الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال (ط): فيه أنَّ الحائضَ ولو كانت مُحِدَّةَ تدرَأُ عندَ غُسلِها من المَحيض رائحةَ الدَّم بالبَخُور بالقُسْطِ، لأنَّها مستقبلة للصَّلاة مُجالسةٌ للملائكةِ لئلا تؤذيَهم برائحةِ الدَّم.
قال (ن): القَصدُ بالمِسكِ إمَّا تطييبُ المَحلِّ ورفعُ الرَّائحة الكَريهةِ، وإمَّا كونُه أسرعَ لعُلُوقِ الوَلد، فإن قلنا بالأوَّل يقومُ مُقامَه القُسطُ والأَظفارُ ونحوُه، وهو يدلُّ على أنَّ (أظفار) طِيبٌ لا مَوضعٌ.
* * *
13 - بابُ دَلْكِ المَرأَةِ نَفْسها إِذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المحِيضِ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَتأخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبعُ أثَرَ الدَّم
؟
(باب دلك المرأة نفسها
…
) إلى آخره.
(فرصة) بكسر الفاء وبالصَّاد المُهملة، أي: قِطعةً، من فَرَصْتُ الشَّيء فَرصًا: قَطَعتُه.
قال الجوهري: هي قطعةُ قُطنٍ، أو خِرقةٌ تَمسَحُ بِها المَرأةُ من الحَيض.
وقيل في الحديث الآتي بقافٍ مفتوحةٍ، أي: شيئًا مَفتوحًا يسيرًا، مثل القَرصَةِ بطَرَف الأصبعَين، وقال ابنُ قتيبة: إنَّما هو بقافٍ وضادٍ
معجمة؛ أي: قِطعَةٌ.
(فتتبع) بلفظ الغائبَة، مُضارِعُ التَّفعُّل، وحذفِ إحدى التَّاءاتِ الثَّلاث.
* * *
314 -
حَدَّثَنَا يَحيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ امرَأة سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ، فَأَمَرها كَيْفَ تَغْتَسِلُ، قَالَ:(خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فتَطَهَّرِي بِها)، قَالَتْ: كَيْفَ أتطَهَّرُ؟ قَالَ: (تَطَهَّرِي بِها)، قَالَتْ: كَيْفَ؟ قَالَ: (سُبْحَانَ اللهِ! تَطَهَّرِي)، فَاجْتبَذْتُها إلَيَّ فَقُلْتُ: تتبَّعِي بِها أثَرَ الدَّمِ.
(يحيى) في بعض النسخ: (ابنُ جَعفر البِيْكَنْدِيُّ)، أي: بفتحِ الكاف.
قال الغَسَّانِيّ في "تقييد المهمل": هو يحيَى بنُ موسى البَلخِيّ المعروفُ بِـ (خَتٍّ)، بفتح المُعجمة وتشديد المثنّاة فوقُ، ويعرف: بـ (الخَتِّيِّ)، وبـ (ابنِ خَتٍّ) أيضًا، يروي في (باب الحَيضِ) عن ابنِ عُيينةَ، وقال الكَلَابَاذِيُّ: إنَّ البِيْكَنْدِيَّ يَروي عن ابنِ عُيينَة.
(أن امرأةً) هي أسماءُ -بالمدِّ- بنتُ يزيدَ -من الزِّيادة- ابنِ السَّكَن بفتح الكاف، خطيبةُ النِّساء.
قلت: وقع في "مسلم": أنَّها (أسماءُ بنتُ شَكَل) بفتح الشين
المعجمة والكاف، فقال الدِّميَاطِيُّ: إنه تصحيفٌ، وإنَّما هو (سَكَن) نُسِبَت إلى جَدِّها، فإنَّها أسماءُ بنتُ يزيدَ بنِ السَّكَن، وكذا قال الخطيبُ، وابنُ الجَوزِيِّ في "التنقيح"، ورُدَّ ذلك باحتِمالَ أن يكونا امرأتَين.
ولا تُرَدُّ الأخبارُ الصحيحةُ بالتَّوهُّم بل في "مصنَّف ابنِ أبي شَيبة" كما في "مسلم"، فانتفى عنه الوَهمُ، وقد جَزَم بذلك ابنُ طاهرٍ، وأبو موسى المَدينيُّ، وأبو على الجَيَّانِيُّ.
(المحيض)؛ أي: الحَيض.
(قال خذي
…
) إلى آخره، إنَّما كانَ هذا جَوابًا لسُؤالِها عن الاغتِسال؛ لأنَّه المَقصودُ منه؛ لأنَّ كونَ الاغتسال إيصالُ الماءِ للشَّعرِ والبَشَرةِ مَعلومٌ لكلِّ أحدٍ، وإنَّما يُسألُ عما يَختَصُّ بغُسلِ الحَيض.
قال (ك): وهو جُملةٌ حاليَّة لا بيانيَّة، أي: والتَّقديرُ: أمَرَها كيفَ تغتَسِلُ قائلًا: (خُذي فِرصَة).
(مسك) بكسرِ الميم مُعرَّبٌ، وكانت العَربُ تسمِّيه: المَشمُومُ، ورُوِي بفتح الميم، وهو الجِلدُ، أي: خُذي قِطعةً منه.
قال (ع): هي رواية الأكثرين.
وقال ابن قتيبة: لم يكن في وُسعِ العربِ استِعمالُ المِسكِ المَعروف، وإنَّما معناه في الحديث السَّابق الإمساكُ، فإنَّه سُمع في
أمسَكَ: مَسَكَ ثلاثيًّا، فيكونُ مصدَرُه (المَسْكُ)؛ أي: بالفَتح.
وقالَ (ط): لا يُفسَّر إلا بالمَشمومِ، ولا بالجِلد، أمَّا الأوَّل؛ فلأنَّه عزيزٌ عندَهم لا يَمتَهنونه، وأمَّا الجِلد وعليه الصُّوفُ فلا معنَى له، إنَّما المعنَى عندي: أَمسِكي، واحتَمِلي معكِ، أي: تَحمَّلي بِها، فهو كنايةٌ أحسنُ من الإفصاحِ، أي: تحمَّلي بِها بِمَسح القُبُل بِها، وقد حكاه (خ) أيضًا بنَحوِه.
قلت: والكلُّ تكليفٌ لا حاجةَ إليه.
قال (ك): وكلامُ البخاريِّ مُشعِرٌ بأنَّ الرواية عندَه بالفتح، لأنَّه جَعَل للطِّيب بابًا مُستَقلًا.
قلت: فيه نَظر!
(سبحان الله) قد سبق بأنَّها تُقالُ عند التَّعجب، ومعناه: لا يَخفَى مثلُ ذلك على المُخاطَب.
(فاجتذبتها) في بعضِها بتقديم الباءِ على الذَّال.
(تتبعي) أمر من (تتَبَّعَ)، والتَّتبُّعُ مُشعِرٌ بالدَّلك المُتَرجَم به في الباب؛ لأنَّه يستَلزِمُه.
وفي الحديث: أنَّ المرأةَ تسألُ عن أَمرِ حَيضِها، وما تتديَّنُ به، وأنَّ العالِمَ يُجيبُ بالتَّعريضِ في الأمور المَستورَة على أيِّ تفسيرٍ فَرَضَتْه، وتكريرُ الجوابِ لإفهامِ السَّائل، وأنَّ مَن في مَجلِس العَالم له أن يُفهِمَ السَّائل ما قال العالِمُ، وهو يَسمعُ ويكونُ بِمنزِلة قَوله.