الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أن نعم) في بعضِها: (أي)، وكلاهُما حرفُ تفسيرِ.
(انصرف)؛ أي: مِنَ المَسجدِ، ومَبَاحثُ الحديثِ سَبقَت في (باب من أجابَ الفُتْيا ماشِيا).
* * *
38 - بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كلِّهِ
لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6]، وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: المَرْأةُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ تَمسَحُ عَلى رَأْسِها، وَسُئِلَ مَالِكٌ أيَجْزِئُ أَنْ يَمسَحَ بَعضَ الرَّأْس؟ فَاحتَجَّ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زيدٍ.
(باب مَسْح الرَّأْسِ كُلِّهِ) قَصدُه وُجوبُ الكُلِّ، لكنْ مَن أَوجَب البَعضَ أجابَ عمَّا استُدِلَّ به.
(بمنزلة الرجل)؛ أي: في مَسحِ جَميعِ رَأسها، ويحتملُ في أصلِ المَسحِ.
(وسئل مالك
…
) إلى آخره، وصَلَه ابنُ خُزَيْمَةَ، وأنَّ السائلَ له: إسحاقُ بنُ عيسى الصَّباغُ.
(أيجزئ) بفَتحِ الياءِ، أي: أيَكفِي؟ وفي بعضِها بالضَّمِّ من الإِجزَاء، وهو الأَداءُ الكافِي لسُقوطِ التَّعبُّد.
(بعض) في بعضِها: (ببَعضِ)، وفي بعضِها:(الرَّأس).
(فاحتج)؛ أي: على أنَّه لا يُجزِئُ (بحديث عبد الله بن زيدٍ المازِنيِّ) وسيَأتي.
* * *
185 -
حَدَّثَنا عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ قالَ: أَخْبَرَناَ مالك، عَنْ عَمرِو ابنِ يَحيَى المَازِنيِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بنِ زبدٍ وَهُوَ جَدُّ عَمرِو بْنِ يحيَى-: أتسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَني كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زيدٍ: نعم، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْههُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى المِرفَقَيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، حَتَّى ذَهبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى المَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ.
(عن أبيه)؛ أي: يَحيَى بنِ عُمَارَةَ.
(وهو جد عمرو) مخالفٌ لِما سيَأتي في البابِ بعدَه أنَّ السَّائلَ: عمرُو بنُ أبي حَسَنٍ، أي: أخُو عُمَارَةَ بنِ أبي حَسَنِ، وسيأتي الجَمعُ بينَهما.
(على يده) في بعضِها: (يدَيه).
(واستنثر)؛ أي: بعدَ الاستِنشَاقِ، وسبق في (باب الوُضوءِ ثلاثًا) الفَرقُ بينَهُما، وفي بعضِها هُنا بدل (استنثر):(استَنشَقَ).
(المرفق) بفتحِ الميمِ وكسر الفاء، وبالعكس، هو: مِفصَلُ الذِّراعِ والعَضُد، ولا يُؤخذُ من هذا عَدمُ غَسل المِرفَق؛ من حيثُ إنَّ الغايةَ لم تدخلْ، إمَّا لمنع إفادةِ الغايةِ المُخالفة، أو يجب احتِياطًا، أو غير ذلك.
(بدأ
…
) إلى آخره هو بيانٌ لِـ (أقبلَ وأدبَرَ).
واعلَم أنَّ في الاستدلالِ بذلك على مَسحِ الجَميع نَظَر؛ إذ ليسَ كلّ ما ذُكِرَ واجبًا كالمَضمَضَةِ والاستِنشَاق، ومَن أوجَبَهما مَحجُوجٌ بأمورٍ بعضُها سبَقَ، وبعضُها يأتي.
وأيضًا التَّثليثُ والتَّثنيةُ في البَعضِ مَذكوران؛ ولا يَجبان اتِّفاقا، ولا يُقالُ: هو بيانٌ لقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6]، وهو واجبٌ فبيانُه واجبٌ؛ لأنَّا نقولُ: وكانَ يجبُ الرَّدُّ إلى المَكان الذي بَدأ منه، ولا يَجبُ اتَّفاقًا، ويلزَمُ أن يكونَ التَّثليثُ والتَّثنيَةُ واجبَتَين؛ لأنَّهما بيانٌ أيضًا، فمَسحَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ناصيته، فلو وَجَب الكُلّ لما اقتَصَر عليه، فالحقُّ أن الأمرَ تحقيقُه المَسحُ، وهو صَادقٌ بالكُلّ والبَعضِ.
وهذا الحديثُ وردَ بكَمالِه، ولا نِزاعَ فيه؛ بدليلِ أنَّ الإقبالَ والإدبارَ لم يُذكرا في غيرِ هذا الحَديثِ، وربَّما يُستَدلّ على البَعضِ بالباء المُقتَضِيَة للتَّجزِئَة، ففَرقٌ بينَ:(مَسحتُ المِنديلَ) و (بالمِنديلِ).
قيل: فيلزمُ في: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] مثلُه،
فلا يثبُتُ في الباء تجزئةٌ، وجوابُه: مَنَعَ من ذلك مانِعٌ، وإيجابُ الحنفيَّة الرُّبعَ احتِجاجًا بمَسحِه صلى الله عليه وسلم بناصِيته، فهو بيانٌ للإِجمال في الآية؛ لأنَّ الناصِيةَ رُبعٌ، وما في حديثِ عبدِ الله المَازِنيِّ، فإنَّما هوَ لأَنَّه أفضلُ، فيُجمَعُ بذلك جوابُه أنَّه لا يكونُ بيانًا إلا إذا كان أولُ مسحِه لذلك بعد الآية.
وأيضًا فقوله: (بناصِيته) يَحتَمِلُ بعضَها، وأيضَا يحتَمِلُ أنَّ الواجبَ الكُلُّ، ولكنْ قَصَرَ على النَّاصية في وقتٍ لعُذرٍ، وأيضًا فذاك في حديثِ المغيرةِ أنَّه مَسَحَ بناصِيته، وعلى عِمَامَتِه، فاقتِرانُه بالعِمَامَة يَنفِي التَّحديدَ بالرُّبع، وأنَّه لا يُقتَصَرُ عليها، وإنَّ ذلك كانَ لعُذرٍ.
ولنا أيضًا القياسُ على المَسحِ في الخُفِّ، وهو للبَعضِ، وهو أرجَحُ من قياسهم على مَسحِ الوَجه في التَّيمُّم، لأنَّ المَسحَ في الوُضوء أقربُ منَ المَسح في التَّيمُّم.
وأيضًا فمَسحُ الوَجه في التَّيمُّم بدلٌ عن غَسلِ جَميعِه، ومسحُ الرَّأسِ أصلٌ برَأسِه.
قال (ط): أجمَعوا أنَّ مَن (1) مَسَحَ الكُلَّ أدَّى الفَرضَ، واختَلفوا فيمَن مَسحَ البَعض، فيجِبُ اليقينُ بمَسحِ الكُل، وعُورِضَ بأنَّ مسحَ البَعض واجبٌ اتَّفاقا؛ لأنَّ مَن قالَ بالكُلِّ أو بالناصية أو أقلَّ؛ يقولُ به، والزَّائدُ الأصلُ براءةُ الذِّمة منه).
(1)"من" ليس في الأصل.