الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على بُعدٍ عَودُ الضَّمير على أَنسٍ.
(قال أبو عبد الله)؛ أي: البخاريُّ.
(طوله)؛ أي: ذَكَر الحديثَ بطُوله، وفيه فائدةٌ، وهي: أنَّ ما رَوى حُمَيدٌ بـ (عن) في السَّند السَّابق مَروِيٌّ هنا بلَفظِ (سمعتُ)، ومفعولُه محذوفٌ للعِلم به مِمَّا سبق.
وهذه متابعةٌ ناقصةٌ، ففي إيرادِ البخاريِّ إيَّاه: التَّعليقُ، وإدخالُ كلامِ المُسند والمُرسل في سِلكٍ واحدٍ، والإجمال في ذكرِ الحديثِ،
والإشارةُ إلى التَّطويل، والاختصارُ، والمتابعةُ، وسَماعُ المعَنعن.
وفي الباب طهارةُ النُّخامة، والبُزاقِ، والتَّبرُّك بالفَضَلات منه صلى الله عليه وسلم، وتعظيمُه غايةَ التَّعظيم.
* * *
74 - بابٌ لَا يَجُوزُ الوضوءُ بِالنَّبِيذِ وَلَا المُسْكِرِ
وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ وَأبو الْعَالِية.
وَقَالَ عَطَاءٌ: التَّيَمُّمُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الوُضُوءَ بِالنَّبِيذِ وَاللَّبَنِ.
(باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ): (فعيل) بِمعنَى (مفعول)؛ أي: مَطروح، والمُراد: المَطروحُ فيه التَّمر أو الزَّبيب من الماء، سواء اشتَدَّ وأسكَرَ أم لا.
(ولا المسكر) عُطِفَ عليه لكونهِ أعمَّ منه من وَجهٍ وأخصَّ من وجهٍ لشموله نحو: اللَّبن إذا حَمِضَ وأسكَر، وإنِّما أُفرِدَ النَّبيذ؛ لأنَّه محل الخلافِ في التَّوضُّئ به كما سيأتي.
(وأبو العالية) هو ربيعٌ الرِّياحِيُّ.
* * *
242 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ).
(ع).
(علي) هو ابنُ المَدينيِّ.
(سفيان) هو ابنُ عُيَينة.
(أبو سلمة) عبدُ الله بنُ عبدِ الرَّحمن.
(أسكر)؛ أي: من شَأنِه أن يُسكِرَ، ولو بكثيره، بأيِّ جنسٍ كان، وبأيِّ صَنعةٍ صُنِع، فقد عُدَّ هذا من جوامعِ الكَلِم.
(حرام)؛ أي: فبذلك خَرَج عن اسمِ الماء لغةً وشرعًا، فلا يُتَوَضَّأُ به، هذا وجهُ استدلالِ البخاريِّ على المَنع مُطلقًا، وهو قولُ مالك، والشَّافعيِّ، وأحمدَ، سواء كان نيًّا أو مَطبوخًا، تَمرًا كان أو غيرَه، مع وجودِ الماء أو عدمِه، فإن اشتدَّ حَرُمَ شُربه أيضًا، وصار
نَجِسًا، وجوَّز أبو حنيفة الوُضوءَ بِمطبوخِ التَّمر خاصَّةً عند فَقد الماء.
وجوَّزه الحسنُ بالنَّبيذِ، والأوزاعيُّ بسائرِ الأنبِذَة، واحتجُّوا بحديث ابن مَسعودٍ ليلةَ الجنِّ إذ قال له صلى الله عليه وسلم:"أمَعَكَ ماءٌ"؟ فقال: معي نبيذٌ، فقال:"اُصبُبْ شرابٌ وطَهور"، أو قال:"ثَمَرَة طيِّبةٌ وماءٌ طَهور".
وأُجيبَ بأنَّ ابنَ مسعود لم يشهد ليلةَ الجِنِّ كما ثبت عنه من طُرق، وإن صحَّ كان منسوخًا؛ لأنَّ ليلةَ الجنِّ بمكة، وآية:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43]، نزلت بالمدينة عند فَقدِ عائشةَ رضي الله عنها العِقْد.
قال أبو عبيدة: شرَط الله تعالى الطَّهور بالماء والتراب، والنَّبيذُ ثالثٌ غيرُهما، وكونُه فيهما لا يصدُق عليه ماء، كالخلِّ لا يُسمَّى ماءً، وإن كان فيه ماء.
قال البَغَوِيُّ: أو أنَّه لم يكنْ متغَيِّرًا، بل ماءٌ نُبِذَ فيه تَمرٌ ليَجتَذِبَ مُلوحَتَه من أجلِ الشُّربِ، وأيضًا فيرد ذلك من القياس على نبيذِ الزَّبيب في امتِناعه، وبأنَّه لما كان خارجًا من حُكمِ المياه حالَ وجودِ الماء كانَ خارجًا عندَ عَدَم الماء.
* * *