الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبةَ، عَنِ ابْنِ عَباسٍ: أَنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ لَبَنًا، فَمَضْمَضَ وَقَالَ:(إِنَّ لَهُ دَسَمًا).
تَابَعَهُ يُونسٌ وَصَالح بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
(ع).
(إن له دسمًا): قال المهلب: تبيينٌ لعِلَّة الأمر بالوُضوء ممَّا مَسَّت النَّارُ في أوَّل الإسلام، لِما كانوا عليه أوَلًا من قِلَّةِ التَّنظُّفِ استِصحابًا لِما كانَ في الجاهليَّة، فلمَّا تقرَّرت النظافةُ، وشاعَت في الإسلامِ نُسِخَ الوُضوءُ تيسيرًا على المُسلِمينَ.
(تابعه) هو من مَقول البخاريِّ، والضَّمير فيه راجعٌ إلى (عُقَيل).
(يونس) وصَلَه مُسلمٌ، (وصالح) وصَلَه أبو العبَّاس السَّرَّاجُ.
وفي الحديثِ: أنَّ المَضمَضَة عندَ أكلِ الطَّعامِ من الآداب.
قال (خ): يُستحَبُّ في كلِّ ما له دُسومَةٌ، أو يَبقَى في الفَمِ منه بقيَّةٌ.
* * *
54 - بابُ الوُضوء مِنَ النَّوْمِ، وَمَنْ لَم يَرَ مِنَ النَّعْسَةِ وَالنَّعْسَتَيْنِ أَوِ الخَفْقَةِ وُضُوأً
(باب الوضوء من النوم، ومن لم ير من النعسة) هي فُتورٌ في الحَواسِّ، ويُسمَّى: الوَسَن، ونَعَسَ بالفتح نعاسًا، والواحدَةُ: نَعْسَةٌ.
(الخفقة) من (خَفَقَ) بالفَتح يَخفِقُ خَفقَةً، أي: حوَّلَ رأسَه، وهو ناعِسٌ، وهو في "الغَريبين" أنَّ معنَى (تَخفِقُ رُؤوسُهم)؛ أي: تَسقُطُ أَذقانُهُم على صُدورِهم، وكأنَّ البُخاريَّ يقولُ: النُّعاسُ لا ينقُضُ، والنَّومُ المُستَغرِقُ ينقُضُ، وستأتي المَذاهبُ فيه.
* * *
212 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَناَ مَالِكٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا نعسَ أَحَدُكُم وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحدكم إِذَا صَلَى وَهُوَ ناَعِسٌ لَا يَدرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نفسَهُ).
الحديث الأول (ع):
(فليرقد)؛ أي: بعدَ أن يُتِمَّ؛ بدليلِ الحديثِ الآتي، فإنَّ فيه:(فَلْيُتِمَّ)، أي: يَتَحَرَّى في صَلاته ويُتِمُّها، لا أنَّه يقطَعُ الصَّلاةَ بِمُجرَّد النُّعاسِ.
قال (ط): وَجهُ دُخوله في التَّرجَمَةِ أنَّه أَمَرَه بالرُّقودِ، فلولا أنَّه بَطَلت صَلاتُه ما أمَرَه بالرُّقودِ، فدَلَّ على أنَّ النَّومَ ناقِضٌ.
قال: لأنَّه علَّلَ بأنَّه يَختَلِطُ، فلا يدري الاستِغفارَ مِنَ السَّبِّ، وذلك إنَّما هو في النَّوم المُزيلِ للعَقلِ، فيكونُ بِمنزِلةِ مَن سَكِرَ، وقد قالَ تعالى:{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43].
(إذا صلى وهو ناعس) إنَّما غيَّر أسلوبَ الأوَّل، وهو (نعَسَ) الذي هو فِعلٌ، وتَقَيَّدَ بِخبَرِ الحال فِعلًا، وهنا اسمًا، وأيضًا فَقَيَّدَ هُناك النُّعاسَ بالصَّلاة، وهنا الصَّلاةَ بالنُّعاس، لقَصدِ التَّقييدِ هنا بالقَوِيِّ الذي يُفضي إلى أنَّه لا يَدري ما يقول، فيكونُ سبَبًا للحُكمِ المَذكورِ أوَّلًا، وهو مُطلَقُ النُّعاس في الصَّلاة بِخِلافِ ما هناكَ.
وحاصِلُه: أنَّ القَصدَ من الكلامِ ما له القَيد، ففي الأوَّل: النُّعاسُ علَّةٌ للأمرِ، وفي الثَّاني الصَّلاةُ علةٌ للاستِغفار، والفَرقُ بينَ التَّركيبَين هو الفَرقُ بين:(ضَرَبَ قائِمًا) و (قامَ ضارِبًا)، لأنَّ الأوَّلَ يحتَملُ: قيامٌ بلا ضَربٍ، والثَّانيَ: ضَربٌ بلا قِيامٍ.
(لا يدري) جزاءٌ إنْ جُعِلت (إذا) شرطيَّةً، وإلا فهو خَبَر للكلِمة المُحقَّقَة.
(لعله يستغفر)؛ أي: يريدُ أن يَستَغفِرَ.
(فيسب) يحتملُ رفعه من عَطفِ فعلٍ على فعلٍ، ونصبه جوابَ (لعلَّ)، لأنَّها مثلُ (ليتَ)؛ قاله ابنُ مالك.
وفي بعضِها: (يَسُبُّ)، بلا فاءٍ على أنَّه حالٌ من التَّرجِّي في (لعلَّ) عائدٌ إلى المُصلِّي لا للمُتكلِّم، أي: لا يدري أمُستَغفِرٌ أم سابٌّ متَرجِّيًا للاستِغفار، وهو في الواقِع قَصَدَ ذلك، أو استُعمل بِمعنى التَّمكُّن من الاستِغفار والسَّب، كما أنَّ التَّرجيَ بين حصول الوُضوء وعدمِه، أي: لا يدري أيَستَغفِر أم يسُبُّ، وهو متمكِّنٌ منهما على السَّويَّة.
213 -
حَدَّثَنَا أبَو مَعمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(إِذَا نعسَ أَحَدكم فِي الصَّلَاةِ فَلْيَنَم حَتَّى يَعلَمَ مَا يَقْرَأُ).
الحديث الثاني:
سنده بصريون.
(إذا نعس)؛ أي: أحدُكم، والقرينة ظاهِرةٌ، وفي بعضها مَذكورٌ.
(في الصلاة): في بعضِها ساقِطٌ.
(ما يقرأ) موصولٌ وصِلتُه، والعائدُ مَحذوفٌ، أي: يقرأه، ويحتَملُ كونُها استفهاميَّةً.
قال (ط): وفي الحديث أنَّه لا ينبَغي للمصَلِّي أن يقرِنَ الصَّلاة مع شاغلٍ عنها، أو حائلٍ بينَه وبينَها لتكونَ هي همَّه، وهذا يدلُّ على أنَّ النَّومَ القليلَ بِخِلافِ ذلك.
قال: وخَرقَ المُزَنِيُّ الإجماعَ بقوله: إنَّ قليلَ النَّوم ناقضٌ.
قال (ك): ليسَ خارقًا، فقد حَكى (ن) مذاهبَ:
أحدها: ناقِضٌ بكلِّ حالٍ؛ قاله الحَسنُ، والمُزَنِيُّ، وابنُ راهويه، وابنُ المُنذِرِ، ورُوِيَ عن ابنِ عبَّاس، وأبي هُريرَة. قال: وهو قولٌ للشَّافِعيِّ غريبٌ.
ثانيها: لا ينقُضُ مُطلَقًا، وعليه أبو موسى الأشعريُّ، وابنُ المُسَيِّبِ.