الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - بابُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ
(باب مباشرة الحائض)
299 -
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كنْتُ أَغتَسِلُ أَناَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِناَءٍ وَاحِدٍ، كِلَاناَ جُنُبٌ.
الحديث الأول:
(سفيان)؛ أي: الثَّوريُّ.
(إبراهيم)؛ أي: النَّخْعِيُّ.
(الأسود) هو ابنُ يزيدَ، والسَّنَدُ كوفيُّونَ.
(والنبي صلى الله عليه وسلم) بالرَّفع والنَّصب.
(كلانا جنب) أفصحُ من (جُنُبَانِ) كما سبق.
* * *
300 -
وَكانَ يَأمُرُني فَأتَّزِرُ، فَيُبَاشِرُني وَأَناَ حَائِضٌ.
(يأمرني)؛ أي: بالاتِّزارِ.
(فأتزر) أَفتَعِلُ من الأَزْرِ، كذا اشتُهِرَ بالتشديدِ.
قال المُطَرِّزِيُّ: وهو عامِّيٌّ، والصَّوابُ أنه:(أأتَزِرُ) بِهمزتَين،
الأولى همزةُ المُتكلِّم، وهي في الفِعل الخماسيِّ وَصلٌ، والثانية فَاءُ (أفتَعِلُ) أُبدِلت ألِفًا لوُقوعِها بعدَ همزةٍ مفتوحةٍ.
وخَطَّأَ الزَّمَخشَرِيُّ في "المفصَّل" أيضًا مَنْ قالَ: (اتَّزرُ) بالإدغامِ.
وأمَّا ابنُ مالكٍ فحاولَ تخريجَه على وجهٍ يصحُّ، وقال: إنَّه مقصورٌ على السَّماع كـ (اتَّكلَ)، ومنه قراءةُ ابنِ مُحَيصِن:{فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ} [البقرة: 283]، بألفِ وَصلٍ وتاءٍ مشدَّدةٍ.
قال (ك): هو من الرُّواةِ عن عائشة، فإنْ صحَّ عنها كان حُجَّةً في الجواز؛ لأنَّها من فُصَحاءِ العَرب، فلا خطأَ.
(فيباشرني)؛ أي: بمُلاقاة البَشَرةِ البَشَرةَ بلا جِماعٍ؛ لأنَّ الجِماعَ حرامٌ.
قال (ن): إجماعًا، ومن اعتَقَد حِلَّه كَفَر، ومن ارتكَبَه عالِمًا عامِدًا مُختارًا فقد ارتَكَب كبيرةَ، نصَّ عليه الشَّافعيُّ.
واختُلف في وجوبِ الكفَّارة عليه، أمَّا النَّاسي أو الجاهلُ بالحَيض أو بالتَّحريم أو مُكرَهٌ؛ فلا إثمَ عليه ولا كفارةَ، والكفَّارةُ في القِسم الأوَّل فيها قولانِ للشَّافعيِّ، أصحُّهما وبه قالَ الأئمَّة الثَّلاثة: لا تجبُ، والثاني: تجبُ، فقيل: عِتقُ رقَبة، وقيل: التَّصدُّقُ بدينارِ أو نصفِ دينارٍ، على الاختِلاف في أنَّ الدينارَ في أوَّل الدَّم، والنصفَ في آخِره، أو الدينارُ في الدَّم، والنصفُ بعد انقِطاعه.
وأمَّا المُباشرة فيما فوقَ السُّرَّة وتحتَ الرُّكبة بالذَّكَر أو باللَّمسِ أو
بغيره؛ فحلالٌ اتِّفاقًا.
وأمَّا فيما بينَ السُّرَّة والرُّكبة في غيرِ القُبُلِ والدُّبُر؛ فأصحُّ الأوجُه: حرامٌ، وثانيها: مَكروهٌ، فمن وقع حولَ الحِمى يوشِكُ أن يقعَ فيه. قال: وهذا أقوَى دليلًا، وهو المُختارُ، وثالثُها: إنْ كانَ يضبِطُ نفسَه عن الفَرجِ ويثِقُ باجتِنابها لضَعفِ شَهوةٍ أو شِدَّة وَرعٍ؛ جاز، وإلا فلا.
ثمَّ اختَلَفوا بعدَ الانقِطاعِ، فمَنَعَ الجُمهورُ الوَطْءَ، حتى تغتَسِلَ لآية:{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222]، وقال أبو حنيفةَ: إذا انقَطعَ الدَّمُ لأكثرِ الحَيضِ حلَّ الوطءُ في الحال.
* * *
301 -
وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إِلَيَّ وَهُوَ معتكِفٌ، فَأغْسِلُهُ وَأَناَ حَائِضٌ.
(معتكف) الاعتكافُ: لُبْثٌ في المَسجدِ بنِيَّة، وأصلُه من الحَبْسِ.
وفي الحديث: طهارةُ عَرَقِ الحائض، وجوازُ خِدمتِها، وأنَّ الزَّوجَ تَخدِمُ زَوجَها برِضاها، وأنَّ إخراجَ الرَّأسِ من المَسجد لا يُبطِلُ الاعتكافَ، وسبقَ ذلك.
* * *
302 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، قَالَ: أَخْبَرَناَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَناَ أبو إسْحَاقَ -هُوَ الشَّيْبَانِيُّ-، عَنْ عَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ
الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ إِحدَاناَ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، فأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاشِرَهَا، أَمَرَهَا أَنْ تتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا، قَالَتْ: وَأيُّكم يملِكُ إِربَهُ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يملِكُ إِربَهُ؟
تَابَعَهُ خَالِدٌ وَجَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِي.
الحديث الثاني:
(أبو إسحاق)؛ أي: سُلَيمانُ بنُ فَيرُوزَ.
(هو الشيباني) بفتح المعجمة، وإنَّما قال (هو) للتَّنبيه على أنّه من قولِه لا من قولِ الرَّاوي عن أبي إسحاقَ.
(كانت إحدانا) وقَع في "مسلم": (كان إحدانا)، وتخريجُه على حكاية سيبويهِ عن بعضِ العربِ: قالَ فلانةُ.
(تتزر)؛ أي: تشُدُّ إزارًا لسَترِ سَوأَتِها، وفي "الصَّحيح":(تأتَزِرُ) بلا إدغام.
(فور) بفتح الفاء وسكون الواو وبالراء، أي: قُوَّة وشِدَّة، ومنه: فارَ القدرُ فَورًا: جاشَت، والمُرادُ عند ابتداءِ الحَيض وكَثرَته، ورواه أبو داود في "سننه":(فَوح)، بالحاء المهمَلة.
(لإربه) بكسرِ الهمزة وسكونِ الرَّاء في رواية الجُمهور، ورواه أبو ذَرٍّ بفتح الهمزة والرَّاء، وصوَّبَه النَّحاسُ، والخَطَّابِيُّ، وهو على معنَى الحاجَة.
والأوَّلُ قال (ك): أي: العُضْوُ الذي يُستَمتَعُ به، أي: الفَرْجُ.
قلت: فيكونُ واحدَ (الآَراب)، كما في حديثِ:"أُمرتُ أن أَسجُدَ على سبعةِ آرابِ"، يُعبَّر به عن إِربٍ خاصٍّ، وهو الذَّكَر.
قال ابنُ الأثير: أو يكونُ لغة في الأَرَبِ بالفتح، وهو الحاجَةُ، فإنَّه يقالُ فيها: إِرْبَةٌ ومَأرَبةٌ. قال: ولكنَّ أكثرَ المُحدِّثين يروُونَه بفتحِ الهمزة والرَّاء.
قال (ن): إنَّ الخطَّابِيَّ اختارَ الفتحَ وأنكَرَ الكَسرَ وعابَه على المُحدِّثين.
وذكرَ (ك) كلامَ (خ) في "الأعلام" و"المَعالِم"، وليسَ فيه إلا حكايةُ الوَجهَين فقط، كأنه يُريدُ بذلك نقلَ (ن).
قلت: لكنْ من حَفِظَ حُجَّةٌ على مَن لم يَحفَظ.
قال (ط): في الحديثِ بيانُ أنَّ قولَ الله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا} [البقرة: 222]، مَعناه الجِماعُ لا المُؤَاكلَةُ والاضطِّجاعُ، وذلك بعدَ قوله {قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222]، إذ فيه معنًى لطيفٌ كما أشار إلى تقريرِه (خ) بأنَّ كونَ دمِ الحَيض أذًى لا يخفَى على أحدٍ، وإنَّما أُريدَ أنَّ الاعتزالَ إنَّما هو عن مَوضعِ الأذى فقط، ولا يتَعدَّى إلى غيرِه من سائر بدنِها، ولا يَخرُجْنَ من البيوتِ كفِعلِ المَجوسِ واليَهود.
قال الطحاوي: الجماعُ في الفَرْجِ يوجِبُ الحَدَّ، والمَهرَ، والغُسلَ، وغيرُه لا يوجِبُ ذلك، فالجِماعُ فيما دونَ الفَرجِ تحتِ الإزارِ أشبَهُ بالجماع فوقَه منه بالجِماعِ في الفَرْجِ، فثَبَت أنَّ ما دونَ الفَرجِ مُباحٌ.
قال (ك): أمرُه صلى الله عليه وسلم بشد الإزار يدلُّ على خِلافِ ذلك؛ لأنَّه لا يَخافُ تعرُّضَ الفَرج؛ لمِلكِه لإرْبِه، فدَلَّ على أنَّه لامتِناعه مِمَّا قَارَبَه.
(تابعه خالد)(1) هو ابنُ عبدِ الله الطَّحانُ، والضَّمير لعليِّ بنِ مُسْهِرٍ، وقد وصَلَها أبو القاسمِ التَّنُوخِيُّ في "فوائده"، ووصَلَها الطَّبَرانِيُّ بسَنَدِ آخرَ.
(وجرير) بالجيم والرَّاء المكررة، أي: ابنُ عبدِ الحَميدِ، ووَصَل متابعتَه أبو يَعلَى في "مسنده"، والإسماعيلِيُّ عنه.
(عن الشيباني)؛ أي: أبي إسحاقَ المَذكور، أي: عن عبدِ الرَّحمنِ
…
إلى آخره.
* * *
303 -
حَدَّثَنَا أَبو النُّعمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ: سَمعتُ مَيْمُونة: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امرَأةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ وَهْيَ حَائِضٌ.
(1) جاء على هامش الأصل: "اشترى نفسه من الله ثلاث مرات، وتصدق بزنة نفسه فضة ثلاث مرات، مات بواسط سنة ست وثمانين ومئة".