الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ماءِ الغُسل، ويلزمُ منه نقضُ الشَّعرِ لا حقيقةُ الامتِشاطِ، وأمَّا أمرُها بالعمرةِ بعد الفراغِ، وهي كانت قارِنةً لقَصدها عُمرةً منفردةً، كما حَصَل لسائِرِ أمَّهاتِ المُؤمنين حيثُ اعتَمرنَ عُمرةً مفردةً عن حجِّهنَّ، فطيَّبَ خاطِرَهُنَّ بذلك، وذلك حرصٌ منها على كثرةِ العبادة.
قال (ك): وكانت عائشةُ مفرِدَةً، ثم مُتمَتِّعةً، ثم قارنةً. لكن قولَ (ن): لا يصحُّ الخروجُ منهما بعد الإحرام؛ منقوضٌ بتَركِها الحجَّ أوَّلًا بالكُلِّية إلى العُمرَةِ، وإذا جازَ فَسخُ الحجِّ إلى العُمرةِ؛ فَلِمَ لا يجوزُ العَكسُ؟
قلت: وهو عجيبٌ، فإنَّ الفَسخَ خارجٌ عن القياسِ، ومُختَصٌّ بتِلكَ الواقعة، فلا يُقاسُ عليه أيضًا، فقد نَقَل هو عن (ح): أنَّ أشبَه الأقوالِ ما ذَهبَ إليه أحمدُ: أنَّه فَسخَ عليها عُمرتَها، فلا حاجَةَ لقِياسِه.
* * *
16 - بابُ نَقْضِ المَرأَةِ شَعَرَها عِنْدَ غُسْلِ المَحيضِ
(باب نقض المرأة): بإسكانِ القاف.
317 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ، فَإِنِّي
لَوْلَا أنِّي أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمرَةٍ)، فَأَهلَّ بَعضُهم بِعمرَةٍ، وَأهلَّ بَعضُهُم بِحج، وَكُنْتُ أَناَ مِمَّنْ أَهلَّ بِعُمرَةٍ، فَأَدركنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَناَ حَائِضٌ، فَسَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(دَعِي عُمرتكِ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِحَجِّ)، فَفَعَلْتُ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الحصبةِ أرسَلَ مَعِي أَخِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَخَرَجْتُ إِلَى التَّنْعِيم، فَأهْلَلْتُ بِعُمرَةٍ مَكَانَ عُمرَتِي.
قَالَ: هِشَامٌ: وَلَم يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هدىٌ وَلَا صوْمٌ وَلَا صدَقَة.
(موافين)؛ أي: مُكمِّلين ذِي القَعدَةِ، مستَقبِلين هِلال ذي الحِجَّةِ.
وقال (ن)؛ أي: مُتقاربين لاستِهلالِه؛ لأنَّ خروجَهم كانَ لخَمسٍ بقينَ من ذي القَعدَةِ.
(فليهلل)؛ أي: فليُحرِم.
(فأهديت)؛ أي: سُقْتُ الهديَ، وإنَّما كان الهديُ عليه، لانتِفاءِ إِحرامِ العُمرةِ؛ لأنَّ صاحبَ الهديِ لا يجوزُ له التَّحلُّلُ حتى ينحَرَه، ولا ينحرُه إلا يومَ النَّحرِ، والمتَمَتِّعُ يتَحلَّلُ من عُمرَته قبلَه، فتَنَافَيا.
(ليلة) رَفعٌ أو نَصبٌ على أنَّ (كان) تامَّةٌ أو ناقِصةٌ.
ووَجهُ دلالةِ الحديث على التَّرجمةِ القياسُ على النَّقضِ في غُسلِ
الإحرام، أو الإضافةُ بأدنىَ مُلابسةٍ كما سبقَ بيانُه في البابِ قَبلَه، وبيانُ كثير من الحديثِ.
وليس في الحديثِ دلالةٌ على أنَّ التَّمتُّعَ أفضلُ من الإفرادِ؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم إنَّما قال ذلك، لأجلِ فَسخِ الحجِّ [إلى العُمرةِ التي هي خاصٌّ بِهم في تلكَ السَّنة بِمخالَفَةِ تَحريمِ الجَاهليَّة في أشهرِ الحجّ](1)، لا التَّمتُّعُ الذي فيه الخِلافُ، وقالَه تَطييبًا لقلوبِ أَصحابِه، وكانت نُفُوسُهم لا تَسمَحُ بفَسخِ الحَجِّ إليها لمُوافَقتِه صلى الله عليه وسلم، فقال:"إنَّما يَمنعُنِي من مُوافَقَتِكم الهديُ، ولولاه لوافَقتُكم".
(قال هشام)؛ أي: ابنُ عُروَةَ، وهو يَحتَمِلُ التَّعليقَ، وهو الظَّاهرُ، ويَحتَمِلُ الاتَّصالَ.
قال (ن): ونفيُ الثَّلاثةِ مُشكِلٌ، فإنَّ القَارِنَ عليه دَمٌ.
قال (ك): لفظُ الصَّدَقة يدلُّ على أنَّ المُرادَ أنَّها من ارتكابِ محظُورٍ من تَطييبٍ وإزالةِ شَعرٍ وسَترِ وَجهٍ؛ إذ في القِرانِ ليسَ إلا الهديُ أو الصَّومُ.
وقال (ع): في الحديثِ دليلٌ أنَّها كانت مُفرِدَةً؛ للإِجمَاعِ على وُجوبِ دَمٍ في القِرانِ والتَّمتُّعِ.
* * *
(1) ما بين معكوفتين ليس في الأصل.