الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للابس السلاح: كافرٌ.
سادسها: لا يُكفر بعضهم بعضًا، فيستحلوا قتال بعضهم بعضًا، انتهى.
قال (ط): فيه أن الإنصات للعلماء وتوقيرهم واجب، قال تعالى:{لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2]، ويجب الإنصات عند قراءة حديث النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما يجب له.
(يضرب) قال (ع): الرواية بالرفع، ومن سكَّن أحال المعنى؛ فإنَّ الجملة مستأنفةٌ، مبينةٌ لقوله:(لا تَرجعوا)، وجوَّز أبو البَقاء وابن مالك الجزم، بتقدير شرطٍ، أي: فإِنْ تَرجعوا.
* * *
44 - بابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ، فَيَكِلُ الْعِلْمَ إِلَى اللهِ
(باب ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس أعلم، فيكل العلم إلى الله) يحتمل أنَّ (إذا) شرطيةٌ، والفاء في جوابها، أي: فهو يَكِلُ، والجملة بيانٌ لما يستحب على حَدِّ:{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97]، ويحتمل ظرفيتها؛ لقوله: يستحب، والفاء تفسيريةٌ، على تقدير المضارع مصدرًا، أي: الوكول.
122 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نوفًا الْبِكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ، فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ، حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ أيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَناَ أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، قَالَ: يَا رَبِ! وَكَيْفَ بِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَحَمَلَا حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، حَتَّى كَاناَ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَضَعَا رُؤُوسَهُمَا وَناَمَا، فَانْسَلَّ الْحُوتُ مِنَ الْمِكْتَلِ، فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا، وَكَانَ لِمُوسَى وَفتاهُ عَجَبًا، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيوْمِهِمَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفتاهُ: آتِنَا غَدَاءَناَ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِناَ هَذَا نصَبًا، وَلَمْ يَجدْ مُوسَى مَسًّا مِنَ النَّصَبِ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ. فَقَالَ لَهُ فتاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، قَالَ مُوسَى: ذَلِكَ مَا كنَّا نَبْغِي، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، فَلَمَّا انْتهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ -أَوْ قَالَ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ- فَسَلَّمَ مُوسَى، فَقَالَ الْخَضِرُ: وَأَنّي بِأَرْضِكَ السَّلَامُ؟ فَقَالَ: أَناَ مُوسَى، فَقَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نعمْ، قَالَ: هَلْ أَتَبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا، قَالَ: إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، يَا مُوسَى! إنِّي عَلَى عِلْمٍ من عِلْمِ اللهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لَا أَعْلَمُهُ، قَالَ: سَتَجدُنِي إِنْ
شَاءَ اللهُ صَابِرًا، وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ لَيْسَ لَهُمَا سَفِيتةٌ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِيتةٌ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، فَعُرِفَ الْخَضِرُ، فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ الْخَضِرُ: يَا مُوسَى! مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللهِ إلا كَنَقْرَةِ هَذَا الْعُصْفُورِ فِي الْبَحْرِ، فَعَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ ألْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ، فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُوناَ بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا؟ قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، قَالَ: لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نسَيتُ، فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا، فَانْطَلَقَا، فَإِذَا غُلَامٌ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلَاهُ فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نفسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ؟ قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا -قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَهَذَا أَوْكَدُ- فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا، فَأبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأقامَهُ، قَالَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا، قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ"، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "يَرْحَمُ اللهُ مُوسَى، لَوَدِدْناَ لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا".
(أن نوفًا) بفتح النون، وإسكان الواو، وبالفاء، منصرفٌ على الأفصح، وقيل بمنعه، فيُكتب بلا ألف، هو ابن فَضَالة، أبو رشيد، وهو ابن امرأة كَعْب الأحبار، وقيل: ابن أخيه، كان من علماء التابعين.
(البكالي) بكسر المُوحَّدة، وتخفيف الكاف على الأجود، وقيل:
بفتحها، وتخفيف الكاف، وبِكال بطنٌ من حِمْير، ووهم صاحب "الأَحوذي" فقال: بطن من دَرَّان.
(موسى)؛ أي صاحب الخَضِر، الذي قص الله قصتهما.
(ليس موسى بني إسرائيل) موسى ممنوعٌ من الصرف؛ للعلمية والعُجْمة، وإنما أُضيف مع كونه علمًا؛ لقصد تنكيره، أي: تأْويله بواحدٍ من الأمة المسماة بذلك، وهو موسى بن عمران.
(موسى آخر)؛ أي: ابن ميشا ابن يوسف، وإنما وصف بالنكرة لقصد تنكير العَلَم، كما سبق في إضافته، ولهذا يُنوَّن هنا.
قال ابن مالك: قد ينكَّر العَلم تحقيقًا، أو تقديرًا، فيجري مجرى نكرة، ومثل بهذا للتحقيقي، وفي تقديره بحثٌ.
(فقال: كذب عدو الله) خارجٌ مخرج التنفير، لا القدْح في القائل، فإن ابن عبَّاس إنما قاله في حال غضَبه، فيكون زَجْرًا عن قوله، لا اعتقادًا فيه أنَّه عدو الله.
(أُبي) بضم الهمزة، أُبَيُّ بن كَعْب، سيد الأنصار.
(أنا أعلم)؛ أي: بحسب اعتقاده، وهو أبلغ مما في الرواية السابقة في (باب الخروج في طلب العلم):(هَلْ تعلَمُ أنَّ أَحَدًا أَعلَمُ منْكَ، قال: لا)، فإنَّه إنما نفى هناك علمه، وهنا على البَتِّ.
(فعتب الله عليهم)؛ أي: لم يرض به شرعًا لأن حقيقة العتب -وهو المَوْجِدة- وتغيُّر النفس على الله تعالى = محالٌ.
(لم يرد) يقرأ بالفتح، والضم، والكسر.
(إلى الله تعالى) في نسخةٍ: (إليه)، أي: كان حقه أن يقول: الله أعلم، قال تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلا هُوَ} [المدثر: 31].
(أن عبدًا)؛ أي: الخَضِر.
(بمجمع البحرين)؛ أي: ملتقى بحري فارس والروم، مما يلي الشرق.
(فكيف به)؛ أي: كيف الالتقاء، والالتباس به؟ أي: كيف الطريق إلى لقائه؟
(حوتًا) قيل: كان سمكةً مملوحةً.
(مكتل) بكسر الميم، وفتح المُثنَّاة، أي: زنْبيل، وهو: القُفَّة.
(فهو ثم)؛ أي: العبد الأعلم هناك.
(معه بفتاه) تصريحٌ بالمَعِيَّة، وإلا فالباء تدل عليها.
(يوشع) بضم الياء، وفتح المعجمة، وبعينٍ مهملةٍ.
(ابن نون) بضم النون الأولى، منصرفٌ على اللُّغة الفصحى.
قال أبو عبد الله: ويقال بالسين المهملة أيضًا.
(عند الصخرة)؛ أي: عند ساحل البحر، يقال: وهناك عينٌ تسمى عين الحياة، لمَّا أصاب ماؤها الحوت حيِي وانسلَّ من المكتل.
(سربًا)؛ أي: ذهابًا، يقال: سرَبَ سَرَبًا، أي: ذهب ذهابًا، قيل: وأمسَك الله جَرْيةَ الماءِ على الحُوت، فصار عليه مثْل الطَّاق،
وحصل منه في مثْل السَّرَب -وهو ضد النَّفَق- معجزةً.
(ويومهما) بالجر، عطفًا على المضاف إليه، وبالنصب، على المضاف، على أن السير في جميعه.
قلتُ: كذا هذه الرواية، لكن رواه البخاري في (التفسير)، ومسلم:(بقيَّة يَومهما وليلَتهما)، وهي الصواب؛ لقوله:(فلما أصبح)، وفي روايةٍ:(حتى إذا كان مِن الغَدِ).
(غداءنا) بفتح العين المعجمة والمد: الطعام الذي يؤكل أول النهار.
(نَصَبًا)؛ أي: تعبًا، لحقه ذلك ليذكر به نسيان الحوت، ولهذا لم يمسَّه النَّصَب قبل ذلك.
(نسيت) لا يقال: كيف نسي، وقد جعل ذلك أمارةً على المطلوب؟
وفيه معجزة حياة السمكة المملوحة المأكول منها، وانصباب الماء مثل الطَّاق، وتفردها في مثل السَّرَب؛ لأن الشيطان لما شغله بوسواسه نسي، ولذلك قال:{وَمَا أَنْسَانِيهُ إلا الشَّيْطَانُ} .
(ذلك)؛ أي: فقدان الحوت، هو الذي كنَّا نَبْغيه، أي: نطلبه.
(فارتدا)؛ أي: رجعا.
(على آثارهما) يقُصَّان (قصصًا)؛ أي: يتبعان إتباعًا.
(مسجى)؛ أي: مغطًّى، كما يُغطَّى الميت، كما جاء في روايةٍ، وهو صفةٌ لـ (رجل)، أو خبرٌ له.
وسبق بيان الخَضِر، وكثيرٌ من القصة في الباب السابق.
(وأنى) استفهام، أي: من أين السلام في هذه الأرض التي لا يعرف بها ذلك؟ قالوا: (أنى) تأتي بمعنى: (من أين)، نحو:{أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ} [آل عمران: 37]، وبمعنى:(متى)، و (حيث)، و (كيف).
قال (ش): كلمة تعجب، وفيها مسامحةٌ؛ لأن التعجب في الاستفهام، لا لها بخصوصها، ولهذا في رواية تأتي في (التفسير) في الإسراء:(هل بأرضكَ من سلامٍ).
(بأرضك) قال أبو البقاء: حال، أي: كائنًا بأرضك، وقد سأل في "الكشاف": كيف يكون أرشد منه، والنبي لا بد أن يكون أعلم أهل زمانه؟ وأجاب بأنَّه لا نقص في أخذ نبي من نبي مثله.
قال (ك): لكن لا يتم الجواب على تقدير ولاية الخضر، بل إنَّه لم يسأل عن شيء من أمر الدين، والأنبياء لا يجهلون ما يتعلق بدينهم، وإنما سأله عن غير ذلك.
(موسى بني إسرائيل) خبر مبتدأ محذوف، أي: أنت موسى؟.
(حملوهما) ثنَّى الضمير؛ لأن يوشع تابع، وإلا فهم جمع، ولذلك قال:(فكلموهم)، ومثله قوله تعالى:{فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: 117]، فثنى ثم أفرد لما ذكرناه.
(قوم)؛ أي: هؤلاء قوم، أو هم قوم، فحذف المبتدأ.
(نول) بفتح النون، وإسكان الواو، أي: أجر، ويقال فيه: نوال أيضًا.
(عصفور) بضم العين، ذكر بعضهم أنَّه الصُّرَد.
(نقص) يكون متعديًا كما هنا، ولازمًا.
فإن قيل: نسبة النقرة إلى البحر، نسبة المتناهي إلى المتناهي، ونسبة علمهما إلى علم الله، نسبة متناه إلى غير متناه؟
قيل: ليس المراد بالنسبة أن فيه نقصًا، بل هو تقريب إلى الأفهام، وقيل: بل: نقص بمعنى: أخذ؛ لأن النقص أخذ خاص، وقيل:(إلا) بمعنى: (ولا)، أي: ما نقص علمي وعلمك، ولا ما أخذ هذا العصفور شيئًا من علم الله، أي: أن علم الله لا يدخله النقص، أو أن المراد بالنقص التفويت الذي له تأثير محسوس، ونقص العصفور لا تأثير له، فكأنَّه لم يأخذ شيئًا، كما قال:
ولا عيبَ فيهم غيرَ أنَّ سيوفَهُمْ
…
بهنَّ فُلولٌ من قِراع الكتائب
أي: ليس فيهم عيب؛ قاله الإِسْمَاعِيْلي.
وقيل: العلم هنا بمعنى: المعلوم، كما في:{وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [البقرة: 255]، ولولا ذلك لما صح التنقيص؛ لأن الصفة القديمة لا يدخلها تنقيص.
(فعمد) بفتح الميم.
(وكانت الأولى)؛ أي: المسألة من موسى.
(نسيانًا) في بعضها: (نسيانٌ)، على أن في (كان) ضمير القصَّة، وما بعده مبتدأٌ وخبرًا، و (كان) تامةٌ، أو زائدةٌ.
(زكية)؛ أي: طاهرة من الذنوب؛ لعدم بلوغ الحنث؛ لأنَّه صفة الغلام، وقيل: كان بالغًا، بدليل قوله:{بِغَيْرِ نَفْسٍ} [الكهف: 74]، أي: ممن يجب عليه القصاص، وإلا فالصبي لا قصاص عليه، وجوابه: أنَّه نبه بذلك على أنَّه قتل بغير حق، وأن شرعهم كان بإيجاب القصاص على الصبي، كما يؤاخذ في شرعنا بغرم المتلفات.
(وهذا أوكد)؛ أي: لزيادة (لك) في هذه المرة، ولهذا قال الزَّمَخْشَري: إنَّها زيدت للمكافحة بالعتاب على رفض الوصية، والوَسْم بقلة الصبر عند الكَرَّة الثانية.
(حتى أتيا) في نسخةٍ: (إذا أتيا)، وهي الموافقة للآية.
(قرية) هي أنطاكية، وقيل: أُبُلَّة، وهي أبعد أرض الله من السماء.
(يريد) إسناد الإرادة للجدار مجاز، والمراد المشارَفة، وقد استُدلَّ بذلك على وقوع المجاز في القرآن.
(ينقض)؛ أي: يسرع سقوطه.
(قال الخَضِر بيده) قيل: معجزةً، فيكون نبيًّا، وأجيب بجواز الكرامة من الولي.
(لو شئت) إنما قال موسى ذلك؛ لأنَّه محل اضطرار للتطعم، فاقتضى أن يكتسب لذلك بأخذ الأُجرة.
(برأسه) يحتمل زيادة الباء، أو الأصالة، على معنى أنَّه جرَّه إليه برأسه، ثم اقتلعه، إذ لو كانت زائدةً لم يكن لقوله:(اقتلعَه) معنى زائدًا
على (أخذه)، وفي التفاسير قولٌ: أنَّه أضجعَه، ثم ذبحه بالسكِّين.
(هذا فراق) الإشارة إلى الفراق الذي تصوره عند حلول ميعاده، إذ قال:(فلا تصاحبني)، أو إلى السؤال الثالث، أي: أنَّه سبب الفراق.
(لوددنا) اللام فيه جواب قسمٍ محذوفٍ.
(لو صبر) مؤول بمصدر، أي: صبره حتى نرى الأعاجيب.
(يُقَصُ) مبنيٌّ للمفعول، ونائب الفاعل.
(من أمرهما) قال (ن): فيه استحباب الرحلة للعلم، وفضل طلبه، والتردُّد للسَّفَر، والأدب مع العالم، وحُرمة المشايخ، وترك الاعتراض عليهم، وتأْويل ما لم يُفهم ظاهره من أقوالهم وأفعالهم، والوفاء بعُهودهم، والاعتذار عند المخالفة، وإثبات كرامات الأولياء، وجواز سُؤال الطعام عند الحاجة، والإجارة، وركوب السفينة ونحوها بلا أجرةٍ برضا صاحبها، والحُكم بالظاهر حتى يتبين خلافُه، وأن الكذب: الخبر بخلاف الواقع ولو سهوًا، خلافًا للمعتزلة، ودفع أعظم المفسدتين بأخفهما عند التعارُض، وتسليم ما جاء في الشرع وإنْ لم يعرف حِكَمه، وإن كان ظاهره مما يُنكر؛ لقوله:{وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82]، وهذا أصلٌ عظيمٌ.
وفيه أنواع أُخرى من الأُصول والفُروع سبق بعضُها في (باب ما ذكر في ذهاب موسى).
قال (ط): وفيه أن ما تعبَّد الله به حُجةٌ على العقول، لا أن