الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(في الخميلة) اللامُ للعَهد كما في: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: 16]، وسبق الجَمعُ بين هذا وبينَ الحديثِ الذي في (بابِ هل تُصلِّي المَرأةُ في ثَوبٍ حاضَت فيه)، من قولها:(ما كانَ لإحدَانا إلا ثوبٌ واحدٌ)، أنه باعتِبارِ وَقتَينِ حالةَ الإقتارِ وحالةَ حُصولِ الفُتوحاتِ.
أو يُجابُ باعتِبارِ اللَّيلة؛ أي: ما كانت تَملكُ إلا ثَوبًا واحِدًا، لكنْ في دَفع السُّؤالِ بذلك بُعد.
* * *
23 - بابُ شُهُودِ الحَائِضِ العِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، ويَعتَزِلْنَ المصلى
(باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين)؛ أي: كالاستِسقَاء.
(يعتزلن المصلى)؛ أي: مكانَ الصَّلاة، وهو المَسجدُ، وجَمَعَ الضَّميرَ مع عودِه لمُفردٍ؛ لإرادَة الجِنس، كما في:{سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: 67].
324 -
حَدَّثَنَا مُحَمدٌ -هُوَ ابْنُ سَلَامٍ- قَالَ: أَخْبَرَناَ عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: كنا نمنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي العِيدَيْنِ، فَقَدِمَتِ امرأةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بني خَلَفٍ، فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِها، وَكانَ زَوْجُ أُخْتها غزَا مَعَ النبِي صلى الله عليه وسلم ثِنتي عَشَرَةَ، وَكانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ، قَالَتْ:
كنَّا نُدَاوِي الكَلْمَى، وَنَقُومُ عَلَى المَرْضَى، فَسَألتْ أُخْتِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَعَلَى إِحدَاناَ بَأسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَها جِلْبَابٌ أَنْ لَا تَخْرُجَ؟ قَالَ: (لِتُلْبِسْها صَاحِبَتها مِنْ جِلْبَابها، وَلْتَشْهدِ الخَيْرَ وَدَعوَةَ المُسْلِمِينَ)، فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَألتها أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: بأَبِي نعم -وَكانَتْ لَا تَذْكرُهُ إِلَّا قَالَتْ: بأَبِي- سَمِعتُهُ يَقُولُ: (يَخْرُجُ العَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الخُدُورِ، أَوِ العَوَاتِقُ ذَوَاتُ الخُدُورِ وَالحُيَّضُ، وَلْيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُؤْمِنِينَ، ويعتَزِلُ الحُيَّضُ المُصَلَّى)، قَالَتْ حَفْصَةُ: فَقُلْتُ: الحُيَّضُ؟ فَقَالَتْ: أليْسَ تَشْهدُ عَرَفَةَ وَكَذَا وَكَذَا؟!
(عواتقنا) جَمعُ (عاتِق)؛ أي: شابَّةٌ لم تُفارِقْ بيتَ أهلِها إلى زَوجٍ؛ لأنَّها عُتِقَتْ عن آبائِها في الخِدمَةِ والخُروجِ في الحَوائِجِ، وقيل: قارَبت أن تَتزوَّجَ فتُعتَقَ عن قَهرِ أَبوَيها.
(امرأة) هي وأختُها أمُّ عطيَّةَ نُسيبَةُ بنتُ الحارِث.
(قصر بني خلف) بالخاءِ المعجمة: مَوضعٌ بالبَصرة.
(ثنتي عشرة)؛ أي: غَزوة، وتميمٌ تكسِر (شينَ) عشرة.
(وكانت)؛ أي: وقالت المَرأةُ المُحدِّثةُ: (كانَت
…
) إلى آخرِه.
(معه)؛ أي: مع زَوجِها، أو مع النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(قالت)؛ أي: الأختُ.
(كنا) جُمِعَت لقَصدِ العُمومِ.
(الكلمى) جمع (كَليم)، فعيلٌ بمعنَى مَفعول، فهو على القياس.
(المرضى) هو بالحَمل على جَرحَى.
(أن لا نخرج)؛ أي: إلى مُصلَّى العيدِ.
(ولتلبسها) بسكونِ السِّين للجَزمِ، وفاعلُه:(صاحبتُها).
(جلبابها) بكسرِ الجيم وتكرير الموحَّدة: ثوبٌ أعرضُ وأقصَرُ من الخِمارِ، وقيل: ثَوبٌ واسِعٌ دونَ الرّداءِ تغطِّي به ظَهرَها وصَدرَها، وقيل: هو الإزارُ، والمعنَى: تُعيريها جِلبَابًا لا تَحتاجُ إليه لتَلبِسَه.
(الخير)؛ أي: مجالسَ الخَير، كسماعِ الحديثِ، وعيادَةِ المَرضى، ودعوةِ المُسلمينَ كالاجتِماعِ لصَلاة الاستِسقاء.
(قدمت)؛ أي: البَصرة.
(سألت)؛ أي: قالت حفصَةُ: سألتُ أمَّ عطِيَّةَ.
(أسمعت) مفعولُه مَحذوفٌ، أي: ذلك، أو المَذكور.
(بأبي)؛ أي: أَفدِي بابِي، ولبعضِهم (بأَبا) بإِبدالِ ياءِ المتكلم ألفًا، ولبَعضٍ:(بِيَبِي) و (بِيَبَا) بقَلب الهمزَةِ ياءً فيهما.
(لا تذكره)؛ أي: النبِي صلى الله عليه وسلم، أي: مُفدى بأبِي، ويحتملُ أنَّه قَسَمٌ، أي: أُقسِمُ بأبِي، لكنَّ الأوَّلَ أقربُ للسِّياقِ وأظهرُ.
(وسمعته) ليس من تتمَّة المُستثنَى، إذ الحَصرُ في قوله:(بأبي) فقط لقَرينةِ ما سبقَ.
(ذوات الخدور)؛ أي: البيوت، في بعضِها:(وذوات)، وفي
بعضِها: (العاتِقُ ذاتُ الخِدر) بالإفراد، والخِدرُ -بكسر الخاء-: السِّترُ في جانِبِ البَيت، أو هوَ نفسُ البَيت.
(والحيض) بتشديدِ الياء، جَمعُ (حائِض) عطفٌ على (العواتِقِ).
(يعتزل) في بعضِها: (يعتَزِلْنَ) على لغَةِ (أكلوني البراغيثُ).
(آالحيض): استفهامٌ تعجُّبِيٌّ من إِخبارها بشهودِ الحائضِ.
واعلم أن الأمرَ بالاعتِزالِ للوجوبِ، لأنَّ الشُّهودَ والخروجَ لما دلَّ من خارج أنه للنَّدب، وإنَّما عُطِفَ (لتَشهد) على (يخرجُ) وهو خبَرٌ؛ لأنَّ إخبارَ الشَّارعِ عن الحكم الشَّرعِيِّ كـ (هو) متضمِّنٌ للطَّلبِ، أي: ليَخرُج.
(أليس) اسمُها ضميرُ الشَّأنِ، وفي بعضِها:(ليس) بلا استِفهامٍ.
(عرفة)؛ أي: يومَ عرفة.
(كذا وكذا)؛ أي: نحوَ المُزدلفَة، وصلاةَ الاستِسقاء.
ففي الحديثِ: أنَّ الحائِضَ تذكرُ الله، وتشهدُ مجالِسَ الخَير والدُّعاءِ والتَّأمين رجاءَ بَرَكةِ المَشهد، لكنْ لا تقربُ المسجدَ، واستِعارةُ الثيابِ للخروجِ للطَّاعات، واشتمالُ المرأتينِ في ثَوبٍ واحدٍ لضرورةِ الخروجِ للطَّاعة، وغَزوُ النِّساء، ومداواةُ الجرحى وإن لم يكونوا مَحارِمَ، وقبولُ خبَرِ المرأة، وجوازُ نقلِها الأعمالَ في زمنِه صلى الله عليه وسلم، وإن لم يخبِر به هو، والنَّقلُ عن صحابِي لا يُعرفُ لاسيَّما إذا بُيِّنَ منزِلُه.
قال (ن): قال أصحابُنا: يستحَبُّ إخراجُ غيرِ ذواتِ الهيئات والمُستَحسَنات في العيد فقط، لأنَّ في زمانِه كانَ الأمنُ من فسادِهن،