الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فأغتسل) لا يُعارضُه ما سبق في (باب غَسلِ الدَّم) من أمرِها بغَسلِ الدَّم، ولم يأمرْ بالاغتِسالِ، لأَنَّ المُستَحاضَةَ لَها أحوالٌ، ففي بعضِها يجبُ الغُسل، وذلك عند احتِمال انقِطاعِ الحَيض، كما هوَ مبيَّنٌ في الفِقه، وهذا أحسنُ من الجوابِ بأنَّ عَدَم التَّعرُّضِ للغُسل ليس فيه تعرُّضٌ لعدَمِ الغُسل.
وليس في أمرِها بالاغتِسال تكرُّرٌ، بل يَكفي واحدٌ، إلا أن يكونَ للغُسلِ داعٍ من حيثُ احتمالُ انقِطاعٍ، كما أَشرنا إلَيه، وأمَّا اغتِسالُ أُمِّ حبيبةَ في استِحاضَتِها لكلِّ صلاةٍ، فإمَّا أنَّها مِمَّن يجبُ عليه ذلك لاحتِمالِ انقِطاعِ الدَّمِ عندَ كلِّ صلاةٍ، أو أنَّها مُتطوِّعةٌ به، فقالَ الشَّافعيُّ: إنَّما أمَرَها أن تغتسِلَ وتصليَ، وليس فيه أنَّه أمَرَها أن تغتسِلَ لكلِّ صَلاةٍ، ولا شكَّ -إن شاءَ الله- أنَّ غُسلَها كان تطوُّعًا غيرَ ما أُمِرت به، وذلكَ واسِعٌ، انتهى.
قال (ط): في الحديثِ أنَّ الصُّفرَةَ والكُدرَةَ في زَمَنِ الحيضِ حَيضٌ، حتَّى ترى الماءَ الأبيضَ الذي يدفَعُه الرَّحِمُ عند الانقِطاعِ.
* * *
20 - بابٌ لَا تَقْضِي الحَائِضُ الصَلَاةَ
وَقَالَ جَابِرٌ وَأبو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: تَدَعُ الصَّلَاةَ.
(بابٌ: لا تقضي الحائض الصلاة)
(وقال جابر
…
) إلى آخرِه التَّعليقُ عن جابرٍ، أخرجَ معناهُ أحمدُ، وأبو داودَ، وذلك في حَيضِ عائِشَةَ الذي (1) في الحَجِّ، وفيه:(غيرَ أن لا تطوفي بالبَيت، ولا تُصلِّي)، وسيأتي الحديثُ في "البُخارِيِّ" في (الأحكام).
وأمَّا التَّعليقُ عن أبِي سعيدٍ فرَواه الشَّيخانِ في حديثِ خُطبةِ العيد بالمعنَى أيضًا، وهو قولُه:(أليسَ إذا حَاضَت لَم تُصَلِّ)، وقد سبق، ويأتِي.
ووَجهُ دخولِ هذا في ترجَمَة: (لا تقضِي)؛ وهو إنَّما يدلُّ على التَّركِ حالَ الحَيض: أنَّ المرادَ بالتَّرك مُطلقًا، أداءً وقضاءً، إذ التَّركُ حالةَ الحَيضِ من المَعلومِ من ضَرورَةِ الدِّين لكلِّ مسلمٍ.
* * *
321 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا همَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قتادَةُ قَالَ: حَدَّثتنِي مُعَاذَةُ: أَنَّ امرَأةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ: أتجْزِي إِحدَاناَ صَلَاتَها إِذَا طَهُرَتْ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أنت؟! كُنَّا نَحِيضُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَأمُرُنا بِهِ، أَوْ قَالَتْ: فَلَا نفعَلُهُ.
(أن امرأة) هي مُعاذَةُ، كما في "مسلم".
(1)"الذي" ليس في الأصل.
(أتجزي) بفتحِ أوَّله بلا همزٍ، أي: تَقضِي، قال تعالى:{لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48]، وروي:(أتَقضِي).
(صلاتَها) بالنَّصب مفعولُ (تَجزِي) أو (تَقضِي) لا مرفوعٌ على الفاعلية، فإنَّها لَم تُصلِّ بعدُ حتى تسأَلَ عن الاكتفاءِ بِها إنَّما سألت عن لُزومِ القَضَاءِ بعدَ الطُّهرِ، أمَّا ضمُّ التَّاء في (تُجزئُ) والهمزُ؛ على أنَّه من (أَجزَأَ) الرُّباعِيِّ فلا معنَى له هنا كما قررتُه في الذي قبلَه.
قال (ك): إنَّ الهمزَ رُوِيَ.
(أحرورية) بفتحِ المهمَلة وضمِّ الرَّاء الأولى المخفَّفة، نسبةً إلى (حَرُوراء) قريةٌ بقُربِ الكوفَة، أوَّلُ اجتِماعِ الخَوارِجِ بِها وتعاقدِهم، فالمعنَى هنا: أخَارِجِيَّةٌ أنتِ، لأنَّ طائفةً منَ الخوارجِ يوجِبون على الحائضِ قضاء الصَّلاةِ الفائتة في زَمنِ الحَيض، وهو خلافُ الإجماعِ، كما حَكَى ذلك الزُّهرِيُّ وغيرُه، فالاستفهامُ إنكارِيٌّ.
(أنت) مبتدأٌ، خبَرُه:(حَرُوريَّة)، قُدِّمَ عليه للحَصرِ، أي: أنتِ حَرورِيَّةٌ لا غير.
قلت: ويجوزُ أن يكونَ فاعلًا للوَصفِ، والوصفُ مبتدَأٌ أغنَى عن خَبِرِه على خلافٍ مَشهورٍ في المَسألة، وفي بعضِها بنَصبِ (حَرُوريَّة) بتقديرِ فِعلٍ، أي: كُنتِ أو صِرتِ، ويكونُ (أنتِ) تأكيدًا.
(مع) المرادُ بالمعيَّة هنا معيةُ وجودِه أو عهدِه، أي: فكانَ مُطَّلِعًا على حالِهنَّ في تركِهِنَّ الصَّلاةَ زَمَن الحَيض، ولم يأمرهُنَّ بالقَضاء،