الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقالَ الأصمَعِيُّ: هُما العَظمانِ النَّاتِئان من جانِبِ القَدَم، دليلُه في حديثِ:(أقيموا صفُوفَكم)، (ورأيتُ الرَّجُل يُلصِقُ كعبَه بكَعبِ صاحِبِه).
* * *
40 - بابُ اسْتِعمَالِ فَضْلِ وَضُوءِ الناسِ
وَأَمَرَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَهْلَهُ أَنْ تتَوَضَّؤا بِفَضْلِ سِوَاكِهِ.
(باب اسْتِعمَالِ فَضْلِ وَضُوءَ النَّاسِ) بفَتح الوَاو على المَشهور، وفَضلُه: ما يَبقَى في الإناءِ بعدَ الوُضوءِ، أو أنَّ المُرادَ ما يتَطايرُ عن المُتوَضِّيء فيُجمَع، والسِّياقُ ظاهرٌ في هذا المعنَى، وبِهذا التَّفسيرِ هو المَاء المُستعمَل، فمالكٌ يقولُ: إنه طَهورٌ، والشَّافعيُّ يقول: طاهرٌ لا طَهورٌ، وأبو حنيفَة يقولُ: إنَّه نَجِسٌ، ثُمَّ المُرادُ بالاستعمال رفعُ حَدَثٍ أو إزالةُ نَجَسٍ على ما فُصِّلَ في الفِقه.
(بفضل سِواكه)؛ أي: العُود الذي يتَسَوَّكُ به في الأشهر، فهو مُذَكَّرٌ.
قالَ في "المُحكَم": ويُؤثَّث أيضًا، وجَمعُه:(سُوُك) كـ (كتاب) و (كُتُب).
والمرادُ بفَضلَةِ الماء: الذي يُنقَعُ فيه ليترطَّبَ، ويُطلق السِّواكُ
أيضًا (1) على الفِعل، أي: الاستِيَاك، وليسَ مُرادًا هنا.
* * *
187 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعبةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ يَقُولُ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالهاجِرَةِ، فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ فتوَضَّأَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَأخُذُونَ مِنْ فَضْلِ وَضُوئهِ فَيتمَسَّحُونَ بِهِ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ ركعَتَيْنِ وَالعَصرَ ركعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ.
الحديث الأول:
(بالهاجرة) هو وسطُ النَّهار، وعندَ شدَّة الحرِّ، وهذا كانَ في سَفَرِ القَصرِ، ولهذا صلَّى الظُّهرَين رَكعتَين رَكعتَين.
(العنزة) بفَتحات: أطولُ من العَصا، وفيها زجٌّ كالرُّمحِ.
* * *
188 -
وقَالَ أبَو مُوسى: دعَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَدحٍ فيهِ ماءٌ، فغسلَ يديهِ ووجههُ فيهِ ومجَّ فيهِ ثُمَّ قالَ لَهُمَا:(اشْرَبَا مِنْهُ، وَأفرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا).
(وقال أبو موسى) وصَلَه في (المغازي) في (غزوة الطَّائف).
(1)"أيضًا" ليس في الأصل.
(ثم قال لهما)؛ أي: لأبِي الرَّاوي ولبِلالٍ، فإنّه كانَ معه كما ذُكِرَ هناكَ.
(اشربا) بهمزةِ وَصلٍ من (شَربَ).
(وأفرغا) بالقَطع، لأنَّه رُباعيٌّ، وفي الحديث هناك: فنَادتهُما أمُّ سَلَمةَ (1) من وَراءِ السِّتر أَفضِلا، فأفضَلا لها.
ويحتَمل أنَّ الأمرَ بالشُّرب والإِفراغِ لِمَرَضٍ أو شيءٍ أصابَهما، فلذلك قالَ الإسمَاعيلِيُّ: ليسَ هذا منَ الوُضوءِ في شيءٍ، أي: وقصدَ البخاريُّ الرَّدَّ بذلك على من زعمَ نجاسةَ المَاء المُستَعمَل، وليسَ فيه إلا مسحٌ وشُربٌ للتَّبرُّك، ولا يُختَلَفُ في جوازِه.
(نحوركما): جمعُ (نَحر)، وهو موضعُ القِلادَة من الصَّدر.
وفي الحَديثِ قصرُ الرُّباعيَّة في السَّفر، ونَدبُ نَصبِ العَنَزَة، وجوازُ مجِّ الرِّيقِ في المَاء.
وقال (ط): إنَّ قَضدَ البخَاريُّ أنَّ المُستعملَ لم يتغيَّرْ بذلك؛ فيجوزُ الوُضوءُ به، ولهذا ذَكَرَ فضلَ السِّواك، واحتِجاجُ أبِي حنيفةَ على نَجَاستِه بأنَّه ماءُ الذنوبِ، وأُجيبَ بأنَّه مثَلٌ ضَرَبه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، أي: كما يَنغَسِلُ الدَّرَنُ من الثَّوبِ تتَحاتُّ الذُّنوبُ بالغَسل، ثُم يُعارَضُ بأنَّه صارَ بذلك مُبارَكًا؛ لأنَّ الله تعالى كفَّر به الذُّنوبَ، فلا يكون نَجِسًا، والإجماعُ على عَدَمِ المُؤاخذة بما تَرشَّشَ منه، ولو كانَ نَجِسًا لوَجَبَ
(1) في الأصل "أم سُلَيم" وهو خطأ.
التَّحرُّزُ منه، ولأنَّه لم يتغيَّر، وهو طاهرٌ لاقى جِسما طاهِرًا، فجاز أن يَسقُط الوُضوءُ به مرَّةً أُخرى.
قال (ك): لا نُسَلِّمُ أنَّه لم يتأثَّر بذلك؛ لأنَّه حَصَل له من الكَلالِ والضَّعف ما اقتَضَى أنَّه لا يُزالُ به فرضٌ آخر، وأيضًا فالصَّحابةُ ومَن بعدَهم لم يَجمَعوا الماءَ (1) المُستعمَلَ للاستِعمَال ثانيًا، فلو كانَ طَهورًا لفَعلوا.
قال (ط): وفي الحَديثِ أنَّ لُعابَ البشرِ ليسَ بنجِسٍ، ولا يضُرُّ شُربُه، وأنَّ نَهيَه صلى الله عليه وسلم عن النَّفخِ في الطَّعام لِخَوف التَّقَذُّر، فهو تأديبٌ، بل كانت نُخَامتُه صلى الله عليه وسلم أطيبَ عندَ المُسلمين مِنَ المِسك، لأنَّهم كانوا يتَدَافعون عليها، ويَدلُكون بِها وُجوههم لبَرَكَتِها، ومُخَالَفتِها لأفواهِ البَشَرِ لمُناجاة الملائِكَة؛ فطيَّبَ الله لَهم نكَهتَه صلى الله عليه وسلم، وحديثُ أبي موسى إمَّا لِمَرَضٍ أو شيءٍ أصابَهما، انتهى. وقد تبين أنَّه للبَرَكة.
* * *
189 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْراهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالحٍ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ، قَالَ: أَخْبَرَني مَحمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ -وَهُوَ الَّذِي مَجَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِهِ وَهْوَ غُلَامٌ مِنْ بِئْرِهم-، وَقَالَ عُروَةُ عَنِ الْمِسْوَرِ وَغَيْرِه يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ: وَوإذَا تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئهِ.
(1)"الماء" ليس في الأصل.
الحديث الثاني (ع)(1):
(مج)؛ أي: رمَى من الفَمِ، والمُجَاجُ: هو الرِّيقُ المَمجُوجُ من الفَمِ.
[(وهو غلام): الجملةُ حاليَّة](2).
(من) متعلّقةٌ بِـ (مَجَّ).
(بئرهم)؛ أي: محمودٌ وقَومُه.
(وقال عروة) وصَلَه في (كتاب الشُّروط).
(وغيره) بالجرِّ عطفٌ على (المِسْوَر)، ولا يضرُّ الإبهامُ في نَحوه، لأنَّ الغالبَ أنَّ عُروةَ لا يروي إلا عن عَدلِ، وأيضًا فذُكِر تبعًا فيُغتَفَر، وهذا عطفٌ على مقولِ ابنِ شِهابٍ، أي: قالَ ابنُ شِهاب: أخبَرني محمودٌ، وقالَ عروةُ.
(منهما)؛ أي: من محمودِ والمِسْوَرِ.
(بصدق) هو كلامُ ابنُ شهابٍ أيضًا، وهُمَا صَحابيَّان صغيرانِ سِنًّا، كبيرَان قَدرًا.
(إذا توضأ) هذا هو اللَّفظُ الذي رواهُ محمودٌ، والجُمَلُ بينهُما اعتِراضٌ.
(كانوا)؛ أي: الصَّحابة، وفي بعضِها:(كادوا)، والمُراد المُبالَغةُ في تنافُسِهم لا وقوعُ المُقاتَلَة.
(1)"ع" ليس في الأصل.
(2)
ما بين معكوفتين ليس في الأصل.