الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستفهام وضمِّ العين وكسرِ الجيم المُشدَّدة، وفي بعضِها بفَتح العينِ وكسرِ الجيم، وفي بعضِها بفتحِ قافِ (قَحَطت) وحائِها، وفي بعضِها بكسر الحاء، وفي بعضِها بالهمزة مفتوحةً مضمومةً على البناء للفَاعل أو المَفعول.
(فعليك الوضوء) مبتدأٌ وخبرٌ مُقدَّمٌ، أو بنصبِ (الوُضوء) على الإغراءِ، أو مفعولُ (عليكَ)؛ لأنه اسمُ فعلٍ بمعنى: اِلزَم.
(تابعه)؛ أي: تابع النَّضرَ (وهب) تعليقٌ، لأنَّ البخاريَّ عند وفاته كان ابنَ اثنتَي عَشرة سنةً، وإسنادُ شعبةَ على ما هو عليه، وقد وصَلَه، أي: أبو العبَّاس السَّرَّاجُ في "مسنده".
(ولم يقل)؛ أي: ولم يذكُرا في رِوايتِهما عن شعبةَ لفظَ (الوُضوء)؛ أي: بل قالا: (فعَليكَ) فقط بحذف المبتدأ، وجازَ ذلك لوُجود القَرينَةِ، ورواية غُنْدَرٍ وصَلَها أحمدُ ومسلم، وروايةُ يحيى بنِ القَّطَّانِ وصَلَها أحمدُ.
* * *
35 - باب الرَّجُلُ يُوَضِّيءُ صَاحِبَهُ
(باب الرجل يوضئ صاحبه) هو بكسر الضَّاد المُشدَّدة، والهمزِ.
181 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَناَ يَزِيدُ بْنُ هارُونَ، عَنْ يَحيَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبة، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ
أُسَامَةَ بْنِ زيدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أفاضَ مِنْ عَرَفَةَ عَدَلَ إِلَى الشِّعْبِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زيدٍ: فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَيْهِ وَيتَوَضَّأُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أتصَلِّي؟؟ فَقَالَ: (المُصَلَّى أَمَامَكَ).
الحديث الأول:
سبق في (باب إسبَاغِ الوُضُوء).
(أفاض)؛ أي: دفع (من عرفة)؛ أي: من وُقوفِ عَرَفةَ، لأنَّ (عرفةَ) اسم اليوم، و (عرفات) اسمٌ للمَكان، إلا أنَّ (عَرَفة) أُطلِقَ على المكان.
قال الجوهري: قولُ النَّاس: نزَلنا عَرَفَةَ؛ شبيهٌ بِمُوَلَّدِ، وليس بعرَبيٍّ مَحض.
(الشعب): الطَّريقُ في الجَبل.
(أصب) بضَمِّ الصَّاد، ومفعولُه محذوفٌ.
(ويتوضأ): الجملةُ حاليَّةٌ، وإن كانَ فيه واحدٌ، كإجازة الزَّمخشريّ في:{وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19]، وفي:{وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا} [المائدة: 84].
(المصلى)؛ أي: مكانُ الصَّلاة.
(أمامك)؛ أي: قُدَّامَك، وقد سبقَ مَباحِثُ أُخرى.
قال (ط): وَجهُ دِلالتِه على أنَّ الرَّجلَ يُوضئُه غيرُه: أنَّ أُسامَةَ كانَ يغتَرِفُ له من الإناءِ ويصُبُّ عليه، وذلك بعض أعمالِ الوُضوء، فجازَ سائرُ أعمَالِه، وهو مِنَ القُرَب التي يعمَلُها الرَّجلُ
عن غيرِه، بخلافِ الصَّلاة؛ لأنَّ الإجماعَ أنَّ المريضَ يُوضِّئُه غيرُه، ويُيَمِّمُهُ غيرُه إذا لم يستَطِع، ولا يُصَلِّي عنه إذا لم يَستَطِع، فحَصَل الفَرقُ بينَهما، وهذا يَرِدُ على مَن قَالَ: نكرَه أن يُشرِكَنا في الوُضوءِ أحَدٌ.
قال (ن): وفي الحديثِ جوازُ الاستِعانَة في الوُضوء، لكنْ إنْ كانَ بإِحضَار الماء فلا كراهةَ، أو بِغَسل الأعضاء فَمَكروهٌ إنْ لم تكنْ حاجةٌ، أو بالصَّبِّ؛ فالأولى تَركُه، وهل يُسمَّى مَكروهًا؟ وَجهان.
قال (ك): وفيه جوازُه؛ لأنَّ ما فَعَلَه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يُقالُ فيه: الأَولى تَركُه، وكيفَ يتردَّدُ فيما الأَولى تركُه؟ وكيفَ ينفِي كراهتَه وليسَ المكروهُ إلا ذلك؟
قلتُ: فَعَلَه صلى الله عليه وسلم وإنْ كانَ في غيرِه خلافُ الأولى؛ لدَليلٍ خَصَّه، لكنْ هو في حقِّه أولى، بل واجبٌ من حيثُ إنَّه أحدُ طُرُقِ التَّبليغِ، وأمَّا الفَرقُ بين خلافِ الأولى والمكروه، فمَشهورٌ في كلامِ أصحابنا إمَامِ الحَرَمين وغيرِه: إنْ كان بنَهيٍ مقصُودٍ فمَكروهٌ، أو بنهيٍ تضَمَّنَه أمرٌ بفعلٍ فخِلافُ الأَولى.
* * *
182 -
حَدَّثَنَا عَمرُو بْنُ عَليٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: سَمِعتُ يَحيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَني سَعدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّ ناَفِعَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ: أنَّهُ سَمعَ عروَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعبَةَ يُحَدِّثُ عَنِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبةَ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، وَأَنَّهُ ذهَبَ لِحَاجَةٍ لَهُ، وَأَنَّ مُغِيرَةَ جَعَلَ يَصُبُّ المَاءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يتوَضَّأُ، فَغَسَلَ وَجْههُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَمَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ.
الحديث الثاني:
(جعل يصب) هذا من تأدِيَة عُروَةَ معنَى كلامِ المُغيرة، إذ لو ذَكَر لفظَ المُغيرة، لقالَ:(جَعَلتُ أَصُبُّ).
(فغسل) عطفُ مفَصَّلٍ على مُجمَلٍ؛ لأنَّه غيرُ مُغايرِ للمَعطُوفِ عليه، وهو (يتَوضَّأ) بل هو عينُ الوُضوءِ كما قرَّره الرمخشريُّ في:{فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] إلى آخر الآيتين، حيثُ عُطِفَ على:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226]، وأتَى بِـ (غَسَلَ) ماضيًا؛ لأنَّه الأصلُ، وتعبيرُه بالمُضارعِ في (يتَوضَّأ) إنَّما هو لحِكَايةِ الحالِ المَاضيَة.
(ومسح على الخفين) فيه بيانُ المَسحِ على الخُفَّين، وأنَّه لا يجوزُ أن يَمسَحَ واحدةً ويغسِلَ أُخرى، وعُدِّيَ (مسَحَ) بِـ (على) دونَ حَرفِ الإلصاقِ؛ نَظرًا إلى معنَى الاستعلاء، كما لو قال: مَسحَ إلى الكَعبين؛ كانَ نَظَرًا إلى الانتِهاء، وبِحَسَب المَعاني تختَلفُ صِلاتُ الأفعال، وإنَّما أعادَ بلفظِ (ومَسَحَ) ولم يُعِدْ لفظَ (غَسَلَ) في قوله (ويدَيه)؛ لأنَّ المُراد في الحديثِ بيانُ تأسيسِ قاعدَةِ: المَسحِ بخِلافِ الغَسل، فإنَّه تكريرٌ للسَّابقِ.
* * *