الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
46 - بابُ الغُسْلِ وَالوُضُوء فِي المِخْضَبِ وَالقَدَح وَالخَشَبِ وَالحِجَارَةِ
(باب الغُسْلِ وَالوُضُوءَ من المِخْضَبِ) بكسرِ الميم: القَدحُ، أي: الإِجَّانةُ التي تُغسَلُ فيها الثيابُ.
(الخشب): بفَتحِ الخَاء وضَمِّها.
195 -
حَدَّثَنَا وعَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٍ، عَنْ أَنسٍ قَالَ: حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ مَنْ كانَ قَرِيبَ الدَّارِ إِلَى أَهْلِهِ، وَبَقِيَ قَوْمٌ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَصَغُرَ المِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فتَوَضَّأَ القَوْمُ كلُّهُمْ، قُلْنَا: كَم كُنتم؟ قَالَ: ثَمَانِينَ وَزِيَادَةً.
الحديث الأول (خ):
(إلى أهله) متعلقٌ بِـ (قامَ)؛ أي: ليُحَصِّلَ المَاء للوُضوء.
(وبقي قوم)؛ أي: في مَجلِسِه صلى الله عليه وسلم.
(فأُتي) بضَمِّ الهمزَة.
(فصغر)؛ أي: لم يَسَع بَسطَ الكَفِّ فيه.
(كلهم)؛ أي: من ذلكَ المِخضَب، وهم ثَمانُون، معجزةٌ له صلى الله عليه وسلم.
(قلنا) في بعضِها: (فقلنا)، وهو من قَولِ حُمَيد.
(كم)؛ أي: كم نَفْسًا، فحُذِفَ التَّمييزُ.
(ثمانين) خبرُ (كان) المُقدَّرة في الجَواب، أي: كنَّا ثَمانينَ، والخَبَرُ محذوفٌ أيضًا، فأفَادَ الحديثُ أنَّ الأوانِيَ كلَّها مِن جواهِرِ الأَرض ونباتِها طاهرةٌ إذا لم تكُن نَجاسةٌ.
* * *
196 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي برْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى: أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم دَعَا بِقَدحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْههُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيه.
الحديث الثاني (م):
(دعا)؛ أي: طَلَبَ.
(فغسل يديه ووجهه) لا دليلَ فيه على وُضوءٍ منهُ، ولا على غُسلٍ -بضَمِّ الغَين-.
* * *
197 -
حَدَّثَنَا أَحمَدُ بْنُ يُونسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمرُو بْنُ يَحيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زيدٍ قَالَ: أتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ فتَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْههُ ثَلَاثًا، وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِهِ وَأَدبَرَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ.
الحديث الثالث:
في سنَدِه لَطيفَةٌ، وهي: أنَّ أحمدَ وعبدَ العزيزِ كلُّ منهما أبوه عبدُ الله؛ حُذِفَ ونُسِبَا إلى جَدَّهِما.
(تور) بِمُثنَّاةٍ فوقُ مَفتوحةٍ: إناءٌ يُشرَبُ فيه.
(صفر) بضَمِّ الصَّاد. ومباحِثُ الحديثِ تقَدَّمت، نعَم، ليس في التَّرجَمَةِ ذِكرُ التَّورِ، فكانَ المُناسِبُ ذِكرَ هذا الحديثِ في التَّرجَمة التي بعدَها، ولكنْ لما كانَ هذا التَّورُ على شَكلِ القَدَحِ، أو أنَّه حَجَرٌ؛ لأنَّ الصُّفْرَ من أنواعِ الحِجارةِ = ذكَرَه في هذا الباب.
* * *
198 -
حَدَّثَنَا أبو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَناَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَني عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبةَ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ فِي الأَرضِ بَينَ عَبَّاسٍ وَرَجُلٍ آَخَرَ، قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: أتدرِي مَنِ الرَّجُلُ الآَخَرُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: هُوَ عَلِي، وَكَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها تُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَعدَ مَا دَخَلَ بَيْتَهُ وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ:(هرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبع قِرَبٍ، لَم تُحلَلْ أَوْكيتهُنَّ، لَعَلِّي أَعهدُ إِلَى النَّاسِ)، وَأُجْلِسَ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ تِلْكَ، حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إلَيْنَا: أَنْ قَد فَعَلْتُنَّ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى النَّاسِ.
الحديث الرابع:
(يمرض) بضَمِّ أوَّله وفتحِ الرَّاء مُشدَّدَةَ، وهو القِيامُ على المَريضِ، كأنَّه من باب الإزالَةِ والسَّلبِ، كجَلَدْتُ البَعيرِ: أَزَلتُ جِلدَه.
(فأذِنَّ) بتَشديدِ النُّونِ، أي: أَذِنَ فِي ذلك أزواجُه صلى الله عليه وسلم.
(تَخُطُّ) بضَمِّ الخاء، أي: تُؤَثِّرُ في الأَرضِ، كأنَّه يَخُطُّ خَطًّا، وفي بعضِها:(تُخَطُّ) مَبنيًّا للمَفعُول.
(عباس)، أي: عمِّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ويقالُ فيه:(العَّباس) بلامِ لَمحِ الصّفة.
(قال عبيد الله)؛ أي: المَذكورُ في السَّند، وهذا مُدرَجٌ من كلامِ الزُّهريِّ الرَّاوي عنهُ.
(فأخبرت عبد الله)؛ أي: تَقولُ عائشَةُ.
(وكانت عائشة) هو من مَقولِ عبيد الله، لا عبدِ الله بنِ عبَّاس، لكنْ يحتمَلُ أنَّه مِمَّا سَمِعَه منها، فيكونُ مُسنَدًا، أو يكونُ تعليقًا.
(بيته) في بعضِها: (بيتَها)، لأنَّها تَسكُنُه، فإضافتُه إليها مَجازٌ.
(أهريقوا) بفتحِ الهمزة وسُكونِ الهاء، أي: صُبُّوا، وفي بَعضِها:(أَريقوا)، وأصلُ (هرقّ): أَراقَ، وأَصلُ (يُريقُ): يُؤريقُ، وأصلُ (أُهريق): أُأريق، فلمَّا استَثقَلوا الهمزتَين أبدَلوا، وفي الكلمة لُغات بسطتُها في "شَرحِ العُمدَة"، و"شرحِ لامية ابنِ مالك".
(القربة): ما يُستَقَى به، وجَمعُه قِلَّةً (قِرَبات) بسكون الراء
وفتحها وكسرها، وكثرةً: قِرَب.
(أوكيتهن): جمع وِكاء، وهو ما يُشدُّ به رأسُ القِرْبة.
(أعهد) بفتح الهاء؛ أي: أُوصِي.
(فأجلس) بضَمِّ الهمزة، وفي بعضِها:(وأُجلِسَ).
(طفقنا)؛ أي: جَعلنا نُواصِلُه، وإنَّما طَلَب ذلك؛ لأنَّ الماءَ البَارِدَ في بعض الأفراضِ تُرَدُّ به القُوَّة، والتَّقييدُ بِعَدمِ حلِّ الأَوكِية؛ لأنَّه أبلغُ في طَهارته وصَفائِه، لعدمِ مُخالطَةِ الأيدِي، وأمَّا عددُ السَّبعِ؛ ففيه بَرَكةٌ.
وله شأنٌ لوقُوعِها في كثيرٍ من أعدادِ تعاظُمِ الخَليقَة، وبعضِ الأمورِ الشَّرعيَّة، والقِرَبُ إنَّما تُوكَأُ وتُحَلُّ على ذِكر الله تَعالى، فاشتِراطُ كونِها لم تُحلَلْ؛ لأنَّها تَجمَعُ بَركَةَ الذِّكر في شَدِّها وحَلِّها.
قال المُهلَّبُ: أمَرَه بالصَّبِّ عليه على وَجهِ التَّداوي، كَما صَبَّ صلى الله عليه وسلم وَضُوءَه على المُغمَى عليه، وغَلِطَ من قالَ: إنَّه صَبَّ للاغتِسالِ مِن إغمَائِهِ.
(تلك)؛ أي: القِرَبَ السَّبعةَ.
(فعلتن)؛ أي: ما أمَرتُكُنَّ به، ووَجهُ دُخولِ التَّرجمة بالخَشَبِ في هذه الأحاديث: أن القَدَحَ لعَلَّه كانَ من خَشَبٍ.
قال (ط): رُوِي أنَّ ابنَ عمرَ كَرِه الوُضوءَ في الصُّفْرِ؛ لأنَّه جَوهرٌ يُستَخرَجُ من مَعادِنِ الأرضِ يُشبِهُ الذَّهب والفِضَّة.