الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن أبي موسى: لا خير فيما يكال بما يكال جزافًا، ولا فيما يوزن بما يوزن جزافًا اتفقت الأجناس أو اختلفت، ولا بأس ببيع المكيل بالموزون جزافًا، وقال ذلك القاضي والشريف أبو جعفر، نقل ذلك عنهم ابن قدامة في المغني
(1)
.
(ح-824) وحجتهم ما رواه مسلم من طريق أبي النضر، أن بسر ابن سعيد حدثه.
عن معمر بن عبد الله أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الطعام بالطعام مثلًا بمثل ....
(2)
.
وجه الاستدلال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام إلا مثلًا بمثل، والطعام مكيل، فإذا بيع المكيل بالمكيل مجازفة لم تتحقق المماثلة، والموزون مقيس عليه.
الدليل الثاني:
ولأن بيع المكيل بالمكيل والموزون بالموزون يشبه الجنس الواحد.
الراجح:
أما قول ابن أبي موسى فهو قول ضعيف جدًا؛ لأن الأحاديث متكاثرة على
(1)
المغني (4/ 33).
(2)
صحيح مسلم (1592).
جواز بيع الذهب بالفضة كيف شئنا إذا كان يدًا بيد، وكذلك في بيع التمر بالحنطة.
هذا من جهة جواز التفاضل، وأما في بيعها جزافًا فأكثر العلماء على الجواز، قال ابن عبد البر:«أجاز أكثر العلماء بيع الذهب بالورق جزافًا عينًا كان ذلك أو تبرًا، دراهم كانت أو دنانير، والمصوغ وغيره في ذلك سواء؛ لأن التفاضل بينهما حلال جائز، وإذا جاز الدينار بأضعافه دراهم جاز الجزاف في ذلك يدًا بيد كما يجوز القصد إلى المفاضلة بينهما يدًا بيد»
(1)
.
وعندي أن الإمام مالك لم يحرم ذلك من أجل منع التفاضل، وإنما منع من ذلك من أجل الجهل بالمبيع والثمن، ومن شروط صحة البيع العلم بالمبيع والعلم بالثمن، ولذلك إذا علم عدد كل واحد منهما جاز بيع بعضهما ببعض وإن وجد التفاضل، بينما إذا تم الصرف بينهما جزافًا: أي كومة من الدنانير بكومة من الدراهم فإنه يدخلها الجهل بحقيقة مقدار المبيع والثمن، فيأتي الغرر من هذا الباب خلاف ما إذا كان البيع قطعة من الذهب بقطعة من الفضة، وقد أحاط بها علم المشتري والبائع عن طريق الرؤية، فلا حرج في بيعهما، وإن لم يعلم وزنهما، والله أعلم.
* * *
(1)
الاستذكار (19/ 226).