الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(رضينا)؛ أي: بما عندنا من كتاب الله، وسنَّة نبينا صلى الله عليه وسلم، واكتفينا به أَبلَغ كِفايةٍ، وبُروكه كان أدبًا وإكرامًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وشفَقةً على المسلمين لئلا يُؤذوه، فيدخلوا في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: 57] الآية.
وسيأْتي في (التفسير): أنَّ في ذلك نزلتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} [المائدة: 101] الآيةَ، وعن ابن عبَّاس: أَنَّ ناَسًا كانوا يَسأَلون النبيَّ صلى الله عليه وسلم استهزاءً، فيقول الرجل: مَنْ أَبي؟، ويقول الآخَر: ضلَّتْ ناقتُه، أَين ناقَتي؟ فنزلتْ.
(فسكت) في نُسخةٍ قبْل ذلك لفْظ: (ثلاثًا)، أي: فقاله ثلاث مرات، وإنما قال ذلك في الحديثَين وهو غَضْبان ونحوه غضَبه في حُكمه للزُّبير، والقاضي وإنْ كان لا يَقضي وهو غَضْبان كما في الحديث الآخَر، لكنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم معصوم بخلاف سائر القُضاة، فلا يجوز عليه غلَطٌ في الحُكم.
قال (ط): وفيه فَهْم عُمر، وفضل عِلْمه، أي: كما بينَّاه، ووُجوب التواضُع للعالم، وأنَّه لا يَسأَل إلا فيما يحتاج إليه.
* * *
30 - بابُ مَنْ أَعَادَ الْحَدِيثَ ثَلَاثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ
فَقَالَ: "أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ"، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ بَلَّغْتُ"، ثَلَاثًا.
(باب من أعاد الحديث ثلاثًا ليفهم عنه) هو بضم الياء مِن (يفهم) مع كسر الهاء وفتْحها، وخَصَّ (ك) الفتْح بروايةِ زيادة عنه.
(ألا وقول الزور) سيأْتي في (الشَّهادات) في حديث أبي بَكْرة: (أَلا أُنبِئكم بأَكبَرِ الكَبائِرِ؟) ثلاثًا، إلى قوله:(أَلا وَقَولُ الزُّورِ)، فما زالَ يُكرِّرها حتى قُلنا: ليتَهُ سكَتَ.
و (أَلا): حرف تنبيهٍ يدلُّ على تحقيق ما بعدَه وتأْكيده، ورفعُه بالعطف على ما قبلَه، والزُّور بضم الزاي: الكذِب والمَيْل عن الحقِّ، وقوله: فما زال يُكرِّرها، أي: الجُملة، أو الشَّهادة، أو الثَّلاثة، أو الثَّالثة، والمراد في مَجلِسه لا في مُدَّة عمُره.
وقد وصَل الحديثَ أيضًا في (الدِّيَات).
(وقال بن عمر
…
) إلى آخره، قاله في حَجَّة الوَادع، وهو موصولٌ في (الحدود).
(ثلاثًا)؛ أي: ثلاثَ مراتٍ.
* * *
94 -
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلَاثًا، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا.
(كان) قال الأُصوليون: قيل: ذلك ليُشعِر بالاستِمرار.
(بكلمة)؛ أي: بجُملةٍ مُفيدةٍ.
(سلم) جوابُ (إذا)، وأَما قوله قبلَه: فسلَّم هو من تتمَّة الشَّرط، وإعادة الكلام ثلاثًا.
قال (خ): إما لأَنَّ بحضرته مَن يَقصُر فَهمه، وقد أَمر بالبَيان والتَّبليغ، أو يكون الكلام فيه نوعُ إشكالٍ، فيَرفعُه ويُزيل الشُّبهة منه.
قال: وأما تسليمه ثلاثًا فيُشبه أن يكون عند الاستئذان، فقد روى سَعْدٌ:(أنَّه صلى الله عليه وسلم وهُو في بَيته، فلم يُجبْه، ثم ثانيًا، ثم ثالثًا، فانصرَفَ، فتَبِعَهُ سعدٌ، فقال: يا رسولَ الله! بأُذُني تَسليمُكَ، ولكنْ أَردتُ أَنْ أستَكثِرَ مِن بركَةِ تَسليمِكَ)، وقال في حديثٍ آخَر:(إِذا استَأْذَنَ أَحدُكُم فلم يُؤذَن لَه فليَرجِعْ)، قيل: وفيه نظَرٌ؛ لأنَّ تسليمةَ الاستئذان لا تُثنَّى إذا حصَل الإِذْن بالأُولى، ولا تُثلَّث إذا حصَل الإذْن بالثانية، ثم إنَّه ذكَره بحرف (إذا) المُقتضِية لتَكرار الفِعْل كَرَّةً بعد أُخرى، وتسليمُه ثلاثًا على بابِ سَعْد أَمرٌ نادرٌ، والوَجْه: أنَّ معناه: كان صلى الله عليه وسلم إِذا أَتى على قومٍ سلَّمَ تَسليمَ الاستِئْذان، فإذا حصَلَ سلَّم تَسليمَ التَّحيَّة، فإذا قامَ مِن المَجلِس سلَّم تسليمَ الوَداع، والثَّلاثة مسنونةٌ.
وقال (ك): (إذا) لا تقتضي تكرارًا، وإنما الذي تقتضيه (كلَّما)، نعم، التركيب يُفيد الاستِمرار.
ثم ادَّعى أنَّ قِصَّة سَعْد أمرٌ نادرٌ لم يُذكر في غيره = ممنوعٌ، فقد صحَّ حديث:"إِذا استَأْذَنَ أَحدكم".
وقال (ط): إنما كان يُكِّرر الكلام والسَّلام إذا خَشِيَ أنْ لا يُفهم