الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكالة، أو كان بغطاء جزئي فهو ضمان ووكالة، ويجوز أخذ الأجر على الوكالة، وإن كان بغير غطاء فهو كفالة (ضمان)، ولا يجوز أخذ العوض على الكفالة.
وقد ناقشت هذا القول بالمبحث السابق فأغنى عن إعادته هنا.
الراجح من الخلاف:
أرى أن أخذ العوض على الضمان إذا لم يترتب على ذلك محذور شرعي لا مانع من جوازه، وإذا ترتب على ذلك محذور شرعي منع لا من أجل الضمان، ولكن لأن المعاملة تؤدي إلى الوقوع في ذلك المحذور، كما لو كان الضمان للدين، فإنه قد يؤدي إلى أن يكون قرضًا جر نفعًا في حال عجز المدين عن السداد، وأدى الضامن الدين نيابة عن المضمون. وينبغي أن يكون المنع في هذه الصورة محل اتفاق بين الفقهاء حيث لم يخالف في ذلك أحد من العلماء المتقدمين، ومن حكا من المتأخرين جوازه فهو محجوج بالإجماع، وما حكي عن إسحاق بن راهوية فلا أظن أنه يخرق الإجماع لعدم فهم المتأخرين لقول إسحاق، وربما كان العذر للمشايخ أنهم لم يقفوا على عبارة إسحاق، أما وقد طبع كتاب مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج فأعتقد أن كثيرًا منهم سوف يراجع قوله. وهذا هو الظن فيهم.
وبناء على هذا فيجوز أخذ العوض على الضمان إذا كان الضمان تبعًا، ولم يكن مفردًا بالذكر، ولا مخصوصًا بالأجر. كما لو اشترى الإنسان سلعة، وكانت مضمونة لمدة معينة مقابل زيادة في القيمة، فإن الضمان هنا تابع، وليس مستقلًا فلا أرى مانعًا من جواز تلك الزيادة مقابل الضمان.
كذلك يجوز أخذ العوض على الضمان إذا لم يكن ناشئًا عن دين أصلًا،
وذلك مثل تغطية الإصدار في طرح الاكتتاب، ومثل الضمان في عقود التأمين القائم على جبر الأضرار، فإن الضمان في هذه الصور لم يكن ناشئًا عن دين.
كذلك يجوز أخذ العوض على الضمان فيما لو كان الكفيل مدينًا للمكفول بمثل المال المضمون، وهو ما يسمى بالضمان المغطى، فإن هذا لا يؤول إلى قرض جر نفعًا. سواء سمينا هذه الصورة بالضمان، أو اعتبرناها وكالة بالدفع، وإن كنت أميل إلى اعتبار العقد من عقود الضمان؛ لأن الضمان في حالة كون قيمته مغطاة لا يخرج عن الضمان لسببين:
أحدهما: أن الوكالة عقد جائز، وهذا عقد لازم.
الثاني: أن العلاقة بين المستفيد وبين البنك علاقة ضمان، وليست علاقة وكالة، بدليل أن المبلغ الذي دفع إلى المصرف لو أنه هلك بدون تعد ولا تفريط لم يسقط حق المستفيد، ويبقى البنك مطالبًا بالدفع، بينما لو هلك المال في يد الوكيل بدون تعد ولا تفريط لم يكن الوكيل مطالبًا بالدفع. والله أعلم.
* * *