الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فضلوا) من الضلال مُقابِل الهداية، وهي الدَّلالة الموصِلة للبِغْية، ويدخل فيه القاضي أيضًا، لأن القضاء إفتاءٌ وزيادةٌ، وإنما لم يقُل: فضَلُّوا فأَفْتَوا فأَضَلُّوا، قصدًا لترتيب المَجموعِ على السُّؤال، أو يُقال: الضلال الذي بعد الإِفْتاء غير الضَّلال الذي قبلَه.
واعلم أنَّه لا تَنافيَ بين هذا وبين حديث: "ولَنْ تَزالَ هذه الأُمةُ قائمةً على أَمْرِ اللهِ حتى يأْتيَ أَمْرُ اللهِ"، وأمثالِ ذلك؛ لأن الذي هنا بعد إتيان أمر الله، إنْ لم يُفسَّر أمر الله بالقيامة، أو عدَم بقاء العِلْم إنما هو في بعض المواضع كفي غيرِ بيت المقدِس أيضًا إنْ لم نُفسِّره به جمْعًا بين الأدلة.
وفي الحديث: التحذير من اتخاذ الجُهَّال رُؤوسًا، وأنَّ آخِر الزمان يخلُو عن المُجتهد كما قاله الجمهور خلافًا للحنابلة.
قال (ط): المعنى: لا يَهب الله تعالى العِلْم لخَلْقه ثم يَنْزِعه، تعالى الله أنْ يسترجع ما وَهَب من علْمه الذي يُؤدِّي إلى معرفته والإيمان به، وإنما يكون قبْض العِلْم بتضييع العِلْم، فلا يُوجد فيمَن يبقَى مَن يخلُف مَن مضَى، وقد أَنذَر صلى الله عليه وسلم بقبْض الخير كلِّه، ولا يَنطِق عن الهوى.
* * *
35 - بابٌ هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّسَاءِ يَوْمٌ عَلَى حِدَةِ فِي الْعِلْمِ
(باب هل يجعل للنساء يومًا على حدة في العلم) رُوي (يجعل)
بالبناء للفاعل، فـ (يومًا) منصوبٌ، وعلى البناء للمفعول، فـ (يومٌ) مرفوعٌ.
والحِدَة: الانفراد، والهاء عِوضٌ عن الواو، كعِدَةٍ.
* * *
101 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالحٍ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: قَالَتِ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لنا يَوْمًا مِنْ نفسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ:"مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلَاثَةً مِنْ وَلَدِهَا إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ"، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَتيْنِ؟ فَقَالَ: "وَاثْنَتيْنِ".
(ابن الأصبهاني) لم يُسمِّه هنا، وسماه في السنَد الثاني محافظةً على لفْظ الشيوخ.
(قال النساء) وفي بعضها: (قالتْ)، لجواز الوجهين في فعل اسم الجمْع.
(اجعل)؛ أي: صَيِّر، وإنْ كان لـ (جعل) وُجوهٌ، والمراد لازم التَّصيير، وهو التَّعيين.
(يومًا) مفعولٌ به، لا مفعولٌ فيه.
(من) ابتدائية مُتعلِّقةٌ بـ (اجعل)، أي: مَنْشأ الجعل اختيارك لا
اختيارنا، ويحتمل أن المراد: من وقْت نفسِك، فحُذف المضاف، ومحلُّه حينئذٍ نصبٌ صفةً لـ (يومًا)، أي: مُستقرًّا من نفْسك.
(لقيهن فيه) صفة ليومًا.
(فوعظهن) عطف على محذوفٍ، أي: فوفَّى فوعَدهنَّ، ولقيَهنَّ فوعظهنَّ، فهي الفاء الفصيحة.
(وأمرهن) لم يُذكر له مفعولٌ، إما لإرادة اتحاد حقيقة الأَمر، فتكون كالفعل اللازم، وإما لإرادة عُموم المأمور به، ويحتمل أنَّ (أمرهن) من تتمَّة صفة اليوم، والفاء في:(فكان) فَصِيحةٌ، ويحتمل أن يكون (لقيهنَّ) استئنافًا.
(منكن) حالٌ مقدمة.
(امرأة) وفي بعضها: (من امرأَةٍ) بزيادة (مِن) توكيدًا.
(تقدم) صفةٌ لامرأة.
(إلا كان) خبر (امرأة)؛ لأن الاستثناء مفرَّغٌ، على تأْويل: كان باسمٍ، أي: كائن، وفيه ضميرٌ مذكرٌ، أي: كان ذلك الأَمر؛ لأن الولَد يكون ذكرًا، ويعود على مُطلَق الولد الشامل للنوعَين.
(لها) تأنيث الضمير مع تقدُّم جمعٍ على معنى النَّسمة، أو النفس، وفي (كتاب الجنائز):(كُنَّ لها)، وهو ظاهرٌ.
(حجابًا) خبر (كان)، ويُروى:(حجابٌ) على أنَّها تامةٌ، فيكون فاعلًا.
(قالت امرأة) هي أم مُبشِّر بتشديد المعجمة، كما هو عند البخاري، ويقال: أُم سُلَيم، كما عند أحمد، والطَّبَراني، وغيرهما، ويُقال: أم أَيمن، كما في "الأوسط" للطبراني.
(فاثنين) وفي بعضها: (واثنتين)، وهو عطفٌ على ثلاثة، ويُسمى العطف التَّلْقيني على حَدِّ:{قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [البقرة: 124]، أو عطفٌ على مقدَّرٍ دلَّ عليه السِّياق، أي: قالت: ومَن قدَّم اثنين، قال: ومن قدَّم اثنين.
* * *
102 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:"ثَلَاثَةً لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ".
وإنما قدَّم الأول عليه لعُلوِّ سنده؛ إذ بين البخاري وشُعبة فيه
واحدٌ، وفي الثاني اثنان.
(عبد الرحمن) سماه هنا، وأَطلق في الأول، (ابن الأصبهاني) محافظةً على ألفاظ الشيوخ.
(وعن عبد الرحمن) يحتمل أن يكون تعليقًا عنه، وبه جزم (ك)، ويحتمل أن يكون من مَروي شُعبة عن ابن الأَصبَهاني، فيكون متصلًا.
(لم يبلغوا الحنث)؛ أي: زمَنَ يُخاف الحِنْث، بكسر المهملة،