الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَجَذَبْتُها فَأخْبَرتُها بِمَا يُرِيدُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
(امرأة): سبق بيانُها.
(ممسكة): بضَمِّ الميم الأولى وفَتحِ الثَّانية، ثم مشددةٌ مفتوحةٌ، أي: قِطعةٌ من صوفٍ، أو قُطنٍ مطليَّة بالمِسك، ومنهم مَن كَسَر السِّين.
(وتوضئي)؛ أي: الوُضوءَ اللُّغوي؛ أي: تَنَظَّفي.
(ثلاثًا، وقال): ليس راجعًا لـ (توضَّئي) بل متعلقٌ بـ (قال)، أو بـ (قالت) كما سبق في الباب قبلَه من تعدُّد سؤالِها.
* * *
15 - بابُ امتِشَاطِ المَرأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحيضِ
(باب امتشاط المرأة)
316 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شهابٍ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَداعِ، فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ، وَلَم يَسُقِ الهَدْيَ، فَزَعَمَتْ أَنَّها حَاضَتْ، وَلَم تَطْهُر حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! هذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ، وَإِنَّمَا كنْتُ تَمَتَّعتُ بِعُمْرَةٍ، فَقَالَ لَها رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
(انْقُضِي رَأْسَكِ، وَامتَشِطِي، وَأَمسِكِي عَنْ عُمرتكِ)، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْتُ الحَجَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَيْلَةَ الحَصْبَةِ فَأَعمَرني مِنَ التَّنْعِيم مَكَانَ عُمرَتِي الَّتِي نَسَكْتُ.
(أهللت)؛ أي: أحرَمتُ، ورفعتُ صوتي بالتَّلبية.
(فمن تمتع) فاعلُه: ضميرُ (من)، فلذلك لم يقلْ:(تَمتَّعَتْ).
(الهدي) بفتحِ ثم سكونٍ والياءُ مخفَّفة، أو بكسرِ الدَّال وتَشديدِ الياء: ما يُهدَى لِمَكَّةَ من الأَنعامِ.
(ولم يسق): تأكيدٌ، فإنَّ المُتمتِّعَ لا يسوقُ هديًا.
(فزعمت) عبَّر (به) دونَ (قالت)؛ لأئها لم تصرّح بذلك، إذ هو مما تَستحي من التَّصريحِ به.
(بعمرة) تصريحٌ لِما تضَمَّنَه التَّمتُّع؛ لأنَّه إحرامٌ بعُمرَةٍ في أشهرِ الحجِّ ممن على مسافةِ القَصر من الحَرَم، ثم يَحُجُّ من سنَتِه، وفي الكلام مقدَّر؛ أي: وأنا حائِضٌ.
(انقضي) بضَمِّ القاف، وفي بعضِها بالفاءِ.
(رأسك)؛ أي: شعرَكِ.
(فلما قضيت) فيه حذفٌ قبلَه، أي: فأَحرَمتُ بالحجِّ.
(أمر)؛ أي: النبيّ صلى الله عليه وسلم.
(عبد الرحمن)؛ أي: أخاها.
(الحصبة) بفتح الحاءِ وسكونِ الصَّاد المهملتين، والحَصباءُ بالمدِّ: الحَصَى، وهما والأَبطَحُ، والبَطحاءُ، والمُحَصَّبُ، وخِيفُ بنِي كِنَانة؛ يُرادُ بِها كلِّها واحدٌ: مَوضعٌ بينَ مكَّة ومِنَى، إذا نَفَروا مِن مِنَى ينزِلون به ويبيتون به، فليلَةُ الحَصبَةِ هي تلك اللَّيلةُ.
(فأعمرني)؛ أي: اعتَمر بِي.
(التنعيم) موضعٌ على فَرسخٍ من مَكَّةَ على طريقِ المَدينةِ، وفيه مسجدُ عائشةَ.
(نسكت)؛ أي: أحرمتُ بِها، وفي بعضِها:(سَكَتُّ) بلفظِ المتكلم من السُّكوتِ، أي: التي تركتُ أعمالَها وسكتُّ عنها، وفي بعضها:(شَكَتْ) بالمُعجَمَة وسُكونِ التَّاء، من الالتفاتِ من التَّكلُّمِ للغَيبة، أو كنَّتْ بالشِّكايَة عن اختِلالِها، وعدمِ بقاءِ استِقلالِها، على أنَّ الضَّميرَ في (نَسَكتُ) للعُمرة.
ووجهُ الاستِدلال بالحديث للتَّرجَمةِ: أنَّ الامتِشاطَ إذا كان لغُسلِ الإحرام؛ وهو سنَّةٌ، فلغُسلِ الحَيض أولى، لأنَّه فَرضٌ، وفيه إزالةُ أثرِ نَجاسةِ مغلَّظةِ، فقول الدَّاودِيِّ: ليس في الحديثِ ما يُترجِمُ له؛ مَمنوعٌ.
قال (ط): في الحديث نقضُ المَرأةِ شَعرها في الغُسل، ورُوي أنَّ ابنَ عمرَ كان يأمرُ به.
وقال طاوسٌ: تنقُضُ الحائِضُ لا الجُنُب.
وقال الجمهورُ: لا يجبُ النَّقضُ بل إيصالُ الماءِ لأصولِ الشَّعر، ففي حديث أمِّ سلَمَةَ: إنِّي امرأة أشدُّ ضَفْرَ رأسي، أفأنقُضُه للجَنابةِ؟ قال:(لا، إنَّما كان يكفيكِ أن تَحثِي عليه ثلاثَ حَثَيَاتٍ)، وحديثُ عائشةَ وإنْ كان أصحَّ إسنادًا، لكنَّ العملَ على حديث أمِّ سلمة، أي: لظُهورِ المعنَى، وكذا قال حَمَّادٌ: إنْ رَأت وصولَ الماء إلى أصولِ شَعرِها لم تنقُضْ، وإلا نَقَضَت.
قال (ن): صَحَّتِ الرِّواياتُ عن عائشةَ أنَّها قالتْ (لا نرى إلا الحجَّ) أو (لا نذكرُ إلا الحجَّ)، (وخَرَجنا مُهِلِّينَ بالحجِّ)، فكيفَ يُجمَعُ بينَه وبينَ قَولها:(تَمتَّعتُ بعُمرة)؟
وجوابه: إنَّها أحرَمت بالحجِّ، ثمَّ فَسخَته إلى عُمرَة حين أُمِرَ النَّاسُ بالفَسخ، فلمَّا حاضت وتعذَّرَ عليها إتمامُ العُمرة أمَرَها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالإحرامِ بالحجِّ فأدخلَتهُ على العُمرَة، وكانت قارِنةً؛ لقوله لها:(يَسَعُك طَوافُكِ لِحَجِّكِ وعُمرَتك).
وقولُه لها: (دَعي أو أمسِكي عن عُمرَتك) ليسَ المرادُ الخروجَ منها، فإنَّ الحجَّ والعمرةَ لا يُخرَجُ منهما إلا بالتَّحلُّلِ؛ بل المرادُ: اُترُكي العَمَلَ في العُمرَةِ وإِتمامَها.
ولا يلزمُ من نَقضِ الرَّأس والامتِشاطِ إبطالُها، لجوازِهِما عندنا حالَ الإحرام حيث لا يلتَفُّ شَعر، نعم، الامتِشاطُ مكروةٌ إلا لعذْرٍ، وحَمَلوا فعلَها ذلك أنَّه كان برأسِها أذًى.
وقيل: المُرادُ بالامتِشاطِ هنا: تسريحُ الشَّعرِ بالأصابعِ لإيصالِ