الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
67 - بابُ غَسْلِ المَنِيِّ وَفركِهِ، وغَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنَ المرْأَةِ
(باب غسل المني وفركه): أي: دلكُه حتَّى يذهبَ أثرُه.
229 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَناَ عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَناَ عَمرُو ابْنُ مَيْمُونٍ الْجَزَرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَغْسِلُ الجَنَابَةَ مِنْ ثَوْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ، وإِنَّ بُقَعَ المَاءَ فِي ثَوْبِهِ.
الحديث الأول:
(عبد الله) وفي بعضِها: هو (ابنُ المَبارَك)، وأشارَ إلى أنَّ ذلك من لفظِه لا من قَولِ شَيخِه.
(الجزري) بفتح الجيمِ والزَّايِ، نسبةٌ للجزيرَة.
(والجنابة)؛ أي: أثَرَها، أو موجِبَها، أو عبَّرَ بِها عن ذلك مَجازًا، لأنَّ الجَنابَةَ معنى فلا تُغسَلُ.
(بقع) بضَمِّ المُوحَّدة وفتحِ القَاف، والعَينُ مُهمَلةٌ جَمع (بُقعَة)؛ أي: موضعٌ يُخالِفُ لونُه ما يليه، ومنه: غُرابٌ أبقَع، وفي بعضِها بتَسكينِ القَاف جَمع (بَقْعَة) كتَمرٍ وتَمرَة، ممَّا يُفرَّق بينَ اسم الجِنسِ ووَاحِده بالتَّاء.
قال التَّيمِيّ: البقعةُ: الأثر، والحديث دالٌّ على أنَّ الفَركَ لا يكفي،
فمُطابقَتُه للتَّرجمة [أنَّ المُرادَ بِها](1) بابُ حكمِ غَسلِ المَنِيِّ وفَركِه، أي: أيهما الكافي منهما.
وعُلِمَ منه أيضًا غَسلُ رُطوبَةِ فَرجِ المَرأة؛ لأنَّ المنِيَّ يختَلِطُ بِها عندَ الجِماع، أو أنَّ التَّرجمةَ لِما جاء في هذا الباب، فاكتَفى بذِكرِ بعضِه كما يَفعلُ ذلك كثيرًا، أو كانَ قصدُه أن يُضيفَ حديثًا يتعلَّق به، فلم يتَّفِق له، أو لم يَجِد روايةً بشَرطِهِ.
ولا دلالةَ في الحديثِ على نَجاسةِ المنِيِّ؛ لكونِها كانت تَغسلُه، لاحتمال أنه لنجاسةِ المَمَرِّ أو اختلاطِه برطوبةِ الفَرجِ، على أنَّه قد جاءَ في الصِّحاحِ: لقد رأيتُنِي أفرُكُه من ثوبِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَرْكًا، فيصلِّي فيه.
وفي روايةٍ أخرَجَها ابنُ خُزيمة، وابنُ حِبَّان في "صحيحَيهما": وهو في الصَّلاة، فهو دليلٌ لطهارةِ المنِيِّ، وجاء: أنَّه كانَ يَغسِلُ ما أصابه من المَرأةِ، وهو دليلُ نجاسةِ رُطوبةِ فَرجِها، ومن قال بطهارةِ المنِيِّ ورُطوبةِ فَرجِها قال: الغَسلُ للاستِحباب واختيارِ النَّظافة.
قال (ط): إنَّما جاءَ الفَركُ في ثيابٍ ينامُ فيها، ولا نِزَاعَ في جوازِ النَّوم في الثَّوب النَّجِس، ولئِنْ سُلِّمَ أنه في الثَّوب الذي يُصلِّي فيه، فيحتملُ أنَّ المنِيَّ نَجِسٌ، لكنَّ الفَركَ مُطهِّرٌ له، كما في دَلكِ النَّعلِ من الأذى بالتُّرابِ، وليس دليلًا على طَهارِة الأذى.
(1) ما بين معكوفتين ليس في الأصل.
قال (ن): منِيُّ الآدميِّ، قال أبو حنيفة ومالكٌ: نَجِسٌ، إلا أنَّ أبا حنيفَة يكتَفي في تطهيرِ اليابِسِ منه بالفَركِ، ومالكٌ يوجبُ غَسله رَطبًا ويابسًا، وقال الشَّافعيُّ وأحمدُ: طاهرٌ. ومنِيُّ الكَلبِ والخَنزيرِ نَجِسٌ بلا خلاف، وفيما عَدَاهُما منَ الحيوانِ ثلاثةُ أوجُهٍ: أصحُّها: طهارتُه من مأكولِ وغيرِه، ثالثُها: منِيُّ المَأكولِ طاهِرٌ، وغيرُه نَجِسٌ.
وعلَّل ابنُ القَصَّار نجاسةَ منِيِّ الآدمي بأنَّه خارجٌ من مَجرى البَول، فكان كالمَذيِ، وأمَّا كونُه خُلِقَ منه حَيَوان طاهِرٌ، فلا يدلُّ على طهارته، فإنَّ اللَّبَنَ طاهر، وهو متولِّدٌ من الدَّم النَّجس.
فإنْ قيلَ: خُلِقَ منهُ الأنبيَاء -عليهم الصَّلاةُ السَّلامُ-، فلا يكونُ نَجِسًا؟ فيقال: وخُلِقَ منه الفَراعنة، فيكونُ نَجِسًا.
* * *
230 -
حَدَّثَنَا قتيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرٌو، عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعتُ عَائِشَةَ (ح) وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرُو بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ المَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ، فَقَالَتْ: كنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ وَأثَرُ الغَسْلِ فِي ثَوْبِهِ بُقَعُ المَاءِ.
الثاني:
(سمعت يزيد) بفتح الياء.
(زريع) بضَمِّ الزَّاي على التَّصغير، ويقَعُ في بعضِ النُّسخ:(يزيد) فقط، ولهذا ردَّدَ (ك) بينَه وبينَ أن يكونَ المُراد ابنَ هارونَ الوَاسطِيَّ، ونُقِلَ عن الغَسَّانِيِّ في كتاب "تقييد المهمل": أنَّ ابنَ السَّكَنِ قال: ابنُ زُرَيعٍ، وعن الكَلَابَاذِيِّ عن أبي مَسعودٍ الدِّمَشقيِّ: أنّه قالَ: إنَّه ابنُ هارونَ.
قلت: وكذا رجَّحهُ القُطبُ الحلبِيُّ.
قال (ك): لا قَدحَ في الحديث بِهذا الإِلباسِ؛ لأنَّ كلَيهِما ثقةٌ على شَرطِ البُخارِيِّ.
(سمعت)؛ أي: ما يأتِي بعدَ الإسنادِ المُحوَّلِ، وفي بعض النُّسخ:(ح) إشارةً إلى التَّحويلِ.
(عبد الواحد) هو ابنُ زِياد، بكسر الزَّايِ ثم ياءٌ.
(عن المني)؛ أي: عن حُكمِ المَنِيِّ، غَسْلًا أو فَركًا.
(فيخرُجُ)؛ أي: من الحُجرَةِ إلى المسجد للصَّلاة.
(بقع الماء)؛ أي: آثارُه، وهو بالنَّصب على الاختصاصِ، أي: أعنِي، وفي بعضِها بالرَّفع، جوابُ سؤالٍ مُقدَّرٍ؛ أي: هو بُقَع.
وفي الحديث جوازُ سؤالِ النِّساء عمَّا يتعلَّق بأمورِ الجِماع لتعلُّمِ الأَحكام، وخدمةُ الزَّوجاتِ للأَزواج.
* * *