الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ» [الحديث 17 - طرفه في: 3784].
11 - باب
18 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رضي الله عنه وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ العَقَبَةِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: «بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ،
ــ
وإظهار الإيمان، ومن عَرَفَ سابقةَ الأنصار في الإسلام، وثناءَ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عليهم ثم أبغَضَهم، لا شك أنه منافقٌ شرُّ الكَفَرة، كما أن مَنْ أحبَّهم من تلك الحيثية من خيار البَرَرة.
بابٌ
كذا وَقَع من غير ترجمة. وله من هذا النمط في هذا الكتاب مواضعُ، وتارةً يترجم الباب، ولا يورد فيه حديثًا، وسبب ذلك أنه وضَعَ أولًا الأبوابَ، ثم أردفَها بالتراجم، ثم أورد الأحاديث الملائمة للباب، فربما لم يتفق له ترجمةٌ، أو ترجَمَ ولم يتفقْ له الحديثُ المناسب. وقيل: يفعل ذلك لأن المذكور بعده مناسب للباب قبله، فالباب بمثابة الفصل للباب قبله.
18 -
(أبو اليَمَان): هو الحكم بن نافع (عائذ الله) لَقَب أبي إدريسِ الخَوْلاني التابعي الجليل المعروف بالزهد والورع، كان قاضيًا لمعاوية بالشام بعد أبي الدرداء (أنّ عُبَادة بن الصامت) -بضم العين وتخفيف الباء- أبو الوليد الأنصاري الخزرجي.
(بايعوني) استعارةٌ تبعية، شبّه إعطاءَهم الانقياد لأحكامه ومقابلته ذلك بالجنة ورضوان الله بالمبايعة التي هي مُبادلةُ المال بالمال على التأبيد.
(ولا تأتوا ببُهتان تَفترونه بين أيديكم وأرجلكم).
فإن قلتَ: ما البُهْتَان؟ قلتُ: افتراء الكذب على بريء بحيث يبهته ويحيره.
وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ» فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ.
ــ
فإن قلتَ: فذلك يكون باللسان، فأي فائدة لوصفه بقوله: بين أيديكم وأرجلكم؟ قلتُ: اللسان ترجمان القلب. أشار إلى أنكم تحيرونه بقلوبكم التي بين أيديكم وأرجلكم. وقيل: إنما ذكَرَ الأيدي والأرجُلَ لأن أكثرَ الأعمال تُزاوَلُ بهما. وليس بشيءٍ؛ لأن ذلك إنما يقال في أمورٍ يكون لليد والرجل تأثيرٌ في أكثرها كقوله تعالى: {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} [آل عمران: 182]{فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] إذ ليس العقابُ على جناية اليد وحدها. وكذا ما يقال معناه: لا تَفْتَروا على من بين يديكم حاضرًا لعدم دلالة الكلام عليه مع إخلاله بغرض الشارع، إذ ليس هذا الحكم مخصوصًا بالحاضر، بل الافتراء على الغائب أشدّ جُرْمًا.
فإن قلتَ: الافتراءُ هو عين البهتان، فما فائدة الجمع بينهما؟ قلتُ: الافتراء من الفَرْي وهو القطع، أشار به إلى أنهم يقطعون من عند أنفسهم.
(ولا تعصوا في معروف) أي: فيما عرف من الشرع سواء كان مأمورًا به أو منهيًا عنه. أجْمَلَ في القول بعدما فَضَل بعضَ أمهات الخبائث التي كانت العربُ مَوسُومين بها، ولذلك خَصَّ القَتْلَ بالأولاد، لأنه كان دأبَهم خشيةَ الإملاق (ومن أصاب من ذلك شيئًا ثم ستره الله فهو إلى الله) أي: جزاؤه. وقد فَسَّره بقوله: (إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه) فيه دليلٌ لأهل الحق في أن أصحاب الكبائر في مشيئة الله تعالى يجوزُ العفو عنهم بل هو الراجحُ، ولذلك قدِّم العفوَ على العقاب.
فإن قلتَ: ذلك إشارة إلى المذكور قبله، وفيه الشرك؟ قلتُ: العفوُ عن الشرك أخرجه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] وما يقال: إن المراد بالشرك في الحديث: الشرك الخفي وهو الرياء فلا يُعوَّل عليه.
فإن قلتَ: لا تَعْصُوا في معروف دَخَل فيه أكلُ مال الغير وقتله ظلمًا، وقد أجمعُوا على أن ظلم العباد لا بُدّ من أدائه؟ قلتُ: معنى ذلك الإجماع بأن حق العباد لا بُدّ له من الأداء، ولا يلزم أن يكون ذلك بعقاب الظالم، بل إما أن يُؤخذ من حسناته، وإما أن يُرضي اللهُ خَصْمَه من خزائن فضله. هكذا يجب أن يُفهم هذا المقام، فإنه صريحُ معنى الحديث،