الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتوضَّأَ منه، وللبائلِ أيضًا إذا بالَ في إناءٍ ثم صَبَّه، أو بقُربِ الماء فجرى إليه، وهذا أقبحُ ما نُقِلَ عنه في الجُمود على الظَّاهر.
* * *
72 - بابٌ إِذَا أُلْقِيَ عَلَى ظَهْرِ المُصَلِّي قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَم تَفْسُد عَلَيْهِ صَلَاتُهُ
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ دَمًا وَهُوَ يُصَلِّي وَضَعَهُ وَمَضَى فِي صلَاتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَالشَّعْبِيُّ: إِذَا صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ دَمٌ أَوْ جَنَابَةٌ أَوْ لِغَيْرِ القِبْلَةِ أَوْ تَيَمَّمَ، صَلَّى ثُمَّ أَدرَكَ المَاءَ فِي وَقْتِهِ: لَا يُعِيدُ.
(باب إِذَا ألقِيَ عَلَى ظَهْرِ المُصَلِّي قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ، لَم تَفْسُد عَلَيْهِ صلَاتُهُ): أُلقِيَ: مبنيٌّ للمفعول، وقَذَرٌ: نائبُ الفاعل، وهو بفتح المُعجمة، والجيفَةُ: جُثَّةُ المَيتَة.
(إذا صلى)؛ أي: المُصَلِّي، هذا على رواية:(وقالَ ابنُ المُسَيِّب)، أمَّا على روايةِ:(وكانَ ابنُ المُسَيِّب)؛ فالضَّمير في (صلَّى) عائدٌ إليه.
(جنابة)؛ أي: أثرُها.
(أو لغير القبلة)؛ أي: باجتهادٍ.
(في وقته)؛ أي: وقت التيمُّم، إذ لو كانَ الإدراكُ بعدَ وقتِه لا يعيد.
(لا يعيد) جوابَ الشَّرط في (إذا).
* * *
240 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَني أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ (ح) قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحُ ابْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمرُو بْنُ مَيْمُونٍ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ البَيْتِ، وَأَبو جَهْلٍ وَأَصْحَاب لَهُ جُلُوسٌ، إِذْ قَالَ بَعضُهُم لِبَعْضٍ: أيُّكُم يَجيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ، فَانْبَعَثَ أَشْقَى القَوْمِ فَجَاءَ بِهِ، فَنَظَرَ حَتَّى سَجَدَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كتِفَيْهِ وَأَناَ أَنْظُرُ، لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا، لَوْ كَانَ لِي مَنَعَةٌ، قَالَ فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَاجدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ، فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ:(اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ)، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَشَقَّ عَلَيْهِم إِذْ دَعَا عَلَيْهِم -قَالَ: وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِي ذَلِكَ البَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ- ثُمَّ سَمَّى: (اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأبِي جَهْلٍ، وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيبةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَليدِ بْنِ عُتْبةَ، وَأُمَيَّة بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبةَ ابْنِ أَبِي مُعَيْطٍ)، وَعَدَّ السَّابعَ فَلَم يَحْفَظْهُ قَالَ: فَوَالَّذِي نفسِي بِيَدِهِ،
لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ عَدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَرعَى فِي القَلِيبِ قَلِيبِ بَدر.
(م س).
(عبدان) هو عبدُ الله بنُ عثمانَ بنِ جَبَلَة.
(أبي)؛ أي: عثمانُ.
(عن [أبي] إسحاق) هو السَّبيعيُّ.
(بينا) أصلُه (بَينَ) أُشبِعَتْ فتحةُ النُّونِ ألفًا، وعاملُه (قالَ) في قوله بعدَ ذلك:(إذ قال بعضهم لبعض).
(وحدثني) تحويلُ الإسناد.
(حدثني عمرو) تصريحٌ بالتَّحديثِ لما قال فيه أوَّلًا: عن عمرِو.
(عن عبد الله) في بعضِها: (أنَّ)، قال الجمهورُ: هي كـ (عن) محمولةٌ على السَّماع إذا كانَ المُعَنعِنُ غيرَ مُدلِّسِ وثبَتَ اللّقاءُ بينَهما، وقالَ أحمدُ: هو منقطع حتى يتبينَ السَّماع، لكنْ قال هنا:(حدثه) فصرَّح بالسَّماع، فلا يأتي قولُ أحمدَ.
(عند البيت)؛ أي: الكعبَةِ.
(أبو جهل) هو عمرُو بنُ هِشَامِ المَخزومِيُّ، عدوُّ الله، فِرعَونُ هذه الأمَّة، وكان كنيتُه أبا الحَكَم فكنَّاه صلى الله عليه وسلم أبا جهلٍ.
(جلوس) خبرٌ عن المبتدأ -وهو أبو جَهل-، وما عُطِفَ عليه.
وجَوَّز فيه (ك) أنَّه خبرُ (أصحاب)، وخبرُ (أبو جهل) محذوفٌ على حدِّ:
نحنَ بِما عندَنَا وأنتَ بِمَا
…
عندَكَ راضٍ والرَّأي مُختَلِف
بل قَدَّمَ هذا الوَجه إشعارًا بأنه أرجحُ. وفيه نَظَر! لأنَ البيتَ تَعذَّر فيه أن يكونَ (راضٍ) خبرًا عن الكُلِّ لإفرادِه.
(بسلا) بفتح السِّين وخِفَّة اللام مقصورٌ، وهو: الوِعاءُ الذي يَخرُجُ من الجنينِ إذا وُلِد، ويسمَّى في الآدميِّ (المَشِيمَة).
(جزور) بفتح الجيم بمعنَى المَجزور من الإبل؛ أي: المَنحورِ.
(فانبعث)؛ أي: بَعثَتْه نفسُه الخبيثةُ من دونِهم، فانبَعَثَ، وانبَعَثَ في السَّير؛ أي: أسرَعَ.
(أشقى القوم) هو عُقبَةُ بنُ أبي مُعَيطٍ، وفي بعضها:(أشقَى قَومٍ).
قال: لكنَّ الأصلَ في (أفعل) التَّفضيل إذا لم يكنْ معَه (مِن) أن يُعرَّفَ باللام، أو يضافَ، وأنَّ الفَرقَ بين المُضاف لِمعرفةٍ ونكرةٍ أنَّه يكونُ في الأوَّل معرفةً، وأيضًا ففي الثاني المَعنى (أشقى)؛ أي: قوم من أقوامِ الدُّنيا، ففيهِ مُبالَغةٌ ليست في المَعرِفَة.
قلت: في جَميعِ ما قاله نَظَرٌ ظاهر!.
(وأنا أنظر) هو من قَول عبدِ الله.
(لا أُغنِي)؛ أي: لا أنفعُ في دَفعِه، وفي بعضها (لا أُغيِّر)، والأولى رواية النَّسَفِيّ، والحَمُّوِيّ.
قال (ع): وهو أَوجَهُ، أي؛ لو كانَ معي مَن يَمنعُنِي لأَغنَيتُ
وكَفَيتُ شَرَّهم، أو غَيَّرت فِعلَهم.
(مَنَعة) بفتحات، وقد تُسكَّنُ النُّون، أي: قوَّةً، أو جَمع (مانع)، نحو كَتَبَة وكاتِب.
(يحيل) بالحاء؛ أي: ينسُبُ، من: أَحَلتُ الغريمَ، أو من: حالَ على ظَهرِ دابَته وأَحالَ؛ أي: وَثَبَ، كما في حديث:(إنَّ أهلَ خيبَرَ حالوا إلى الحِصنِ)، أي: وَثَبوا إليه، وروايةُ مسلمٍ:(يَميلُ) بالميم؛ أي: يَميلُ بعضُهم على بَعضٍ من كَثرَةِ الضَّحِكِ.
(فاطمة)؛ أي: بنتُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ورضيَ الله عنها.
(بقريش)؛ أي: بإهلاكِ قُريشٍ، وليس المُرادُ كلَّهم، إذ لا عموم، ولئِنْ سلَّمنا؛ فالمُرادُ الكفَّارُ منهم، بل بعضُهم وهم المَذكورون.
(ثلاث مرات) فيه استحبابُ التَّثليث في الدُّعاء وغيرِه.
(يُرون) بضَمِّ أوَّله على المَشهور، وبفَتحِها.
(مستجابة)؛ أي: مُجابة، قال:
وداعٍ دعَاناَ مَن يُجِيبُ إلَى النَّدى
…
فلَم يستَجِبْه عندَ ذاك مُجِيبُ
أي: لم يُجِبْه، والمُرادُ: أنَّهم ما اعتَقَدوا الإِجابةَ إلا من جِهةِ المَكان، لا من خُصوصِ دَعوته صلى الله عليه وسلم.
(ثم سمى)؛ أي: عيَّنَ في دُعائه وبيَّن ما أجمَل أولًا.
(عتبة) بضَمِّ المُهمَلة وسُكونِ المُثنَّاة ثم موَحَّدة.
(ربيعة) بفتح الرَّاء.
(شيبة) بفتح المُعجمَة.
(الوليد) بفتحِ الواو وكَسر اللام.
(عتبة) بالمُثنَّاة بعد العين، وفي مسلم:(عُقبة) بالقاف، واتَّفقوا على أنَّه غلط.
(أُمية) بضَمِّ الهمزة وفتحِ الميم وتشديد الياء.
(عقبة) بسكون القاف.
(معيط) بضَمِّ الميم وفتحِ المهملة وسكون الياء.
(وعَدَّ)؛ أي: النبيُّ صلى الله عليه وسلم، أو عبدُ الله (السابع) مفعولُ (عدَّ)، وهو عُمارَة -بضَمِّ العين وتخفيف الميم- ابنُ الوَليد -بفتح الواوِ وكسرِ اللام-، وجاءَ مُصرَّحًا به في رواية؛ نعم، قيل: إنَّه كان عند النَّجاشي، فاتُّهِمَ في حَرَمِهِ، وكانَ جَميلًا، فنَفَخَ في إحليلِه سِحرًا فهامَ مع الوَحشِ في جزائِرِ الحَبَشة، حتَّى هلَك هناك.
(فلم نحفظه)؛ أي: عبدُ الله أو عمرُو بنُ ميمونةَ، وفي بعضِها:(فلم أحفَظْه)، ولفظ روايته في (الجهاد): وقال أبو إسحاق: ونسَيتُ السَّابع.
(قال: فوالذي
…
) إلى آخره؛ أي: قالَ عبدُ الله.
(بيده) في بعضِها: (في يده).
(الذين عد)؛ أي: عدَّهم، فحُذِفَ العائدُ، وفي بعضها (الذي) بالإفراد، على حدِّ:{وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: 69].
(صرعى) جَمع (صَريع) بِمعنَى (مَصروع).
(قليب) بفتح القاف وكسر اللام، هو البِئرُ التي لم تُطوَ، يذكَّرُ ويؤَنَّث، وهو بالجر بدلٌ مما قبلَه، وإنَّما أُلقوا في القَليبِ تَحقيرًا لأَمرِهم، ولئَلا يتأذَّى الناسُ برائِحَتِهم، لا أنَّه دفنٌ، فإنَّ الحربِيَّ لا يَجِبُ دفنُه.
(بدر) موضعُ الغَزوَة المَشهورة، على أربعِ مَراحل من المَدينة، يذكَّر ويؤَنَّث، قيلَ: إنَّها بئرٌ لرجُل يسمَّى بَدرًا.
والقاتلُ لأبي جَهلٍ ابنا عَفراء، أو ابنُ مَسعودٍ، ولعُتبَةَ عُبَيدةُ -بضَمِّ العَين- ابنُ الحارِثِ أو حَمزةُ، ولِشَيبَةَ حَمزةُ أو علِيٌّ.
ثم إنْ قلنا: إنَّ عُمَارَةَ لم يُقتَل ببَدرٍ، فالمُراد بأنَّه رآهم صَرعى، أي: رأى أكثَرَهم، بدليلِ أنَّ ابنَ أبي مُعَيطٍ لم يُقتَل ببَدرٍ، بل حُمِلَ أسيرًا فقَتَله النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعدَ انصِرافه على ثلاثةِ أميالٍ من المَدينة.
وقد نُوزِعَ البخاريُّ في الاستِدلالِ على التَّرجَمة بأنَّه استَمَرَّ في صلاته؛ والنَّجاسةُ على ظَهرِه، بأنَّه لم يكن إذ ذاكَ حكمٌ بنجاستِه كالخَمرِ، كذا أجابَ به (خ)، وغيرُه قالَ: فإنَّهم كانوا يُلاقون بثيابِهم وأبدانِهم الخَمرَ قبلَ نزول التَّحريم.
قال (ع): بل الفَرثُ طاهرٌ، ورُطوبَةُ البَدن كذلك، فالسَّلا طاهرٌ.
قال (ن): وهذا ضعيفٌ، لأن رَوث ما يُؤكلُ نَجِسٌ عندنا، ثم إنَّه يتضمَّنُ النَّجاسة؛ إذ لا ينفَكُّ عن دمٍ في العادة، ولأنَّه ذبيحةُ عَبَدَةِ