الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السعودية
(1)
، وقرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
(2)
، وعليه أكثر الباحثين المعاصرين
(3)
.
وجه قول من قال بهذا:
الوجه الأول:
أن الراجح في علة جريان الربا في الذهب والفضة مطلق الثمنية، وهذا يعني أن الحكم ليس مقصورًا على الذهب والفضة يل يتعداه إلى كل ما يتخذه الناس ثمنًا للأشياء.
الوجه الثاني:
أن حقيقة النقد: هو كل شيء يجري اعتباره في العرف والعادة، ويلقى قبولًا عامًا كوسيط للتبادل، كما قال ابن تيمية رحمه الله: «وأما الدرهم والدينار فما يعرف له حد طبعي، ولا شرعي، بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح، وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به، بل الغرض أن يكون معيارًا لما يتعاملون به، والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها، بل هي وسيلة إلى التعامل بها، ولهذا كانت أثمانًا بخلاف سائر الأموال، فإن المقصود بها الانتفاع بها بنفسها، فلهذا
(1)
انظر القرار العاشر لهيئة كبار العلماء في السعودية، منشور في مجلة البحوث الإسلامية - العدد الحادي والثلاثون. وقد أجازوا فيه إبدال ريال فضة سعودي بثلاثة ريالات ورقية، وسوف أنشره بحروفه كملحق لهذا البحث إن شاء الله تعالى لأهميته.
(2)
مجلة المجمع الفقهي الإسلامي العدد الثامن (ص: 334).
(3)
الربا والمعاملات المصرفية - المترك (ص: 339)، التضخم النقدي في الفقه الإسلامي (ص: 68)، المعاملات المالية المعاصرة (ص:190)، أسهل المدارك للكشناوي (1/ 370)، الورق النقدي لابن منيع (ص:)، فقه الزكاة للقرضاوي (1/ 270).
كانت مقدرة بالأمور الطبعية أو الشرعية، والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض، لا بمادتها، ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيف ما كانت»
(1)
.
وجاء في المدونة «قلت: أرأيت إن اشتريت فلوسًا بدراهم، فافترقنا قبل أن نتقابض؟
قال: لا يصلح هذا في قول مالك، وهذا فاسد. قال لي مالك في الفلوس: لا خير فيها نظرة بالذهب ولا بالورق، ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى يكون لها سكة وعين لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نظرة»
(2)
.
وهذا القول هو أقوى الأقوال، وأقربها إلى الصواب، والله أعلم.
* * *
(1)
مجموع الفتاوى (19/ 251 - 252).
(2)
المدونة (3/ 395 - 396).
ملحق
بسم الله الرحمن الرحيم
من قرارات هيئة كبار العلماء قرار رقم (10) بشأن الأوراق النقدية.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فبناء على توصية رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والأمين العام لهيئة كبار العلماء بدراسة موضوع الورق النقدي من قبل هيئة كبار العلماء، استنادًا إلى المادة السابعة من لائحة سير العمل في الهيئة، التي تنص على أن ما يجري بحثه في مجلس الهيئة يتم بطلب من ولي الأمر، أو بتوصية من الهيئة، أو من أمينها، أو من رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، أو من اللجنة الدائمة المتفرعة عن الهيئة، فقد جرى إدراج الموضوع في جدول أعمال الهيئة لدورتها الثالثة المنعقدة فيما بين 1/ 4 / 1393 هـ و 17/ 4 / 1393 هـ وفي تلك الدورة جرى دراسة الموضوع بعد الاطلاع على البحث المقدم عنه من اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء. وبعد استعراض الأقوال الفقهية التي قيلت في حقيقة الأوراق النقدية من اعتبارها أسنادًا، أو عروضًا، أو فلوسًا، أو بدلًا عن ذهب أو فضة أو نقدًا مستقلًا بذاته، وما يترتب على تلك الأقوال من أحكام شرعية، جرى تداول الرأي فيها، ومناقشة ما على كل قول منها من إيرادات، فنتج عن ذلك عديد من التساؤلات التي تتعلق بالإجراءات المتخذة من قبل الجهات المصدرة لها. وحيث إن الموضوع من المسائل التي تقضي المادة العاشرة من لائحة سير عمل الهيئة بالاستعانة بخبير أو أكثر في شئونها حيث نصت على أنه لدى بحث الهيئة
مسائل تتعلق بالشئون الاقتصادية والاجتماعية والأنظمة العامة بما في ذلك القضايا البنكية والتجارية والعمالية، فإن عليها أن تشرك في البحث معها واحدًا أو أكثر من المتخصصين في تلك العلوم. فقد جرى استدعاء سعادة محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور أنور علي، وحضر معه الدكتور عمر شابريه، أحد المختصين في العلوم الاقتصادية، ووجهت إلى سعادته الأسئلة التالية:
س 1: هل تعتبر مؤسسة النقد ورق النقد السعودي نقدًا قائمًا بذاته، أم تعتبره سندات تتعهد الدولة بدفع قيمتها لحاملها كما هو مدون على كل فئة من فئات أوراق النقد السعودي، وإذا لم يرد معنى هذه العبارة، فما معنى الالتزام بتسجيلها على كل ورقة، وهل يعني ذلك التعهد أن ورق النقد السعودي مغطى بريالات فضية أم لا؟
س 2: هل لكل عملة ورقية غطاء مادي محفوظ في خزائن مصدريها؟ وإذا كان كذلك فهل هو غطاء كامل؟ أم غطاء للبعض فقط؟ وإذا كان غطاء للبعض فما هو الحد الأعلى للتغطية؟ وما هو الحد الأدنى لها؟
س 3: ما نوع غطاء العملات الورقية؟ وهل توجد عملة لأي دولة ما مغطاة بالفضة؟ وهل هناك جهات إصدار تخلت عن فكرة التغطية المادية مطلقًا؟
س 4: المعروف أن الورقة النقدية لا قيمة لها في ذاتها وإنما قيمتها في أمر خارج عنها فما هي مقومات هذه القيمة؟
س 5: نرغب شرح نظرية غطاء النقد بصفة عامة، وما هي مقومات اعتبار العملة الورقية على الصعيدين الدولي والمحلي؟
س 6: هل الغطاء لا يكون إلا بالذهب وإذا كان بالذهب وغيره فهل غير
الذهب فرع عن الذهب باعتبار أنه قيمة له، وهل يكفي للغطاء ملاءة ومتانة اقتصادها وقوتها ولو لم يكن لنقدها رصيد؟
س 7: ما يسمى بالدينار، والجنيه هل هو مغطى بالذهب، ولذا سمى دينارًا أو جنيهًا رمزًا لما غطي به؟ ومثله الريال السعودي هل هو مغطى بفضة، أم أن هذه التسميات يقصد بها المحافظة على التسميات القديمة للعملة المتداولة فيما مضى بغض النظر عما هي مستندة عليه من ذهب أو فضة؟
س 8: ما السبب في عدم الثقة في النقد المتداول اليوم مما أدى إلى ارتفاع الذهب ارتفاعًا لم يسبق له نظير؟
وأجاب سعادته عنها بواسطة المترجم القائد الدكتور أحمد المالك إجابة جرى رصد خلاصتها في محضر الجلسة مع سعادته، وقد توصلت بها الأكثرية من الهيئة إلى الاقتناع بما ارتأته فيها من رأي. ثم بعد إعادة النظر في الأقوال الفقهية التي قيلت فيها على ضوء الإيضاحات التي ذكرها سعادة المحافظ قرر المجلس بالأكثرية ما يلي:
بناء على أن النقد هو كل شيء يجري اعتباره في العادة أو الاصطلاح، بحيث يلقى قبولًا عامًا كوسيط للتبادل، كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: وأما الدرهم والدينار فما يعرف له حد طبعي ولا شرعي بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح، وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به بل الغرض أن يكون معيارًا لما يتعاملون به، والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها بل هي وسيلة إلى التعامل بها، ولهذا كانت أثمانًا .. إلى أن قال: والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيفما كانت. اهـ
(1)
.
(1)
مجموع الفتاوى (29/ 251).
وذكر نحو ذلك الإمام مالك في المدونة من كتاب الصرف حيث قال: ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى يكون لها سكة وعين لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نسيئة. اهـ. وحيث إن الورق النقدي يلقى قبولًا عامًا في التداول، ويحمل خصائص الأثمان من كونه مقياسًا للقيم، ومستودعًا للثروة، وبه الإبراء العام. وحيث ظهر من المناقشة مع سعادة المحافظ أن صفة السندية فيها غير مقصودة، والواقع يشهد بذلك ويؤكده، كما ظهر أن الغطاء لا يلزم أن يكون شاملًا لجميع الأوراق النقدية، بل يجوز في عرف جهات الإصدار أن يكون جزء من عملتها بدون غطاء، وأن الغطاء لا يلزم أن يكون ذهبًا، بل يجوز أن يكون من أمور عدة كالذهب والعملات الورقية القوية وأن الفضة ليست غطاء كليًا أو جزئيًا لأي عملة في العالم .. كما اتضح أن مقومات الورقة النقدية قوة وضعفًا مستمدة مما تكون عليه حكومتها من حال اقتصادية فتقوى بقوة دولتها وتضعف بضعفها، وأن الخامات المحلية كالبترول والقطن والصوف لم تعتبر حتى الآن لدى أي من جهات الإصدار غطاء للعملات الورقية. وحيث إن القول باعتبار مطلق الثمنية علة في جريان الربا في النقدين هو الأظهر دليلًا والأقرب إلى مقاصد الشريعة وهو إحدى الروايات عن الأئمة مالك وأبي حنيفة وأحمد.
قال أبو بكر: روى ذلك عن أحمد جماعة كما هو اختيار بعض المحققين من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما، وحيث إن الثمنية متحققة بوضوح في الأوراق النقدية لذلك كله؛ فإن هيئة كبار العلماء تقرر بأكثريتها أن الورق النقدي يعتبر نقدًا قائمًا بذاته كقيام النقدية في الذهب
والفضة وغيرهما من الأثمان، وأنه أجناس تتعدد بتعدد جهات الإصدار؛ بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته، وأنه يترتب على ذلك الأحكام الشرعية الآتية:
أولًا: جريان الربا بنوعيه فيها كما يجري الربا بنوعيه في النقدين الذهب والفضة، وفي غيرهما من الأثمان كالفلوس، وهذا يقتضي ما يلي:
أ - لا يجوز بيع بعضه ببعض أو بغيره من الأجناس النقدية الأخرى من ذهب أو فضة أو غيرهما نسيئة مطلقًا، فلا يجوز مثلا بيع الدولار الأمريكي بخمسة أريلة سعودية، أو أقل أو أكثر نسيئة.
ب - لا يجوز بيع الجنس الواحد منه بعضه ببعض متفاضلًا، سواء كان ذلك نسيئة أو يدا بيد، فلا يجوز مثلا بيع عشرة أريلة سعودية ورق بأحد عشر ريالًا سعوديا ورقًا.
جـ - يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقا إذا كان ذلك يدا بيد فيجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانية بريال سعودي ورقًا كان أو فضة، أو أقل من ذلك أو أكثر، وبيع الدولار الأمريكي بثلاثة أريلة سعودية، أو أقل، أو أكثر، إذا كان ذلك يدًا بيد، ومثل ذلك في الجواز بيع الريال السعودي الفضة بثلاثة أريلة سعودية ورق، أو أقل أو أكثر يدًا بيد؛ لأن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسه، ولا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة.
ثانيا: وجوب زكاتها إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة، أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة إذا كانت مملوكة لأهل وجوبها.
ثالثا: جواز جعلها رأس مال في السلم والشركات.
والله أعلم، وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء في السعودية.
* * *