الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما برِجلها، فإن كانَ كذلك، وإلا فالشَّيءُ إذا ضاق اتَّسع.
وذكر (ط) عن ابنِ القَصَّار تضعيفَ قولِ الشَّافعيَّة أنَّ ما دونَ القُلَّتين إذا وردَ على النَّجِسِ طَهُر، وإذا وردَ النَّجِسُ نَجَّسَ الماء، فإنه لا معنَى له إلا أن يُناطَ الأمرُ بالتَّغيير وعدمِه.
قال (ك): لكنَّ الفَرقَ أنَّ الواردَ له قوَّةٌ؛ لأنَّه عاملٌ، فلذلك مَنع النبيُّ صلى الله عليه وسلم المُستيقِظَ من النَّوم أن يغمِس يدَه، حتى يَغسلَها ثلاثًا، ففَرقٌ بين وُرودِ الماء، وورودِ المَشكوكِ في نَجاسته.
وفي الحديث: أنَّ الأرضَ المُتنَجِّسةَ لا يطهِّرُها إلا الماء لا الشَّمس، كما يقولُ أبو حنيفة: إنَّها إذا أذهبَت الأثر تطهرُ، وقال الثَّوري: إذا جَفَّت فلا بأسَ بالصَّلاة عليها، وقال الحسَن: تطهُرُ.
(فأهريق) قيَّده ابنُ الأثير بفتح الهاء. قال: ويَجوزُ إسكانُها من: أَهْراقَ يُهْريقُ إهْراقًا.
* * *
62 - باب بَوْلِ الصِّبْيَانِ
(باب بول الصبيان) بكسر الصَّاد، وحُكِي ضمُّها، جَمعُ (صَبِي)، والجاريةُ: صبيَّةٌ، وجَمعُها (صبايا).
222 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ: أَنَّها قَالَتْ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِصَبِيٍّ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاء فَاَتْبَعَهُ إِيَّاهُ.
الحديث الأول (م س ق):
(بصبي) أخرجَ الدَّارقُطنِيُّ عن الحجَّاجِ بنِ أَرْطَأَةَ عن هشامٍ بهذا الإسناد (أنَّها أتتْ بعبدِ الله بنِ الزُّبير)، ورَوى الحاكمُ وقوعَ ذلك من الحسينِ بنِ عليٍّ، وروى ابنُ مَندَه وقوعَه لسليمانَ بن هاشمِ بن عُتبةَ بنِ أبي وقَّاص، وقيلَ: الصَّبِيُّ: الحسنُ بنُ عليٍّ.
(فأتبعه) بفتحِ الهمزة.
* * *
223 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَناَ مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شهابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبةَ، عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَن: أنها أتَتْ بِابْنٍ لَها صَغِيرٍ لَم يَأكُلِ الطَّعَامَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجْرِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَم يَغْسِلْهُ.
الحديث الثاني (م د ت ق):
(أُم قيس) اسمُها: آمِنةُ، وقيل: حُذامَةُ، وأمَّا ابنُها فلم يُسمَّ.
(لم يأكل الطعام)؛ أي: الذي يُؤكَلُ، وإلا فاللَّبنُ مَطعومٌ إلا أنَّه يُشرب، والمرادُ أنَّه لا يستقلُّ بأكلِ الطَّعام، أو لا يتغذَّى به، ونحو
ذلك، وإلا فأوَّلُ ما يولدُ يلعقُ عَسلًا، ويُحنَّكُ بتَمرٍ.
(حجرة) بفتحِ الحاء وكسرِها والجيمُ ساكنةٌ فيهما.
(فنضحه) بفتح الضَّاد (ينضِحُه) بالكَسر، أي: رشَّه من غير جَرَيانٍ، فإنَّه مع الجريان يُسمَّى غَسلًا، فلذلك عقَّبه بقوله:(ولم يغسله)، نعم، قال:(خ): في الغَسل أنَّه معَ العَصر.
قلت: لكن المُرجَّح في المذهبِ أنَّ العَصرَ لا يُشترطُ.
قال: وفيه أنَّ إزالةَ أعيان النَّجاسات تُعتَبَرُ بقَدرِ غِلَظِ النَّجاسة وخِفَّتها، فالنَّضْحُ في الغلامِ لخِفَّة النَّجاسة، لا لأنَّ بولَه طاهرٌ، كما نقله (ط) عن الشَّافعي، وأحمدَ، وإسحاقَ.
وأخذَ قومٌ بقوله، (ولم يغسله)، فقَد غَلَّطَ (ن):(ط) في حِكايةِ ذلك عن الشَّافعي، وأحمدَ، فإنَّ مذهبَهما إنَّما هو خِفَّةُ النَّجاسة، فهو كمَذهب أبي حنيفة، ومالكٍ في القَول بنجاستِه، إلا أنَّهما قالا: لا يَغسِلُه مطلقا سواءٌ أكلَ الطَّعام أم لا، واستُدِلَّ لهما بأنَّه نَضَحه، والنَّضحُ: الغَسلُ، لحديث:"وانضَح فَرجَك"، ولحديثِ أسماءَ في غَسل الدَّم:"وانضَحيه".
قال المهلَّبُ: ولأنَّ الجَمَل الذي يَستَخرِجُ الماء يسمَّى: ناضِحًا، وأنَّ الذي في الحديث (لم يأكل الطعام) إنَّما هو حكايةٌ للقصَّة لا للفَرق، وأيضًا فالإجماعُ على عدمِ الفَرق بينَ بَولِ الرَّجلِ والمَرأة، فكذلك الصَّبيُّ والصَّبيَّةُ.
وادَّعى الأَصيلِيُّ كما قاله (ط): إنَّ (ولم يغسله) من قولِ ابنِ شهابِ، وإنَّ معمرًا رواه عن ابن شهابِ، فقالَ:(فَنَضَحَه) ولم يزد، وابنُ عُيينَةَ عنه أنَّه قالَ:(فرَشَّهُ) ولم يزِد.
قال (ك): في مسلم -بل وهذا "الصَّحيحُ"- ما يدلُّ على أنه ليسَ من قولِ الزُّهريِّ بل من قَول عائشةَ المُشاهِدَةِ لذلك، وأما النَّضحُ فليسَ الغَسلُ كما دلَّ عليه كتبُ اللغة، وإتباعُ الماء أعمُّ من الغَسل والرَّش.
ولا نُسلِّم أنه في حديث المِقداد وأسماء بِمعنَى الغَسل، ولو سُلِّم فبدليلٍ خارجِيٍّ، وأمَّا تَسميةُ الجمَل ناضِحًا؛ فهو كنايةٌ؛ لأنَّه يحملُ قليلًا لا جاريًا كثيرًا كالقَنَوَات والأَودِية، وأمَّا القياسُ على الرَّجل والمَرأة، فذلك لِغِلَظِ بولهما، وأمَّا الطِّفلان فخفيفان، لكنَّ أحَدَهُما أخفُّ فعُفِيَ عنه، أو أنَّ بَول الجارية غليظٌ كالكبير.
وقيل: بولُها بسببِ استيلاء الرُّطوبَة والبُرودةِ على مِزَاجِها أغلظُ وأنتَنُ.
وقيل: فيه لُزُوجَةٌ، فيلصَقُ بالمَحَلِّ.
وقيل: لانتِشارِ بَوله وتفرُّقه بخلاف بَولها، فإنه يجتَمعُ فيظهرُ أثره في المَحلِّ، على أنَّه قد جاءَ التَّصريحُ في الحديث بالفَرق، وهو قولُه صلى الله عليه وسلم:"يُغسَلُ من بولِ الجَارية، ويُنضَحُ من بولِ الغلام"، أخرجه أبو داود، والترمذي، وزاد أبو داود:"ما لم يَطعَم".
وفي الحديثِ استحبابُ حَمل الطِّفلِ لأهلِ الفَضل للتَّبرُّك سواءٌ حالَ