الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسلامُه عليهم، فإِسرائيلُ: لقبُ يعقوبَ.
(كان) مرفوعُه ضميرُ الشَّأن، وإلا لقالَ:(كانوا)، والجملةُ الشَّرطيَّةُ: خبرُه.
(أصاب)؛ أي: البولُ، فالفاعلُ ضميرٌ يعودُ عليه.
(قرضه) بالمُعجَمَة؛ أي: قطَعَه، ومنه المِقراضُ.
(ليته أمسك)؛ أي: ليتَ أبا موسى أمسكَ نفسَه عن هذا التَّشديدِ، أو لسانَه عن المقولِ، أو كِلَيهما عن كِلَيهما، وقَصدُه: أنَّ التَّشديدَ خلاف السُّنةِ لبَوله صلى الله عليه وسلم قائمًا مع أنَّ القائمَ مُعرَّض للرَّش.
قال (ط): فيه حُجَّةٌ لِمن رخَّص في يسير البَول، لأنَّ المعهود فيمن بالَ قائمًا أن يَتَطاير إليه مثلُ رؤوسِ الإِبَر، وفيه اليُسرُ والسَّماحةُ على هذه الأمَّة حيثُ لم يجب عليهم القَرْضُ كبني إسرائيلَ، ثمَّ قالَ مالكٌ في مثلِ رؤوسِ الإِبَر بغَسلِها استِحسانًا وتنزُّهًا، وقالَ الشَّافعيُّ وُجوبًا.
وقال (ن): كانوا يُرخِّصون في القَليل من البَول.
* * *
66 - بابُ غَسْلِ الدَّم
(باب غسل الدم)
227 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيَى، عَنْ هِشَامٍ
قَالَ: حَدَّثتنِي فَاطِمَةُ، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأةٌ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِحْدَاناَ تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ كَيْفَ تَصنَعُ؟ قَالَ: (تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالمَاءِ، وَتنضَحُهُ وَتُصَلِّي فِيهِ).
الحديث الأول (ع):
(يحيى)؛ أي: القَطَّان.
(هشام)؛ أي: ابنُ عُرْوَةَ.
(فاطمة)؛ أي: بنتُ المُنذِر بنِ الزُّبَير.
(أسماء)؛ أي: بنتُ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، وهي جَدَّةُ فاطِمة، كما سبق في (باب من أجابَ الفُتيا بالإشارة).
(امرأة) في كلام (ط) إشعارٌ بأنَّها أسماء، أي: راوِيةُ الحديث.
قال (ك): وليسَ كذلك، إلا أنْ يُقالَ: المُرادُ أسماءُ بنتُ شَكَل، بفتح الشين والكاف، أو أسماءُ بنتُ يزيدَ، فإنَّها السائلةُ على ما قال بعضُ أصحابِ الحديث، انتهى.
وفيه نظر، ففي "مسنَد الشَّافعيِّ": أنَّها أسماءُ بنتُ أبي بكر رضي الله عنها ولا يَبعُد أن تُبهِمَ نفسَها.
وقولُ (ن): إنَّه ضعيفٌ؛ وهمٌ منه، فإنَّ الحديثَ إسنادُه على شرط الشَّيخين.
(أرأيت) بفتح التَّاء؛ أي: أخبِرْنِي.
قال الزَّمخشريُّ: وفيه تَجَوُّزان، إطلاقُ الرُّؤيةِ، وإرادةُ الإخبار، لأنَّ الرُّؤيةَ سببُه، وجعلُ الاستفهامِ بِمعنَى الأمرِ بِجامعِ الطَّلَب.
(في الثوب)؛ أي: يصلُ دمُ الحيضِ إليه فيصيرُ فيه.
(تصنع) متعلقٌ بالاستِخبار.
(تحته) بضَمِّ الحاءِ المُهمَلة؛ أي: تَحُكُّه.
(تقرُصُه) بضَمِّ الرَّاء وبالصَّاد المُهملة، أي: تقلَعُه بالظُّفُرِ، أو بالأَصابعِ.
قال في "النهاية": مع صبِّ الماء، حتى يذهبَ أثرُه. وفي بعضِها بتشديد الرَّاء المكسورة، والتَّقريصُ: التَّقطيعُ.
(وتنضحه) بكسرِ الضَّاد وفَتحِها: هو الرَّشُّ، والمُراد هنا تصبُّه شيئًا فشيئًا.
وقال (ح): تَحُتُّ المُستَجْسِدَ من الدَّم لتزولَ عينُه، ثم تقرُصُه بأن تقبِضَ عليه بأصبَعِها، ثمَّ تغمِزُه غَمزًا جيِّدًا وتدلُكُه، حتَّى ينحَلَّ ما تشرَّبه من الدَّم، ثم تنضَحُه، أي: تصبُّ عليه، والنَّضحُ هنا: الغَسلُ حتَّى يزولَ الأَثر.
ففي الحديث أنَّ النَّجاسة لا تزولُ إلا بالماءِ، لا بمائعٍ آخر؛ لاستِواء الدَّم وغيرِه إجمَاعًا.
وقال (ط): هذا الحديثُ محمولٌ على كثيرِ الدَّم؛ لأنه تعالى إنَّما نَجَّس المَسفوحَ، أي: الكثير، وقد قالَ مالكٌ: يُعفَى عن قليلِ الدَّم،
ويُغسَلُ قليلُ غيره من النَّجاسات، وروى عنه ابنُ وَهْبٍ: أنَّ قليلَ الحيض ككثيرِه، فلا يُعفى عنه كسائرِ النَّجاساتِ بِخلاف سائرِ الدِّماء.
وقال الكوفيُّونَ: يُعفى عمَّا دونَ الدِّرهمِ من الدَّم وغيره من النَّجاسات.
وفي الحديثِ: حُجَّةٌ على أنَّ قليلَ الحيض لا يُعفى عنه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمرَ بالغَسل مُطلقًا من غيرِ تفصيلٍ.
قال: وحجَّةُ الرِّواية الأُخرى عن مالكٍ أن قليلَه موضعَ ضرورةٍ، لأنَّ الإنسانَ لا يخلو غالبًا عن بَثْرةٍ أو دُمَّلٍ أو بَرغوثٍ، ولم يُحرِّم الله تعالى إلا المسفوحَ، فدلَّ على أنَّ غيرَه ليس بمحرَّمٍ.
قال: وعندَ الشَّافعي يغسِلُ يسيرَ الدَّم إلا في دمِ البَرغوثِ؛ لأنَّه لا يمكنُ التَّحرُّزُ منه.
قال (ك): لا ينحَصِرُ عندَه فيه، بل قليلُ دمِ القَرْحِ والقَملِ والفَصدِ ونحوِه كذلك.
* * *
228 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله! إِنِّي امرَأةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أفأدع الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرق، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وإِذَا أَدبَرَتْ فَاغْسِلِي
عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي)، قَالَ: وَقَالَ أَبِي: (ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ، حَتَّى يَجيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ).
الثاني:
(محمد) في بعضِها: (ابنُ سَلام).
(أبو معاوية): هو محمَّدُ بن خازِمٍ -بالمُعجمة- ذكره هنا بالكُنية رِعايةً للفظِ الشُّيوخ.
(حُبيش) بضَمِّ المهملة وفتحِ الموحَّدة وسكون الياء وبالشِّين المُعجمَة.
(إني أُستحاض) بضَمِّ الهمزة.
قال الجوهري: أي: يستمرُّ بِها الدَّمُ بعدَ أيَّامها، فهي مُستحاضَة، والاستحاضَةُ: دمٌ يَخرُج من عِرقٍ يقالُ له: العاذِلُ -بعَين مهمَلةٍ وذالٍ مُعجَمَةٍ مكسورةٍ- بخلاف الحَيض، فإنَّه يخرُجُ من قعر الرَّحِمِ، وتأكيدها بيانٌ لتَحقيق القضيَّةِ لنُدورِ وقوعِها، لا لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مُتردِّدٌ أو مُنكِرٌ.
(أفأدع)؛ أي: أترُكُ، والعَطفُ على مقدَّر بعدَ الهمزة، لأنَّ لها الصَّدرَ، أي: أيكونُ لي حكمُ الحائضِ فأدَعُ؟
قلتُ: وهي طَريقةٌ كما سبقَ مرَّاتٍ، أو أنَّ الاستفهامَ ليس باقيًا بل للتَّقريرِ، فزَالت صدريَّتُها.
(لا)؛ أي: لا تَدَعي.
(ذلك)؛ -بكسرِ الكاف- (عرق) بكسرِ العَين.
قال البَيضاوِيُّ: أي: دمُ عِرْقٍ انبَثَق، والحيضُ دمٌ تميزه القوَّةُ المُوَلِّدةُ هيَّأه الله عز وجل لأَجلِ الجَنين فيَجري للرَّحِمِ في مجارٍ مَخصوصَةٍ، فيجتَمِع من قولهم: استَحوَضَ الماء: اجتَمَع وكَثُر، فإذا لم يكن جَنينٌ أو كانَ أكثرَ ممَّا يَحتمِلُه انصبَّ، انتهى.
(حيضتك): قال (ش): بكسر الحاء، وكذا في قوله:(أقبَلَت حِيضَتُكِ)، وتَبِعَ في ذلك (خ)، فإنَّه غَلِطَ مَن فَتَحَهما؛ لكنْ جوَّز (ع) وغيرُه الفَتح.
وقال (ن): إنه الأظهرُ، بل هو هُنا متعيِّنٌ أو قريبٌ من المُتعيِّن، فإنَّ المعنَى يقتَضيه؛ لأنَّ المُرادَ إثباتُ الاستحاضَةِ ونفيُ الحَيض.
وفي الحديثِ النَّهيُ عن الصَّلاة حالَ الحيض، وهو للتَّحريم، يُفسِدُ الصَّلاة بالإجماعِ.
(أدبرت)؛ أي: انقَطَع الحيضُ فلا يَخرجُ دَمٌ، لفَقدِ شَرطِه، فيجبُ أن تَغتَسِل في الحال لأوَّلِ صلاةٍ تُدركُها.
وقال مالكٌ في روايةٍ: تستظهر بالإمساكِ عن الصَّلاة ونحوِها ثلاثة أيَّام بعد عادتِها.
(فاغسلي عنك الدم)؛ أي: واغتَسلي لانقِطاع الحيضِ لدليلٍ خارجٍ عن هذا، وفي المسألة تفاصيلُ في كتبِ الفِقه.
وفي الحديث: الأمرُ بغَسل النَّجاسة، وأنَّ الدم نَجِس، وأنَّ الغُسلَ يجب بمجرَّدِ انقطاعِ الحيضِ، وأنَّ إزالةَ النَّجاسة لا يُشترَطُ فيها
العَدَدُ بل الإنقاءُ.
قال (خ): واحتجَّ به بعضُ فُقَهاءِ العِراق على الوُضوء بالدَّم الخارج من غيرِ السَّبيلَين، من حيثُ إنه صلى الله عليه وسلم علَّل بعضَ الطَّهارة بخروجِ الدَّم من العِرْق، وكلُّ دمٍ بَرَزَ من البَدَن فإنَّما يَخرُجُ من عرْقٍ.
قال: لكنْ ليس المعنَى ما ذَهب إليه، ولا مرادُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ذلك، وإنَّما العلَّة بصَدْعِ العِرْقِ، وتصَدُّعُ العِرقِ علَّةٌ معروفةٌ عند الأطبَّاء يَحدُث من غَلَبة الدَّم، فتَنصَدِع العُروقُ إذا امتَلأت الأَوعيَةُ، وقَصدُه بذلك الفَرقُ بينَه وبينَ الحَيض؛ لأنَّ الحيضَ خروجُه مُصِحٌّ للبدَن بمنزلة خُروجِ الثِّقَل، نحو البولِ والغائطِ الذي تستغني عنه الطَّبيعة، فيخِفُّ البَدَن، والاستِحاضَةُ مَسقَمَةٌ؛ لأنَّها علَّةٌ يُخافُ منها الهلاك، وفيه أنَّها كانت تُميِّزُ بينَ الحيضِ والاستحاضَةِ، فلذلك وكَلَ الأمرَ في مَعرِفَة ذلك.
(قال: وقال أبي)؛ أي: قالَ هشامُ بنُ عُروَة: وقالَ عُروةُ.
(توضئي) بصيغةِ الأَمر.
(ذلك الوقت)؛ أي: وقتَ إقبالِ الحيض، والسِّياقُ يقتضي أنَّ قوله: (وتوضئي
…
) إلى آخره؛ مرفوعٌ لا موقوفٌ.
* * *