الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عقد مستتر هو السمسرة، وسيأتي مزيد بيان لأدلة هذا القول عند الكلام على الترجيح.
موقف المصارف الإسلامية والهيئات الشرعية من أخذ العمولة على التاجر:
أجازت أخذ هذه العمولة الهيئة الشرعية في شركة الراجحي في فتواها رقم (47)«حيث لا ترى مانعًا من الحصول على نسبة من قيمة ما يشتريه حامل البطاقة ما دامت هذه النسبة تستقطع من ثمن خدمة أو سلع، وقد تم التعارف على استقطاعها من البائع لصالح البنك الذي أصدر البطاقة وشركة الفيزا العالمية» .
كما ذهبت إلى الجواز أيضًا الفتوى الصادرة عن الهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي
(1)
.
كما أجازت الهيئة الشرعية لبنك البلاد أخذ العمولة من التاجر في قرارها رقم (16) وموضوعه ضوابط البطاقات الائتمانية، ففي الوقت الذي رأت الهيئة أن تكييف العلاقة بين البنك المصدر للبطاقة وقابل البطاقة (التاجر) أنها علاقة ضمان وسمسرة، رأت أن الرسوم المأخوذة من التاجر جائزة مطلقًا سواء أكانت نسبة، أم مبلغًا مقطوعًا؛ لأن تكييف هذا المبلغ أجرة على السمسرة، وهي جائزة، وغضت الطرف عن اجتماع السمسرة مع عقد الضمان، وأحدهما يجوز أخذ العوض عليه، والأخر يحرم أخذ العوض عليه، فإذا كان لا يجوز اجتماع البيع أو الإجارة مع القرض، لم يجز اجتماع الإجارة (السمسرة) مع الضمان.
(1)
مجلة مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة (1/ 476) حيث تم نشر أجوبة أسئلة موجهة إلى هيئة الفتوى والرقابة الشرعية في بيت التمويل الكويتي ورأت الهيئة أن العمولة «عبارة عن أجر على وكالة وساطة بينه وبين حامل البطاقة من ترويج التعامل معه ودعاية له، وتأمين زبائن، وتسهيل تحصيل قيمة بضائعه» .
كما أجاز ذلك البنك الإسلامي الأردني.
وأفتت ندوة البركة الثانية عشرة للاقتصاد الإسلامي بجواز أخذ العمولة من التاجر، ونص الفتوى:«يجوز للبنك المصدر لبطاقة الائتمان وبنك التاجر تقاضي عمولة من التاجر القابل للبطاقة في بيع السلع أو تقديم الخدمة، وذلك مقابل الخدمات المقدمة للتاجر في منح البطاقة، وقبول الدفع بها، وتوفير العملاء، وتحصيل المستحقات بالوكالة عن التاجر، ولا مانع من اقتسام هذه العمولة بين البنك المصدر وبنك التاجر لاشتراكهما في تقديم الخدمات المشار إليها»
(1)
.
كما صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي يجيز أخذ العمولة من التاجر.
ففي قرار المجمع رقم 108 (2/ 12) جاء فيه: «جواز أخذ البنك المصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد» .
ومع تقديري لجميع الهيئات الشرعية العاملة في المصارف، وتثمين الجهود المبذولة في سبيل أسلمة المصارف وحرصها التام في ضبط تلك العمليات بما يوافق الشرع إلا أن إطلاقها للجواز غير سديد.
فالراجح أن خصم المبلغ على التاجر مقابل ثلاثة أمور:
الأول: تكاليف فعلية يقدمها مصدر البطاقة للتاجر. وهذه يجوز تحميلها المستفيد منها، ولا يسمى هذا معاوضة؛ لأن البنك يأخذ ما أنفقه من هذه
(1)
قرارات وتوصيات ندوة البركة للاقتصاد الإسلامي (ص: 204) ندوة البركة الثانية عشرة (12/ 3).
الجهود على المستفيدين دون أن يربح عليهم من جراء ذلك، سواء كان المستفيد حامل البطاقة أو كان المستفيد هو التاجر، وإذا كانت تكاليف القرض يجوز أخذها من المقترض، فتكاليف الضمان كذلك، وهذه ينبغي أن يعلم أنها لا تدخل في باب المعاوضات أصلًا.
ولا شك أن البنك يحتاج في عملية تحصيل قيمة المبيعات وما يتبع ذلك من أعمال وإجراءات إدارية إلى توظيف كفاءات متخصصة يتقاضون أجورًا عالية على مثل هذه الأعمال التي تحتاج إلى الكثير من التعب والتكلفة والمعاناة فإنه من غير المعقول أن يقدم البنك مصدر البطاقة مثل هذه الخدمات نيابة عن التاجر مجانًا إلا أن هذا المبلغ يجب أن يكون مقطوعًا، ولا يحتسب بنسبة مئوية من مبلغ الفاتورة؛ لأن إجراءات العملية ذات المبلغ الكبير هي نفس إجراءات العملية ذات المبلغ القليل.
الثاني: أخذ مبلغ مقابل التزام البنك بالسداد للتاجر. وهذا لا يجوز؛ لأنه يؤدي إلى أخذ العوض على ضمان الدين. وهو محرم بالإجماع.
الثالث: أخد مبلغ مقابل خدمات غير مباشرة للتاجر، مثل السمسرة والإيداع في الحساب واحتساب ذلك بنسبة مئوية من مبلغ الفاتورة.
وهذه يجوز أخذ العوض عليها وطلب الربح من جراء تقديمها للتاجر لو كانت تقدم بشكل منفرد، أو مع خدمات مباحة، أما إذا اجتمعت مع الضمان فإنه لا يجوز أخذ العوض عليها حتى تفصل عن الضمان: حتى لا يؤدي ذلك إلى أخذ العوض على الضمان بالاختباء وراء ستار هذه الخدمات.
فالراجح في العقود المشتركة منع الجمع بين كل عقدين يترتب على الجمع بينهما محظور شرعي، وإن كان كل واحد منهما جائزًا بمفرده.