الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واجبٌ في الجنابةِ، أي: وفي الوضوء في شَعرِ الوَجهِ الخَفيفِ، والكثيفِ إذا كانت كثافتُه نادرةً لا غالبَةً.
قال: وحجَةُ مَن لَم يوجِبْه في الجنابة أنَّ داخِلَ العَين لا يجب غَسلُه لعلِّةِ أنَّ دونَه ساترًا خَلقِيًّا، فكذا هنا، وأيضًا الأمرَدُ كانَ يجب غَسلُ بَشَرَة ذَقنِه، فلما استتر باللِّحيةِ سقَطَ في الوضوءِ، فيسقُطُ في الجنابة.
* * *
16 - بابُ مَنْ تَوَضَّأَ فِي الجَنَابَةِ ثمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الوُضُوء مَرَّةً أُخْرَى
(باب من توضأ في الجنابة
…
) إلى آخره.
274 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: وَضعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَضُوءًا لِجَنَابَةٍ فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ بِالأَرْضِ -أَوِ الحَائِطِ- مَرَّتينِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ المَاءَ، ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ، ثُمَّ تنحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْهَا، فَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدِهِ.
(وضوء الجنابة) بفتحِ الواو، وفي رواية:(وضوءًا) بالتَّنوين (لِجَنَابةٍ) بلام الجرِّ، وإنَّما أُضيفَ أو أعِدَّ للجنابة مع أنَّ الوَضوءَ هو الماءُ المُعَدُّ للوُضوءِ؛ لأنَّه صارَ اسمًا له، ولو استُعمِل في غير الوُضوء.
قال (ك): ومثلُه يُسمَّى بالمَجازِ غيرِ المقيَّد، كإطلاق المَرْسِنِ على أنفِ الإنسانِ، ونحوِه ممَّا أُطلِقَ المُقيَّدُ وأُريدَ به المُطلَقُ.
(فأكفأ) بالهَمزِ، أي: قَلَبَ.
(على يساره) في بعضِها: (على شِمالِه).
(يده بالأرض) في بعضِها (بيدِه الأرضَ)، والمعنَى واحدٌ.
(ذراعيه)؛ أي: ساعدَيه إلى المِرفق، يذكَّرُ ويؤَنَّثُ.
(أفاض)؛ أي: أفرَغَ.
(فلم يردها) من الإرادةِ، وعندَ ابنِ السَّكَنِ بالتَّشديدِ مِنَ الرَّدِّ.
قال في "المطالع": وهو وَهْم، أي: وتدُلُّ له الرِّاويةُ الآتية: (فلم يأخُذْها).
(ينفض) فيه أنَّه لا بأسَ بنَفْضِ اليَدِ بعد الوُضوء أو الغُسل، أي: مباحٌ، وهو أظهرُ الأوجُهِ عندنا، كما قاله (ن)، وأنَّه المُختارُ إذ لم يثبتْ في النَّهي شيءٌ. قال: وأشهرُها أنَّ المستَحَبَّ تركُه، وثالثها: مَكروهٌ.
قال (ط): وكأنَّ الحديثَ السَّابق الذي فيه: (ثُمَّ غَسَلَ سائر
جَسَده) أولى بالتَّرجمة من هذا الحديث؛ لأنَّه بوَّبَ هنا: (ثُمَّ غَسَلَ سائر جَسَده)، وهو تفسيرٌ لرواية:(ثُمَّ أفاضَ على جَسَده الماءَ)، فإنَّ المُرادَ الغَسلُ لما بقيَ من الجسَدِ دونَ إعادةِ أعضاءِ الوُضوء.
قال: وأجمعوا أنَّ الوُضوء ليسَ بواجبٍ في غُسل الجنابة، فلمَّا نابَ غَسلُ مواضعِ الوُضوء وهو سنَّةٌ في الجنابة عن غَسلِها وهو فريضَةٌ؛ صحَّ بذلك ما رُوِيَ عن مالكٍ: أنَّ غُسلَ الجُمعةِ يُجزِيءُ عن غُسل الجنابة، وحجَّةٌ أَيضًا لقَولِ مالكٍ فيمن جَدَّدَ الوُضوءَ للعَصر بعد ما صلَّى الظُّهرَ بوُضوءٍ، ثُمَّ تذكَّر (1) أنَّ الوُضوءَ الأوَّل انتَقَضَ أنَّ صلاتَه تُجزِئُه؛ لأنَّ الوُضوءَ للسُّنة يجزِيءُ به عن الفَرض.
قال (ك): ليس في الحديثِ أن السُّنَّة نَابَتْ عن الفَريضَةِ؛ إذ ليسَ فيه أنَّ غَسلَه للوَجه والذِّراعَين كان للوُضوءِ أو للسُّنة، بل كانَ للجَنابة، فلا يدلُّ لِمَالكٍ على ما سبَقَ، بل ليسَ فيهِ أنَّه لم يُعِدْ غَسلَ مواضعِ الوُضوء، بل قولُه:(ثُمَّ غَسَلَ سائر جَسَده) شاملٌ لتمامِ البَدَن، أعضاءِ الوُضوءِ وغيرِها، وكذا الحديثُ الآخر:(سائرَ جَسَدِه)، أي: باقي البَدَنِ غيرَ الرَّأس لا غيرَ أعضاءِ الوُضوء.
* * *
(1) جاء على هامش الأصل: "أي: بعد صلاة العصر".