الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غيرُ مأخوذٍ علينا في الوُضوء.
(استجمر): مسحَ محلَّ النَّجْوِ بالجِمَار، وهي الأحجارُ الصِّغارُ، كالاستِطابةِ والاستنجاء، إلا أنَّهما أعمُّ من الماء والحجَر.
(فليوتر)؛ أي: بثلاثٍ أو خَمسٍ أو غيرِ ذلك، وقد سبق أنَّ الواجبَ عندنا ثلاثٌ، فإن لم يُنَقِّ وجبَ زيادةٌ، واستُحِبَّ الإيتارُ إن حصلَ الإنقاءُ بشَفعٍ، وأوجب بعضُ أصحابنا الإيتارَ مطلقًا لظاهرِ هذا الأمرِ، وجوابُه أنَّ في روايةٍ:(مَن فَعَلَ فقد أحسَنَ، ومن لا، فلا حَرَجَ)، فهذا الحديثُ إمَّا محمولٌ على الثَّلاث، أو على النَّدب فيما زاد.
قلت: وعليه فهو استعمالُ الأمرِ في حقيقَته ومَجازِه مَعًا.
قال (خ): فيه دليلٌ على وجوبِ الثَّلاث؛ لأنَّ أصلَ الاستِجمار إذا حصلَ بواحدٍ، فلا يكونُ الأمر إلا لوتر بعدَه، وأدناه الثَّلاثُ.
قلتُ: إلا أن يُقدَّر: ومَن أرادَ أن يستَجمِرَ فليوتِر.
* * *
26 - بابُ الاِسْتِجْمَارِ وِتْرًا
(باب الاستجمارُ وِترًا)
162 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَناَ مَالكٌ، عَنْ أَبِي الزِّناَدِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا
تَوَضَّأَ أَحَدُكُم فَلْيَجْعَلْ فِي أنفِهِ ثُمَّ لِيَنْثُرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُم مِنْ نومِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَها فِي وَضُوئه، فَإِنَّ أَحَدكُم لَا يَدرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ).
(م د ت س).
سندُه أبو الزِّنادِ عن الأعرَجِ، عند البخاريَّ أصحُّ الأسانيد.
(في أنفه)؛ أي: ماءً، فحُذِفَ المفعولُ لدِلالةِ الكلام عليه، أي: يستَنشِقُ.
(ثم يستنثر) قد سبقَ معناهُما في تقديرِ الأمر بِهما، وذِكرُ هذا البابِ متخلِّلًا لأبوابِ الوُضوء لعدمِ اكتِراث البخاريِّ بالمُناسبة في مثله، بل لإيرادِ صحيحِ الأحاديث، فإنَّ التزيين بالمُناسبات سَهلٌ.
(استيقظ)؛ أي: تيَقَّظَ، فالفعلُ لازمٌ.
(في الإناء)؛ أي: الذي فيه ماءُ الوُضوء، وفي بعضِها:(في وَضوئه)، أي: بفتح الواو.
(فإن أحدكم) في بعضِها: (إذا نامَ لا يدري).
قال (خ): الأمرُ فيه للاستحبابِ لتعلُّقِه بالشَّك، وما هو كذلك لا يكونُ واجبًا، لأنَّ الأصلَ الطَّهارةُ في المَاء والبَدَن، والمُراد: ما اعتِيدَ الطَّهارةُ فيه من الأَواني الصَّغار، كالمِخضَب ونحوِه دون الحِياض، والمصَانعِ الواسعة؛ لأنَّ هذا المَعنى لا يوجدُ عند كَثرة الماء، وأوجبَ
الظَّاهريَّة غَسلَ اليد قبل الإدخَال في الإناء؛ حتَّى لا يَفسدَ الماء إذا أدخَل قبلَ الغَسل.
وفرَّق أحمدُ بينَ نومِ اللَّيل ونومِ النَّهار؛ لأنَّ الحديثَ في نوم اللَّيل؛ بدليل (باتَت)، والمَبيتُ إنَّما يكون ليلًا، ولأنَّ نوم النَّهار لا يَتكشَّف فيه حتى تطوفَ يدُه، بخلافِ اللَّيل، فإنَّها تطوفُ، فقد يقعُ على محلِّ النَّجْوِ، وكانوا يستَنجون بالحِجارة، فتَعلَقُ يده بالأَثر، فيَفسُد الماءُ القليلُ بملاقاةِ النَّجاسة له، وأُجيب بأنَّ الأصلَ عدمُ ذلك، وإنَّما هذا احتياطٌ، فلا وجوبَ.
قال: وفيه دليلٌ أنَّ قليل النَّجاسة يُنجسُ ما وردَ عليه من الماء القليلِ، وأنَّ وُرودَ الماء على النَّجاسةِ يُطهِّرها، ولا يَنجُسُ بِها، لأنَّ الماءَ الذي أمره صلى الله عليه وسلم بصبِّه من الماءِ على يدهِ أقلُّ من الماءِ الذي أبقاهُ في الإناء، وحَكَمَ بطَهارته وتَطهيرِه، فَفَرقٌ بينَ وُرودِ النَّجَسِ على المَاء، ووُرودِ الماء عليه.
وفيه: أنَّ ما دونَ السَّبع منَ العَدد كافٍ للنَّجاسات سوى ما وردَ فيه الأمرُ بالتَّسبيع، وأنَّ موضوعَ الرُّخصة في أثرِ الاستنجاء بالحَجَر للصَّلاة فقط، وأنَّ الاحتياطَ في العباداتِ أَولى.
قال (ن): والتَّعليلُ بأنَّه لا يدري؛ إشارةٌ لا إلى أنَّ المَدار على الشَّكِّ حيثُ وقعَ، ولو كانَ نُقطةً.
قال: وفيه أنَّ النَّجاسةَ المُتَوَهَّمَةَ يستحبُّ فيها الغَسل، ولا يؤثِّرُ