الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لصاحبه، وضمانه عليه. وإن كان ملك المودِع قد زال نهائيًا عن عين المال، وانتقل الملك إلى البنك، وأصبح البنك يملك السلطة الكاملة في التصرف في عين المال، وربح المال للبنك وحده، وضمانه عليه و إذا رد البنك المال على صاحبه فإنه سوف يرد بدله لا عينه فإن هذا لا يتفق أبدًا مع عقد الوديعة.
فالملك للمال يحدد أمرين مهمين: المال والضمان.
فالوديعة: يملك صاحبها عينها، وربحها له، وضمانها عليه.
والقرض: يملك المقترض عين المال، وربحه له، وضمانه عليه. أما أن يوجد وديعة، لا يملك صاحبها عينها، وربحها ليس له، وضمانها ليس عليه، وتبقى وديعة فإن هذا لا يعرف في الفقه الإسلامي، والله أعلم.
وجه من قال: هي وديعة ناقصة أو شاذة:
هذا الاصطلاح لا يعرف في الفقه الإسلامي، وإنما عرف هذا المصطلح في الفقه الوضعي (القانون الفرنسي).
والفرق بين الوديعة التامة والوديعة الناقصة عندهم: أن الحفظ إن كان موجهًا لعين الوديعة، فهي الوديعة التامة، وإن كان الحفظ ليس لذات ا لوديعة، وإنما يكون الحفظ موجهًا لحق المودِع في استرداد مثل ما أودعه متى ما طلب ذلك أعطوها اسم الوديعة الناقصة، والفرق بين الوديعة الناقصة وبين القرض، أن الوديعة الناقصة لصاحبها أن يطلبها في أي وقت يشاء مما يجعل المودع يحتفظ دائما بما يساوي الشيء المودع نوعًا ومقدارًا.
والفقه الإسلامي يستبعد هذا المصطلح، ولا يتفق معه؛ لأن حق الاسترداد لا يسمى حفظًا، وما دام أن الوديعة تهلك بالاستعمال فهي قرض محض، بل إن القوانين العربية، وهي في غالبها خرجت من رحم القانون الفرنسي لم تتفق معه
على هذا المصطلح، فاعتبرت الوديعة التي تستهلك بالاستعمال إذا أذن صاحبها باستعمالها من قبل المودَّع صارت قرضًا، وقد نقلنا النصوص عن القانون المصري، والسوري وغيرهما في القول الأول.
والقول بأن البنك يحتفظ بما يماثل المودع نوعًا وقدرًا يخالف واقع نظام الإيداع المصرفي، وإنما يحتفظ البنك بنسبة معينة منها، وهو ما يعرف بالاحتياطي القانوني لمواجهة احتمالات طلبات الرد، لأن المودعين لا يأتون في وقت واحد يستردون ما أودعوه، وما يسترد في وقت يأتي آخرون ويودعون مثله أو أكثر، فالبنك إنما يحتفظ بجزء من هذه المبالغ، والباقي يتصرف فيها، بل إنه يستغل وجودها لإقراض الآخرين كمية من النقود تفوق ما في أرصدته، اعتمادًا على كون الدائنين لن يسحبوا النقود مرة واحدة، فيقرض هذه الودائع عدة مرات لعدة أشخاص، مع أن النقود واحدة، وهو ما يسمى بخلق الائتمان.
وجه من قال: الحساب الجاري عقد جديد، يدخل ضمن العقود غير المسماة.
ربما يرى صاحب هذا القول بأن الحساب الجاري مرتبط بفكرة فتح حساب للعميل، وفتح الحساب للعميل ليس مجرد عقد وديعة نقود لصالح البنك، بل يدخل فيه عمليات حسابية مختلفة بين البنك وبين العميل قبضًا ودفعًا، سواء كان ذلك مباشرة، أو نقلًا مصرفيًا، أو مبالغ يقبضها البنك لحساب عميله، كقيمة إسناد، أو تحصيل شيكات، أو عائدات أسهم مالية يفوض العميل البنك في استحصالها، أو عبارة عن ودائع مشتقة (ائتمانية) أنشأتها المصارف من أجل إقراض عملائها، أو منحهم ائتمانًا على شكل وديعة، أو حسابًا جاريًا يقيد باسمهم، ويكون من حقهم السحب عليه بشيكات تمامًا كما لو كانوا أودعوا لدى المصرف نقودًا.