الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الحديثِ: أنَّ القَسْمَ كان واجِبًا علَيه صلى الله عليه وسلم، وإلا لَما احتَاجَ إلى استِئذَانٍ.
قلت: يحتَملُ أنَّه كانَ لتَطييبِ خَواطِرِهِنَّ، وتَفَضُّلِه عليهِنَّ، وفيه أنَّ لبَعضِ الضَّرائرِ أن تَةبَ وقتَها (1) لأُخرى، ونَدبُ الوَصِية، والإجلاسُ في المِخضَب ونحوِه، والصَّبُّ على المريضِ بنيَّة التَّداوي، وقَصدِ الشِّفاءِ.
* * *
47 - بابُ الوُضُوءِ مِنَ التَّوْرِ
(باب الوضوء من التور)
199 -
حدَّثنا خالدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمرُو بْنُ يحيَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَمِّي يُكْثِرُ مِنَ الوُضُوءِ، قَالَ: لِعَبْدِ اللهِ بنِ زَيدٍ: أَخْبِرني كَيْفَ رَأَيتَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتَوَضَّأُ؟ فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاء، فَكَفَأَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ أَدخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ أَدخَلَ يَدَهُ فَاغْتَرَفَ بِها فَغَسَلَ وَجْههُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً، فَمَسَحَ رَأْسَهُ، فَأدبَرَ بِه وَأَقْبَلَ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ: هكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يتَوَضَّأُ.
(1) في "ب": "نوبتها".
الحديث الأول:
(كان عمي) سَبقَ في (بابِ المَسحِ على الرَّأسِ) الجَمعُ بينَه وبينَ رِوايةِ أنَّ المُستَخبِرَ جَدُّه: أنَّه جَدّ مِن جِهةِ عَم للأب.
(ثلاث مرات) أقامَ (مرَّات) مُقامَ جَمعِ الكَثرَةِ، وهو (مِرَار)، فإنَّ حقَّ العَدَد من ثلاثَة إلى عَشْرة ذلك لتَعارُضِهما كـ (ثَلاثةِ قُرُوءٍ).
(واستنثر) اقتَصَر عليه لتضَمُّنِه الاستِنشَاقَ، وكونُه معَ المَضمَضَةِ بغَرفَةٍ دليلٍ لأحَدِ الأَوجهِ الخَمسَة.
(ثلاثًا) تنازَعَه الفِعلانِ السَّابقان: (اغتَرَفَ) و (غَسَلَ)؛ لأنَّ الغَسلَ ثلاثًا لا يُمكِنُ أن يكونَ باغتِرافٍ واحِد.
(فأدبر بيديه وأقبل) أخَذَ بظاهِرِ الإِدبارِ الحسنُ بنُ حَيٍّ وغيرُه، وجَوابُه: أنَّ الواوَ لا تفيدُ التَّرتيبَ، وقد سبَقت روايةُ تقديم الإِقبَال، أو أنَّه صلى الله عليه وسلم يفعلُ كلًّا من المُختَلِفَين لبَيانِ الجَوازِ والتَّيسيرِ.
* * *
200 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا بإناءٍ مِنْ مَاءٍ، فَأُتِيَ بِقَدَحٍ رَحرَاحٍ فِيهِ شَيءٌ مِنْ مَاءٍ، فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِيهِ، قَالَ أَنسٌ: فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى المَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، قَالَ أَنسٌ: فَحَزَرْتُ مَنْ تَوَضَّأَ مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ.
الحديث الثاني، (م):
سنده بَصريون.
(فأُتي) بضَم الهمزة.
(رحراح) بِرَاءٍ مَفتوحَةٍ ثُمَّ مُهمَلةٍ ساكنةٍ ثم راءٍ مُهمَلةٍ، أي: واسعٌ، ويقالُ فيه أيضًا:(رَحرَحٌ) بلا ألف.
قال (خ): الوَاسعُ الصَّحنِ القَريبُ القَعرِ، ومثلُه لا يَسَعُ كثيرًا، ففيه مُعجزةٌ من معجزاته صلى الله عليه وسلم، وهو أبلَغُ من نبَعِ المَاء من حَجَرِ موسى عليه السلام؛ لأنَّ النَّبعَ من الحِجارَة مَعهودٌ.
(شيء)؛ أي: قليلٌ، لأنَّ تنوينَه للتَّقليلِ.
(من) تَبعيضِيَّة.
(ينبع) مثلَّثُ الباء.
(فحزرت) بتقديم الزَّاي منَ الحَزْرِ، وهو: الخَرْصُ، وإنَّما دَخَلَ الحديثُ في ترجَمة التَّورِ؛ لأنَّ الجَوهرِيَّ قال: هو الإناءُ الذي يُشرَبُ فيه. فهو صادقٌ على القَدَحِ الرَّحرَاحِ.
(ما بين السبعين إلى الثمانين) سبقَت روايةُ الجَزم بثَمانين، وسيأتِي في (بابِ علامَاتِ النُّبُوَّة) روايةُ (سَبعين)، ورواية (زُهاءَ ثلاثِ مئة)، وفي حديثِ جابرٍ (خمسَ عَشرةَ مئةً)، ووَجْهُ الجَمعِ: أنَّها قَضايا مُتعَدِّدةٌ في مَواطِنَ مُختلِفَةٍ، وسبَقَت مباحثُ في الحديث في (بابِ التِماس الوَضُوء).
* * *