الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما اعتبار العقد بين المصرف وبين العميل الذي قدم غطاء ماليًا كليًا عقد وكالة؛ فلأن العميل أعطى المصرف مالًا، وطلب من المصرف أن يدفع هذا المال نيابة عنه عندما يطالب به، وهذا حقيقة الوكالة، ولا يستنكر أن يكون للتصرف الواحد اعتباران، فهناك كثير من العقود تعتبر لازمة بالنسبة لطرف، وغير لازمة بالنسبة لطرف آخر.
حكم أخذ العمولة والفوائد:
في حال كان الاعتماد مغطى كليًا فما يأخذه المصرف على هذه العملية يعتبر مشروعًا مطلقًا؛ لأن المصرف لا يدفع من ماله شيئًا، وإنما يدفع المبلغ من مال العميل الموجود لديه نيابة عن العميل، فلا يرد المحذور الذي من أجله حرم أخذ الأجرة على الضمان، لكونه لا يؤدي إلى قرض جر نفعًا، وما يأخذه المصرف في هذه الحالة مقابل خدماته جائز أيضًا كالعمولة التي تؤخذ من قبله في عملية التحويل بالشيكات ونحوها.
كما أن العملية خالية من القرض فلا يوجد قرض أصلًا.
وأما إن كان الاعتماد غير مغطى كليًا أو جزئيًا، فلا يجوز أخذ الفوائد مطلقًا سواء قلنا: إن الفائدة في مقابل القرض. أو قلنا: إن الفائدة في مقابل ضمان الدين؛ لأن ضمان الدين سيئول إلى أن يكون قرضًا جر نفعًا، فإن البنك إذا سدد للمستفيد أصبح العميل مدينًا للمصرف، وتكون أجرة الضمان في مقابل إقراض العميل، فيكون القرض قد جر نفعًا للضامن.
وأما العمولة على فتح الاعتماد فقد اختلف في جواز أخذها بناء على هذا التوصيف.
فقيل: يجوز أخذ الأجرة في مقابل ما قام به المصرف من الخدمات الفعلية،
والتكاليف الإدارية من الاتصال بالمصدر، ومطالبته بتسليم مستندات الشحن، وإيصالها إلى المشتري فهذه خدمة مصرفية جائزة، وأخذ الأجرة عليها جائز شرعًا، ولا تعتبر هذه في حكم الفائدة الربوية بوجه من الوجوه. وهذا اختيار معالي الشيخ عمر المترك يرحمه الله
(1)
.
وقيل: لا يجوز؛ لأن المعاوضة على تلك الخدمات المباحة تجوز لو قدمت بشكل منفرد مستقل عن عقد القرض والضمان، أما إذا ضمت تلك الخدمات إلى عقد القرض والضمان حرم التكسب من وراء تلك الخدمات، وجاز فقط استرداد المصاريف الإدارية والتكاليف الحقيقية حتى لا يكون هناك فائدة مستترة باسم العمولة مقابل تقديم القرض والضمان في فتح الاعتماد.
ولهذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين القرض والبيع.
(ح-855) لما رواه أبو داود الطيالسي من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،
عن عبد الله بن عمرو، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن
(2)
.
[إسناده حسن]
(3)
.
وإنما نهى عن الجمع بين البيع والقرض، وإن كان كل واحد منهما صحيحًا بانفراده؛ لأنه ربما حاباه في البيع لأجل القرض، فيؤدي إلى أن يجر القرض نفعًا للمقرض، فلما كانت الفائدة على القرض ربما تستتر بعقد البيع نهى عنها
(1)
انظر الربا والمعاملات المصرفية - معالي الشيخ عمر المترك (ص: 401 - 402).
(2)
مسند أبي داود الطيالسي (2257).
(3)
سبق تخريجه، انظر (ح 232).