته الصلبية وغيرها كبني هاشم، هذا هو العرفُ العام الذي لا يخالف فيه أحد فهي حقيقة عرفية، فلا يرد ما إذا أوصى لبنات زيد، فإنه يختص بالصلبيات.
والمراد بكتبه على بنات آدم وجوده فيهن في الجملة، كبنو فلان يركبون الخيل، لأن كثيرًا من النساء لا ترى الحيض، وقال بعضُهم: كان أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل.
(قال أبو عبد الله: وحديث النبي صلى الله عليه وسلم أكثر) -بالثاء المثلثة- أي أعمّ وأشمل. ويروى بالباء الموحدة أي: أعلى وأجلّ من ذلك القول. ومن قال: لا مخالفة بين القولين، لأن نساء بني إسرائيل من بنات آدم، فقد ذهل عن لفظ الأول.
فإن قلت: حديث نساء بني إسرائيل حديثٌ رواه عبد الرزاق. وقال شيخ الإسلام: حديث صحيح فكيف قال البخاري: حديث النبي أكثر؟ قلت: لم يصح عنده.
فإن قلت: إذا صح الحديثان؟ قلتُ: يكون بنات عامًّا مخصوصًا.
294 -
(سفيان) هو ابن عُيينة (القاسم) هو ابن محمد بن أبي بكر.
(خرجنا لا نرى إلا الحج) أي: لا نعرف في ذلك السفر إلا الحج؛ وذلك لما سيأتي
فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِى قَالَ «مَا لَكِ أَنُفِسْتِ» . قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِى مَا يَقْضِى الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِى بِالْبَيْتِ» . قَالَتْ وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ. أطرافه 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650،
ــ
من أن الناس كانوا يرون العمرةَ في أشهر الحج من أفجر الفجور (فلما كنت بسَرِف) -بفتح المهملة وكسر الراء- موضع بين مكة والمدينة منه إلى مكة قدر عشرة أميال تقريبًا. يجوزُ صرفُهُ باعتبار المكان، وعدم صرفه باعتبار البقعة، وهذا أشهر (مالك نفِست؟) -بفتح النون وكسر الفاء وبضم النون أيضًا- في الحيض والنفاس إلا أن الفتح في الحيض أشهر، والضم في النفاس.
(هذا أمرٌ كتبه اللهُ على بنات بني آدم) أي: شيء كما في الترجمة. وسيأتي في كتاب الحج: "إنك من بنات كتب الله عليك ما كتب عليهن"(فاقضي) أي: افعل (ما يقضي الحاج) أي: يفعله. القضاء لغةً: إتمام الشيء. قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200] وتخصيصه باستدراك ما خَرَج من الوقت عرف الفقهاء.
(غير أن لا تطوفي بالبيت) أن ناصبة، ولا: زائدة. ويحتمل أن تكون مخففةً من المثقلة ولا: ناهية. والجملة الإنشائية مفسرة لضمير الشأن (وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر) قيل: كان الهدي تبرعًا. وإنما صار إلى هذا مَنْ قال به، لأن الواجب لا بد فيه من الإذن، والأظهر حمله على أنه أستاذنهنّ.
فإن قلتَ: سيأتي في كتاب الحج أن عائشة قالت: دخل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت: ما هذا؟ فقيل: ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه رضوان الله تعالى عليهنّ؟ قلت: لا دلالة فيه على عدم الإذن، لأنها لما رأت اللحم سألت فأجيبتْ، ولا دليل لمالك فيه على أن البقر أفضلُ من البدنة، لأنه أمر خبري، وحديث الساعة الأولى يوم الجمعة، دلَّ على خلافه صريحًا.