الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واعلم أنَّه يحتمِلُ سماعَ البخاريِّ من عَمرٍو وموسى، فلا يُجزَمُ بأنَّها تعليقٌ.
قال صاحب "تغليق التَّعليق" من أصحابنا: مُتابعَةُ عَمرٍو رويناها في جزءٍ من حديث أبي عَمرِو بنِ السَّمَّاكِ بنِ عثمانَ بنِ عمرَ الضَّبِّيِّ: ثنا عمرُو بنُ مَرزوقٍ، ومتابعةُ أبانَ زعمَ الشيخُ مُغُلْطَاي أنَّ البَيهقِيَّ وصَلَها من طريقِ عثمانَ عن موسى، وهو وَهمٌ، فإنَّما رواها البَيهَقِيُّ عن عفَّانَ عن أبانَ نفسِه، وليس لعفَّانَ عن موسى روايةٌ بوَجهٍ من الوجوه.
* * *
29 - بابُ غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ فرجِ المرأةِ
(باب غسل ما يصيب من فرج المرأة)
292 -
حَدَّثَنَا أَبُو معمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ يَحيَى: وَأَخْبَرني أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ زيدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَهُ: أنَّهُ سأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امرَأتهُ فَلمْ يُمنِ؟ قالَ عثمانُ: يتوضأُ كمَا يتَوَضَّأُ للصَّلاةِ ويَغْسِلُ ذَكَرَهُ، قالَ عُثمانَ: سَمِعتُه من رسولِ اللِه صلى الله عليه وسلم، فسألْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ وَأُبَيَّ بْنَ
كعبٍ رضي الله عنهم، فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ.
قَالَ يَحيَى: وَأَخْبَرَني أَبو سَلَمَةَ: أَنَّ عروَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
الحديث الأول (م):
(أبو معمر)؛ أي: المُقْعَدُ.
(الحسين)؛ أي: ابنُ ذَكوان.
(يحيى)؛ أي: ابنُ أبي كَثيرٍ.
(وأخبرني) إنَّما ذَكَره بواوٍ للإِشعار بأنَّه حدَّثه غيرَ ذلك أيضًا، وأنَّ هذا من جُملتِه، فالعَطف على مُقدَّر.
(فسألت) هو من قَول ابنِ زَيدٍ، استفتَى هؤلاءِ عن ذلك، أي: إنَّ هذا الحديث استَمَرَّ العملُ به كما أَفتاني عثمانُ أوَّلًا، وسبقَ أكثرُ مباحثِ الحديث في (باب مَن لَم يَرَ الوُضوء إلا من المَخرجَين).
(بذلك)؛ أي: بالوُضوء وبِغَسْلِ الذَّكَر فقط من غير غُسل.
(وأخبرني أبو سلمة) هو أيضًا من مَقولِ يحيَى، وفي بعضِها (قال يحيى: وأخبرني).
* * *
293 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عروَة، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: أخبَرَبي أْبَو أيوبَ، قَالَ: أَخْبَرَني أُبَيُّ بْنُ كعبٍ أَنَّهُ
قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ المرأةَ فَلَم يُنْزِل؟ قَالَ: (يَغْسِلُ مَا مَسَّ المرأةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتوَضَّأُ وَيُصَلِّي).
قَالَ أبو عَبْدِ اللهِ: الغَسْلُ أَحوَطُ، وَذَاكَ الآخِرُ، وإنَّمَا بيَنَّا لاِخْتِلَافِهم.
الحديث الثاني (م):
(أخبرني أُبي بن كعب) سبَقَ في طريقِ رِواية أبي أيُّوبَ للحديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بلا واسِطَة، وذلك لاختِلافِ الحديثيَن لفظًا ومعنى، وإنْ توافقا في بعضٍ، فيكونُ سَمِعَه من النبي صلى الله عليه وسلم مرَّة ومن أُبيٍّ أُخرى، فذكَرَه للتَّقوية، ولأغراضٍ أُخرى.
(مس) فيه ضميرٌ يعودُ على (ما)، والمُرادُ بِمسِّها إصابةُ رُطوبةِ فَرجها، فيُطابِقُ بذلك التَّرجَمة، وهو من إطلاق اللازِم وإرادة المَلزومِ، فهو كنايةٌ، ويحتملُ أن يُضمَر فيه: يَغسِلُ عُضوًا مَسَّ فَرجَ المَرأة.
(ثم يتوضأ) صريحٌ في تأخيره عن غَسلِ ما يصيبُه من المَرأة.
(قال أبو عبد الله)، أي: البخاريّ.
(الغسل) بضَمِّ الغَين، أي: الاغتسالُ من الإيلاجِ، وإن لَم يُنزِلْ.
(أحوط)؛ أي: من الاكتفاءِ بغَسلِ الفَرج والتَّوضُّؤ، كما في الحديث السابق، وفَتوى المذكورين.
(وذلك الآخر)؛ أي: الحديثُ الذي يدلُّ على عَدَمِ الغُسل إنَّما
ذَكَره لأجلِ اختلافِ الصَّحابة في الوُجوبِ وعَدَمِه، ولاختلافِ المُحدِّثين في صِحَّته.
قال (ط): قال الأَثْرَمُ: سألتُ أحمدَ عن حديث زيدِ بنِ خالد، وقوله:(سألتُ خَمسة من الصَّحابة) فقال: فيه عِلَّةٌ، ونعم، ما يُروَى بخلافِه عنهم، وقال ابنُ المَديني: إنَّه حديثٌ شاذٌّ، وقد رُوِيَ عن عثمانَ، وعلي، وأُبَيٍّ: أنَّهم أفتَوا بخلافِه، وقال يعقوبُ: هو مَنسوخ، كانت هذه الفُتْيا في أوَّل الإسلام، ثم جاءت السُّنة بوجوبِ الغُسل، ثم أجمَعوا عليه بعدَ ذلك.
قال الطحاوي: ولأنَّه مُفسِدٌ للصَّومِ ومُوجِبٌ للحدِّ والمَهرِ، وإنْ لم يُنزِلْ، فكذا الغُسلُ، وفي بعضِ النُّسَخ بعدَ حديث:(إذا جَلَسَ بينَ شُعَبِها)، وذلكَ أَولى، وفي بعضِها:(والماءُ أنقَى)، وفي هذا -أي: الغُسلُ- آكَدُ وأجودُ.
قال (ش) بعد حكايةِ لفظِ البخاريِّ على صورةِ (الآخِر)، أي: بلا ياء بكَسرِ الخاء: أي: مِن فِعلِه صلى الله عليه وسلم، فيكونُ ناسِخًا لما قَبلَه، وقال السَّفاقِسِيُّ، روينَاه بفتحِ الخاء، وقيلَ: إنَّه الوَجه.
وقال في قوله: (إنما بيناه لاختلافهم) إنَّه ميلٌ لمَذهَبِ داودَ، والجُمهورِ على أنَّها منسوخةٌ.
قلت: إنَّما يكونُ مَيلًا لمَذهب داودَ إذا فُتِحَت الخَاء من (آخر)،
أمَّا بالكَسر فيكونُ جَزمًا بالنَّسخِ، نعم، في بعضِ النُّسخِ:(وإنَّما) بواوٍ، والأكثرُ (إنَّما) بدونها، وهو مناسِبٌ مَن رواه (الآخَر) بفتح الخاء.