الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولادته وبعدَها، وفيه حُسنُ المُعاشَرةِ والتَّواضعُ والرِّفقُ بالصِّغار وغيرهم.
* * *
63 - بابُ البَوْلِ قَائِمًا وَقَاعِدًا
(باب البول قائمًا وقاعدًا)
224 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعبةُ، عَنِ الأَعمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: أتى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَجئتُهُ بِمَاءٍ فتوَضَّأَ.
(ع).
(عن أبي وائل) شَقيقٍ.
(سباطة) بضَمِّ المهمَلة وخِفَّة المُوحَّدة: مَلقى تُراب الكُناسَة وشبهُه، ويُقال لها أيضًا: المَزْبَلَة، وتكونُ غالبًا بفِنَاء الدَّار، وفي بعضِ الطُّرقِ أنَّها لقومٍ من الأنصار.
(فبال قائمًا)؛ أي: لبيانِ الجواز، وإنْ كانَ مَكروهًا في حقِّ غيره كراهةَ تنزيهٍ، وقيل: لا، مُطلقًا.
وقال مالكٌ: إن كانَ في مَوضعٍ لا يتطايرُ منه شيءٌ عليه كالسُّباطَةِ فلا بأسَ به، وإلا كُرِهَ، وأنَّ محلَّ الكراهة حيثُ لا عذرَ، وفعلُه صلى الله عليه وسلم ذلك إمَّا لأنَّه لم يَجد للقُعودِ مكانًا، فاضطرَّ للقيام؛ إذ كانَ ما يليه من
طَرفِ السُّباطَةِ عاليًا، أو كانَ برِجلِه جُرحٌ لم يتمكَّن من القُعود معه.
وقد رُوي (أنَّه فعلَه لجُرحٍ بِمأبِضِه) بِهمزة ساكنة وموحدة مكسورة وضاد معجمة: باطِنُ الرُّكبة، وعن الشَّافعيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ العربَ كانت تستشفي بالبَول قائمًا لوجَعِ الصُّلبِ، فلعلَّه كانَ به صلى الله عليه وسلم حينئذٍ، أو أنَّ البَول قائمًا أحصنُ للدُّبر كما حُكِيَ عن عمرَ ذلك، فخَشيَ من البول قاعدًا مع قُربه من النَّاس أن يَخرجَ منه صوتٌ بخلافِ القُعود.
وإنما خالفَ عادته في التَّباعدِ، وبالَ في السُّباطَةِ التي بقربِ الدُّور من غيرِ أن يبتَعِد عن النَّاس، ولا أبعدَهم، بل أَمرَ حُذيفَة بالتَّقرُّبِ منه؛ لشُغلِه بأمورِ المسلمين، والنَّظَرِ في مصالِحِهم، فلعلَّه طالَ عليه المَجلسُ حتى لم يُمكِنْه التَّباعدُ خشيةَ التَّضرُّرِ، وأمَّا كونُ السُّباطةِ لقَومٍ، فإمَّا لأنَّها ليست مُختصَّةً بِهم؛ إنَّما هي بِفناءِ دُورِهم للنَّاس كلِّهم، فأُضيفَت إليهم لقُربِها منهم، أو أذِنوا لِمَن أرادَ ذلك صَريحًا أو بالمعنَى.
قال (ن): وأظهرُ الوجوه أنَّهم كانوا يُؤثِرون ذلك ولا يكرهونه، بل يفرحون، ومَن هذا حالُه يجوزُ البَولُ في أرضِه، والأكلُ من طَعامه، وفي التَّرجَمة: والبولُ قاعدًا، ووجهُ أخذِه من الحديث أنَّه إذا جازَ قائِمًا فقاعدًا أجوَزُ؛ لأنَّه أمكَنُ.
وفي الحديث أيضًا خِدمةُ المَفضولِ للفاضِلِ، والاستعانةُ بإحضارِ ماء الوُضوء.
* * *