الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(من إناء واحد) تعلُّقُ هذا الحديث بالباب؛ إمَّا لأنَّ المُرادَ بالإناء الفَرَقُ المذكورُ أو لكونِه مَعروفًا عندَهم [لم يحتَجْ إلى التَّعريف، أو أنَّ الإناءَ كان مَعهودًا عندَهم](1) أنَّه الذي يَسعُ صاعين أو أكثر، أو أنَّ في الحديثِ اختصارًا، وكانَ في تَمامِه ما يدلُّ عليه، كما في حديثِ عائشةَ رضي الله عنها.
(كان ابن عُيينة)؛ أي: أنَّه مُستمرٌّ على ذلك إلى آخر عُمره، أي: فيكونُ عندَه من مُسنَد ميمونة، لكنَّ المُصحَّحَ عند البخاريِّ ما ذكرَه أوَّلًا، وهو أن يكونَ من مُسند ابنِ عبَّاس، وقد وَصَل رواية ابنِ عُيينَة مالكٌ، والشَّافعيُّ، وأبو بكرِ بنُ أبي شَيبَة، والحُمَيدِيُّ وغيرُهم في مَسانيدِهم.
* * *
4 - بابُ مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثلَاثًا
(باب من أفاض على رأسه ثلاثًا)
254 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَمَّا أنَا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا)، وَأَشَارَ بِيَدَيهِ كلْتَيْهِمَا.
(1) ما بين معكوفتين ليس في الأصل.
الحديث الأول (د م س ق):
سبق بيانُ رُواته قريبًا.
(أما أنا) لم تعادَل بـ (أمَّا) أُخرى بعدَها؛ لأنَّ ذاك ليس بلازم، والمعنَى مَهما يكنْ من شيء فأنا أُفيضُ، أي: بضَمِّ الهمزة، أو أنَّ السِّياقَ دلَّ على مقابله، ففي "مسلمٍ": أنَّ الصَّحابةَ رضي الله عنهم تَمارَوا في صِفَةِ الغُسلِ عندَه صلى الله عليه وسلم، فقال:(أمَّا أنا فأُفيضُ)؛ أي: وأمَّا غيري فلا يُفيضُ، أو لا أعلَمُ حالَه، ففيه أنَّه ما كان يُفيضُ من الإناءِ إلَّا ثلاثًا.
(كلتيهما) في بعضِها (كلتاهُما)، وهو على لغةِ لزومِ الألف عند إضافتِها للضَّمير كما في الظَّاهر.
وقال (ش): على لغةِ من يُلزِم المثنَّى الألفَ، وفيه نظر!
وفي الحديثِ: أنَّ الإفاضَة ثلاثًا باليَدَين على الرَّأس، ويقاسُ عليه سائرُ البدَن، وعلى الوضوء، بل هو أولى بالتَّثليث لبناءِ الوُضوء على التَّخفيف.
* * *
255 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبهُ، عَنْ مِخْوَلِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُفْرِغُ عَلَى رَأْسهِ ثَلَاثًا.
الثاني (س):
(بشار) بموحَّدة فمعجمة، وقال (ش): إنه بياءٍ ثم مُهملة، وأنَّ الأوَّل نسخة.
(غُنْدَر) بضَمِّ المُعجمة وسكونِ النُّون وفتح الدَّال المهملة على الأصح: محمَّد بنُ جَعفر.
(مخول) بضَمِّ الميم وفتح المعجمة وتشديد الواو مكسورةً.
(كان): يُشعر باستمراره عادةً.
* * *
256 -
حَدَّثَنَا أبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَامٍ، حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ لِي جَابِرٌ: وأَتَانِي ابْنُ عَمِّكَ يُعَرِّضُ بِالْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ بنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: كيْفَ الغُسْلُ مِنَ الجَنَابَةِ؟ فَقُلْتُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُ ثَلَاثَةَ أكُفٍّ ويُفِيضُهَا عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، فَقَالَ لِي الْحَسَنُ: إِنِّي رَجُلٌ كَثيرُ الشَّعَرِ، فَقُلْتُ: كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَكثَرَ مِنْكَ شَعَرًا.
الثالث (خ):
(معمر) بفتح الميمين وسكون المهملة بينهما، وعند القَابِسِيِّ: بضَمِّ الميم الأولى وتشديد الثَّانية مفتوحةً، وكذا قيَّدُه الحاكم، وجوَّز الغَسَّانِيُّ الوجهَين.
(ابن عمك)؛ أي: ابنُ عمِّ أبيك، ففيه تَجوُّزٌ.
(يعرض) هو خلافُ التَّصريح، وهو اصطِلاحًا كنايةٌ سبَقَت لمَوصوفٍ غيرِ مذكورِ، وفي "الكشَّاف": أن تَذكرَ شيئًا تدلُّ به على شيءٍ لم تذكرْه.
(الحسن بن مُحَمَّد)؛ أي: ابنُ عليّ بنِ أبي طالب، وأمّ محمَّدِ هي الحَنَفِيَّة.
قال ابن عُيينة: ما كان الزُّهْرِيّ إلَّا من غلمان الحسن بن مُحَمَّد، مات سنة مئة.
(ثلاثة أكف) إنَّما أتى بالتَّاء مع أنَّ الكَفَّ مؤنَّثةٌ؛ لأنَّ المُراد قدرُ كفٍّ، ثم ليس المُرادُ أنَّ كلَّ مرَّةٍ كفٌّ واحدٌ؛ بل ثلاثُ غَرَفاتٍ بالكفَّين معًا بدليل ما سبق:(وأشار بيدَيه)، فيُحملُ هذا على ذاك.
(على رأسه) في بعضِها بإسقاط (على).
(ثم يفيض) مفعوله محذوف؛ أي: الماء، ولا يُعاد إلى ما سبق في المَعطوفِ عليه، وهو (ثلاثة أكفٍّ)، ويكونُ قرينتُه العطفَ، لأنَّ البدنَ لا يكفيه ذلك غالبًا.
(كثير الشعر)؛ أي: فلا يكفيني هذا العدد، فردُّه عليه بأنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كانَ أكثرَ شعرًا منك ويكفيه، وفي الحديث ندبيَّةُ تقديمِ الإفاضَةِ على الرَّأس.
* * *