الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ، حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ لَا يَسْخَطُهُ أَحَدٌ". [الحديث 51 - أطرافه في: 2681 - 2804 - 2941 - 2978 - 3174 - 4553]
40 - بَابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ
52 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ،
ــ
وهنا بهَلْ موضع الهمزة، ولا ضَرَرَ في ذلك، فإن كلًّا منهما تستعمل للتصديق.
فإن قلتَ: هل يجوزُ حملُها على المنقطعة؟ قلتُ: لا لأنها للإضراب ولا وجه له؛ لأنَّ هرقل بصدد الاستعلام وشرحِ الحال. قال النووي في الاستدلال بقول هرقل فيه إشكال؛ لأنَّه كافر لا اعتبار بقوله. ثم قال: وقد يقال: إن هذا الحديثَ تداولته الصّحابة ولم ينكروه. وقال بعض الشارحين: لا إشكال فيه، أما أولًا: فلأنه اختلف في إيمانه، وأمَّا ثانيًا: فلأن هذا ليس أمرًا شرعيًّا، بل محاورة. قلتُ: أما قوله: إيمانُهُ مختلَفٌ فيه. فليس كذلك؛ إذ لم يحكم أحدٌ بإيمانه، بل آخر كلامه تقريرُ النصارى على دينهم كما تقدَّم في أول الكتاب. وأمَّا قوله: ليس هذا أمرًا شرعيًّا. فليس كذلك، لأنَّ كلامه في أحوال النبوة والإيمان، واستحسنه كل من سمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه كان بحضرة رسوله الذي أرسله بالكتاب.
(وكذلك الإيمانُ حين تخالط بشاشتُه القلوبَ لا يَسْخَطُهُ أحدٌ) البَشَاسْة -بفتح الباء- قال ابنُ الأثير: هو الفرح بالشيء والأُنْسُ به. مرفوعٌ على الفاعلية. ورُوي بشاشةَ بالنصب بدون الهاء على أن الفاعل ضمير الإيمان.
باب: من استبرأ لدينه
أي: طلب البُرْءَ. قال ابنُ الأثير: بَرَأَ بفتح الراء والمصدر منه: بَرَأ بالفتح أيضًا، وأهلُ الحجاز يقولون: بَرِئ بالكسر، والمصدر بُرْءًا بالضم. وأصلُ الكلمة الخلوص والشفاء، ومنه برء المريض، وغرض البُخاريّ من وضع هذا الباب أن الورع أصلٌ عظيم في الإيمان وكماله.
52 -
(أبو نُعَيم) -بضم النون على وزن المصغر- هو الفضل بن دُكَين (رْكريا) بالمد والقصر قُرئ بهما في السبع (النُعمان بن بشير) -بضم النون- في الأول، وفتح الباء في
يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " الحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ". [الحديث 52 - طرفه في: 2051]
ــ
الثَّاني الأنصاري الخزرجي، الصحابي ابن الصحابي ابن الصحابية، أول مولود من الأنصار بعد قُدُوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة.
(سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الحلالُ بَيّن والحرامُ بَيّن) وهو الذي دَلَّ عليه نصٌّ أو إجماعٌ أو قياس جلي (وبينهما مُشَبَّهاتٌ) اسم فاعل مِن أشبهَ، ومِن اشتبه، ومِن تشبَّه. واسم مفعول مِن أشبه وشبه. والحاصلُ واحدٌ لا يخفى على من أتقن العربية.
(لا يعلمُها كثير من النَّاس) بل العلماء الراسخون (فمن اتقى الشبهات) أي: تلك الأمور الملتبسة (استبرأ لعرضه ودينه) العِرْضُ: ما يصونه الإنسانُ من المثالب، سواء كان فيه أو في سلفه وهو أعمُّ من الدين، ولذلك عطفه عليه. وأحسنُ ما قيل فيه: هو موضع المدح والذم (ومن وَقَع في الشُّبُهات كراع) ويروى: كالراعي (يرعى حول الحِمَى. يوشك أن يواقعه) أي: يَقْرُبُ من أفعال المقاربة. والحِمَى: -بكسر الحاء والقصر- أرضٌ يمنعها الإمامُ عن العامة لنعم الصدقة وخيل الغزاة وهذا من تشبيه المعقول بالمحسوس على طريقة التمثيل (إلَّا إن حمى الله محارمُهُ) جمع مَحْرَم بمعنى المحرّم، أو موضع الحرمة. ولفظ الحمى مستعارٌ، والجامع المنع (أَلَا وإن في الجسد مُضْغَه) ويُروى: لمضغةً -بضم الميم وضاد معجمة-: قطعةٌ من اللحم بقدر ما يمضغ كالأكلة واللقمة (إذا صلحت صلح الجسدُ كلّه، ألا وهي القلب) القلبُ هو العضو الصَّنَوْبَري المعروف، وليس المراد به ذلك العضو، لأنه ليس مبعوثًا لبيان ما يعرض للأجسام من الأمراض، وهو ظاهر، بل المرادُ بالقلب: النَّفس الناطقة التي ذلك العضو سرير لها، فإذا استقامت النَّفس استقامت سائر القوى، فإنها آلاف لها، أو القوة العاقلة التي شأنُها إيثار الخيرات، فإذا قويت على القوى الشهوانية والغضبية التي هي جنود الشَّيطان، وقَهَرَها واستعملَها في الخير كرهًا، فقد صَلُح الجسدُ وسَلِم ونجا من عذاب النَّار وذل الندامة. ولعظم هذا المعنى قالوا: هذا الحديث أحدُ الأحاديث التي عليها مدارُ الإسلام. وهي ثلاثةٌ. هذا، وحديث:"الأعمال بالنيات"، وحديث: "من حُسْن إسلام