الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا تتعين بالتعيين، وإنما تتعين بالقبض، فشرطنا التقابض للتعيين لا للقبض، وأما كون القبض شرطًا في المصوغ من الذهب والفضة، وإن كان يتعين بالإشارة فذلك نظر فيه باعتبار أصل خلقته، وهو الثمنية؛ لأن الثمنية لا تتعين بالتعيين، فيشترط قبضه، ولا يسقط اشتراط القبض بالصنعة لبقاء شبهة عدم التعيين باعتبار الأصل، إذ الشبهة في المحرمات ملحقة بالحقيقة
(1)
.
الدليل الثالث:
أن تقييد المصرف للمبلغ المستحق، وإقباضه إيصالًا بذلك يعتبر قبضًا لوثيقة تثبت استحقاق المستفيد للمبلغ المقيد، وفرق بين قبض وثيقة تثبت الحق، وبين قبض الحق نفسه، والمطلوب هو قبض الحق، وليس قبض ما يثبت الحق.
ويجاب:
بأن القيد المصرفي ليس إثبات استحقاق فقط، كالوثيقة التي تثبت حق الدائن على المدين، وإنما هو إثبات استحقاق مع إطلاق يد المستحق في التصرف في المبلغ المقيد بكل أنواع التصرف المشروعة من بيعه، واستلامه، والحوالة عليه، ورهنه، وغير ذلك، وانقطاع حق البائع انقطاعًا نهائيًا، فهو نقل حكمي للمبلغ المقيد من ذمة البنك العامة إلى حساب المستفيد، ولذلك سماها بعضهم: نقودًا قيدية.
الراجح من الخلاف:
بعد استعراض الأدلة أجد أن قول عامة الباحثين في هذا العصر أقرب إلى الصواب، وأن القيد المصرفي قبض حكمي معتبر يقوم مقام القبض الحقيقي ولكن بشروط منها:
(1)
انظر تبيين الحقائق (4/ 89)، بدائع الصنائع (5/ 219).
الأول: أن يتم القيد قبل التفرق، وأما قبض الإيصال الذي يثبت استحقاقه لقيمة الصرف فليس بشرط، لأن السند الذي يقبضه العميل إنما هو وثيقة لإثبات حصول التسجيل في الحساب، فلو حصل التفرق قبل أن يقبض السند، وقد تم التقييد، وقبضه في وقت لاحق فلا يؤثر ذلك في صحة العقد، وكذلك الشأن لو حصل الافتراق من المجلس قبل أن يسجل موظف المصرف المبلغ في الحساب لاعتبر ذلك افتراق قبل حصول التقابض، فيبطل الصرف
(1)
.
الثاني: أن يكون لدى البنك العملة التي باعها على العميل، ولا تكفي الملاءة هنا، فلا بد من حيازة البنك للعملة التي باعها على العميل سواء في صناديقه المحلية، أو في الصندوق المركزي في مقره الرئيسي.
وقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي ما يلي: « .... يعتبر القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى، سواء كان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف، أو بعملة مودعة فيه»
(2)
.
(1)
وقد ظن بعض الإخوة أن السند الذي يقبضه العميل من المصرف بمثابة القبض الواجب، لأن فيه إثبات حق العميل بالمبلغ الذي أودعه، وفي هذا نظر، لأن الفقهاء لم يجيزوا للمتصارفين أن ينصرفوا قبل التقابض حتى ولو قدم أحدهما ضمانًا برهن أو غيره لإثبات حق العميل. انظر أحكام الصرف في الفقه الإسلامي - عادل روزي، رسالة لنيل درجة الماجستير لم تطبع (ص: 268).
(2)
القرار ا لسابع من قرارات الدورة الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم الأحد 13 رجب، 1409 هـ الموافق فبراير 1989 م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409 هـ، الموافق: 26 فبراير 1989 م.
وجاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ما نصه:
«أولًا: قبض الأموال كما يكون حسيًا في حالة الأخذ باليد، أو الكيل أو الوزن في الطعام، أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض، يتحقق اعتبارًا وحكمًا بالتخلية مع التمكين من التصرف ولو لم يوجد القبض حسًا. وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها واختلاف الأعراف فيما يكون قبضًا لها.
ثانيًا: إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعًا وعرفًا.
1 -
القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية:
(أ) إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.
(ب) إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف في حالة شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل .... »
(1)
.
* * *
(1)
مجلة مجمع الفقه الإسلامي (6/ 1/771).