الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنقُضَ وتُمَشِّطَ ليس للوُجوبِ؛ بل لإهلالِها بالحجِّ؛ لأنَّ السُّنةَ أن تغتَسِل الحائضُ والنُّفساءُ للإحرامِ، كما أمَرَ أسماءَ بنتَ عُمَيسٍ -حينَ وَلَدَت مُحمَّدَ بنَ أبي بكرٍ- بالاغتِسالِ والإهلالِ، ومذهبُ ابنِ عمرَ أنَّها تغتَسِلُ لدُخولِ مكَّةَ وللوقوفِ بعَرَفَةَ.
* * *
19 - بابُ إِقْبَالِ المحِيضِ وَإدبَارِهِ
وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرْجَةِ فِيها الكُرسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ فتقُولُ: لَا تَعجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ القَصَّةَ البَيْضَاءَ، تُرِيدُ بِذَلِكَ: الطُّهْرَ مِنَ الحَيْضَةِ، وَبَلَغَ ابْنَةَ زيدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ نِسَاءً يَدعُونَ بِالمَصَابِيح مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرنَ إِلَى الطُّهْرِ، فَقَالَتْ: مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصنَعنَ هذَا. وَعَابَتْ عَلَيْهِنَّ.
(باب إقبال المَحيض وإدباره)؛ أي: دَفعِه وزَوالِه بإقبالِ الطُّهر.
(كن نساء) يُرفعُ على أنَّ (كان) تامَّةٌ، وأُتِيَ بعلامةِ الجمع على لغة:(أكلوني البراغيثُ)، ويُنصب على أنَّها تامَّةٌ أيضًا، لكنْ على الاختِصاص، أي: أعنِي نساءً، ولا يضرُّ كونُه إضمارًا قبل الذِّكر؛ لأنَّ مثلَه يسمَّى بالمُبهم، فيجوزُ فيه ذلك إذا أَشعر بِما بعدَه، والفائدةُ فيه مع كوِنِهنَّ نساءً مِن قوله:(كنَّ) تعريفُ النَّوع، ولذلك نُوِّنَ للتَّنكير؛
لأنَّه لم يقع إلا من بعضِهِنَّ، ولا يضُرُّ في الاختصاص كونُه نكرةً، كما جاء في قَولِ الهُذَلي:
وَيأوِي إلى نِسْوةٍ عُطَّلٍ
…
شُعْثًا مَرَاضِيعُ مثلُ السَّعَالِي
(بالدرجة) بكسرِ الدَّال، وفَتح الرَّاء والجيم، جَمعُ (دُرجَة) بضمِّ الدَّال وسكونِ الرَّاء، وهو وِعاءٌ لنَحو المَغازِل، وفي بعضِها:(بالدُّرجة) بضمِّ الدَّال وبتاءٍ للفَرق كتَمرة وتَمر، وهذا هو الذي قدَّمه (ش)، وجَعل الأوَّل روايةً، وفَسَّر ذلك بأنَّه قُطنةٌ تُدخِلُها المرأةُ فَرجَها ثم تُخرِجُها لتنظرَ هل بقِيَ شيءٌ من أثَرِ الحَيض أم لا، وهو تفسيرُ أهلِ اللّغة، كما قال (ط).
(الكرسف) بضمِّ الكافِ والسين المهملة: القُطْنُ.
(فتقول)؛ أي: عائشةُ.
(القصة) بقافٍ مفتوحةٍ وصادٍ مُهملةٍ مُشدَّدة: ماءٌ أبيضُ يكونُ آخرَ الحيض، يُتَيقَّنُ به نقاءُ الرَّحِمِ تشبيهًا بالقَصَّة التي هي الجِصُّ، ومنه: قَصَّصَ دارَه؛ أي: جَصَّصَها، وهي لغة حِجازِيَّةٌ، وقال أبو عُبَيد الهرَويُّ: معناه أن تُخرِجَ ما تَحتَشي به الحائضُ نقيًّا لا يُخالطُه صُفرةٌ، فكأنَّه قَصَّة، كأنَّه ذَهبَ إلى النَّقاء والجُفُوف.
قال (ع): وبينَها وبينَ القَصَّة عند النِّساء وأهلِ المَعرفة فَرقٌ بيِّنٌ، وحاصِلُ فتواها إيَّاهن: أنَّه لا بُدَّ في طَهارتِهنَّ من رُؤية القُطنةِ شبيهةً
بالجَصَّة نقيَّةً صافيةً.
(بنت زيد) يحتملُ واحدةً من بناتِه، وهنَّ: أمُّ إسحاقَ، وحَسَنة، وعُمرَةُ، وأمُّ كلثومٍ امرأةُ سالم بن عبدِ الله بنِ عمرَ، ولهذه روَاية، قيلَ: والظَّاهرُ أنَّها هِي.
(يدعون) نونُه للنِّسوة، فوزنُه (يَفعُلْنَ) من الدُّعاء.
(إلى الطهر)؛ أي: إلى ما يدلُّ عليه منَ القُطنَة.
(النساء) اللامُ للعَهد عن نِساءِ الصَّحابة لا عن نساءِ المَذكور، وإنَّما عابَت عليهِنَّ ذلك؛ لأنَّ فعلَهنَّ وإن كان حِرْصًا على الطَّاعة، لكنْ فيهِ حَرَجٌ، وهو مذمومٌ، بل جَوفٌ اللَّيل إنَّما هو وقتُ استراحَةٍ.
* * *
320 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَسَألتِ النَّبي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَتْ بِالحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وإِذَا أدبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي).
(أستحاض) بالضَّمِّ مبنيٌّ للمَفعول.
(عرق) بكسرِ العَين، ويسمَّى: العَاذِل.
(بالحيضة) يروى بكسرِ الحاء وفَتحِها، والفتحُ أظهرُ.