الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
50 - بابُ الْحَيَاءِ فِي الْعِلْمِ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ مُسْتَحْيٍ وَلَا مُسْتكْبِرٌ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ.
(باب الحياء): هو ممدودٌ بمعنى: الاستحياء، وسبق بيان معناه في (باب من قعد حيث ينتهي به المجلس).
(في العلم)؛ أي: في تعلُّمه، وتلقِّيه.
(مستحيي) بياءَين، من استَحيَا، يَستحيي، فإذا نوَّنته قلتَ: مُستحي، على وزْن مستَفِع.
(متكبر)؛ أي: متعظِّم، ومثله الاستكبار، أي: التعظُّم.
(وقالت) عطف على (قال مجاهد)، كما هو الظاهر، ويحتمل أن يكون على (لا يتعلم)، فيكون مقول مجاهد أيضًا؛ لأن الصَّحيح أنَّه سَمع منها.
(نساء الأنصار)؛ أي: مؤمنات أهل المدينة.
* * *
130 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَناَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زينَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:
جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ"، فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ -تَعْنِي وَجْهَهَا- وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ قَالَ: "نعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟! ".
(ع).
(بنت أم سلمة) نُسبت إلى أمها تشريفًا، إذ يعلم منه أنَّها ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنَّها روت عن أمها أم سلمة هند، وروى البخاري لزينب حديثًا واحدًا.
(أم سُليم) بضم المهملة، اسمها: سَهْلة، أو رميثة، أو غير ذلك، كما سيأْتي في (الأسماء).
(لا يستحيي)؛ أي: لا يمتنع من بَيان الحقِّ، فأنا لا أمتنعُ من سُؤالي عما أحتاجه مما تستحيي النِّساء في العادة من السؤال عنه؛ لأنَّ نُزول المنيِّ منهنَّ يدلُّ على قوة شهوتهنَّ للرجال.
(من غسل) بضم الغين، اسمٌ للفعل المشهور، وبالفتح، مصدرٌ، أما بالكسر، فما يُغسل به، و (من) زائدةٌ.
(احتلمت) من الحُلُم، بالضم، وهو ما يَراه النائم، تقول: حلَم -بفتح اللام- واحتَلَم.
(إذا رأت)؛ أي: وقْت رؤيته عند انتباهها، ويحتمل أنَّها شرطيةٌ،
أي: إذا رأَتْ وجب عليها الغُسل، أما من رأَى أنَّه يُجامع، أو رأتْ أنَّها تُجامَع، ولم يَريا ماءً فلا غُسل.
(فغطت) الظاهر أنَّه من كلام زَينب، فالحديث مُلفَّقٌ من رواية صحابيَّتين، ويحتمل أن يكون من كلام أُم سلَمة على وجه الالتفات، كأنَّها جرَّدت من نفسها شخصًا فأسندَتْ إليه التغطية، والأصل: فغطيتُ وجهي وقلتُ.
(تعني وجهها) إدراجٌ من عُروة، ويحتمل أن يكون من راوٍ آخر، فتكون إدراجًا في إدراجٍ.
(أوَتحتلم) العطف على مقدَّر، أي: القول، أو ترى، أو نحوه وتحتلم.
قلت: كثيرًا يُكرر (ك) ذلك، وبيَّنا أنَّه طريقةٌ، ورجَّح المحققون خلافَها.
(تربت) بكسر الراء، وأصل المعنى فيه: افتقَرت، لكن كثُر استعماله للتَّحسين في الكلام لا على حقيقته، فيُقال: تَرِبَتْ يدُه، أو يداه، أو يمينُه، كما يُقال: قاتَلَ اللهُ فلانًا ما أَشجَعه، ولا أَبَا له، وما أشبهه، فيُقال مثل ذلك إنكار الشَّيء، أو الزَّجر عنه، أو الذم عليه، أو الحث، أو الإعجاب به، وقيل: ليس دعاءً، بل خبرٌ لا يُراد حقيقةً.
(فَبِمَ) أصله (فبما)، حُذفت الألف، أي: أنَّه لا يُشبه أُمه إلا إنْ غلب ماؤها ماء الرجل عند الجماع، ومَنْ أنكر نُزول مائها عند الجماع أنكر نُزوله عند الاحتلام.
قال (ط): الحياء المانع من العِلْم مذمومٌ، لا الذي على جهة التَّوقير والإجلال، فإنَّه حسنٌ كما غطَّتْ أُمُّ سلَمة وجهَها.
وفيه أن المرأة تحتلم لكن نادرًا، وفيه أن الرجل في ذلك مثلها؛ لأن حكمه عامٌّ.
* * *
131 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَهِيَ مَثَلُ الْمُسْلِم، حَدِّثُوني مَا هِيَ؟ "، فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَادِيَةِ، وَوقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! أَخْبِرْناَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"هِيَ النَّخْلَةُ"، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي، فَقَالَ: لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا.
سبَق شرحه في (باب أُمور الإيمان) إلا أنَّ هنا: (فحدثت أبي
…
) إلى آخره.
(تكون) أتى به مُضارعًا مع قوله بعده: (قُلت)، وهو ماضٍ، وحقُّه: لأَنْ كُنت قُلتَ؛ لأنَّ المعنى لا يكون في الحال موصوفًا بهذا القول الصادر في الماضي.
(كذا وكذا)؛ أي: مِن حُمر النَّعَم وغيرها، فـ (كذا) كِنايةٌ عن العدَد.