الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالجواب:
أن هذه الخدمات لا شك أنها خدمات مباحة، فلو قدمت هذه الخدمات بشكل منفرد أو مع خدمات أخرى لجازت المتاجرة بها، وطلب الربح من وراء تقديمها، أما إذا اجتمعت مع الضمان فإنه لا يجوز أخذ العوض عليها حتى تفصل عن الضمان: حتى لا يؤدي ذلك إلى أخذ العوض على الضمان بالاختباء وراء ستار هذه الخدمات، فتؤدي إلى قرض جر نفعًا.
فالراجح في العقود المشتركة منع الجمع بين كل عقدين يترتب على الجمع بينهما محظور شرعي، وإن كان كل واحد منهما جائزًا بمفرده، فليس كل عقد جاز منفردًا جاز مضمومًا إلى غيره، فهذا عقد القرض جائز بالإجماع، وعقد البيع جائز بالإجماع، وإذا باعه بشرط أن يقرضه حرم ذلك بالإجماع.
فإذا كان أخذ العوض على ضمان الدين محرمًا فإن أخذ العوض على تلك الخدمات حينئذ يكون محرمًا خشية أن يؤدي ذلك إلى أخذ العوض على الضمان بعقد مستتر باسم الأجرة على تقديم تلك الخدمات، وفي نفس الوقت لا نمانع من أخذ التكاليف الفعلية التي أنفقها الضامن دون أن يربح فيها، فهذا هو مقتضى العدل.
جاء في الشرح الكبير: «فمن اقترض إردبًا مثلًا فأجرة كيله على المقترض، وإذا رده فأجرة كيله عليه بلا نزاع»
(1)
.
وعلق على ذلك الدسوقي في حاشيته: «قوله: (فأجرة كيله على المقترض) أي لا على المقرض؛ لأنه فعل معروفًا، وفاعل المعروف لا يغرم»
(2)
.
(1)
الشرح الكبير (3/ 145).
(2)
حاشية الدسوقي (3/ 145).
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الثالث بعمان (الأردن):
«بخصوص أجور خدمات القروض في البنك الإسلامي للتنمية، قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية:
أ - جواز أخذ أجور عن خدمات القروض.
ب - أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية.
ج - كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة؛ لأنها من الربا المحرم شرعًا»
(1)
.
كما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 108 (2/ 12) بشأن موضوع بطاقات الائتمان غير المغطاة.
جاء فيه: «يجوز إصدار البطاقة غير المغطاة إذا لم تتضمن شرط زيادة ربوية على أصل الدين.
ويتفرع على ذلك:
أ - جواز أخذ مصدرها من العميل رسومًا مقطوعة عند الإصدار أو التجديد بصفتها أجرًا فعليًا على قدر الخدمات المقدمة منه».
وإذا جاز احتساب التكاليف الفعلية السابق ذكرها والمتمثلة في تكاليف صناعة البطاقة وتكاليف الاتصالات، والكهرباء، وتكاليف الموظفين، واستئجار مواقع أجهزة الصرف والطباعة والبريد، وهي تكاليف حقيقية، فلا يجوز احتساب تكاليف غير حقيقية، مثل تكاليف الديون المعدومة أو المتعثرة، أو تكاليف احتمال التزوير والاحتيال، أو تكاليف متابعة المتأخرين عن السداد،
(1)
قرار رقم 13 (1/ 3) في مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثالثة بعمان (أكتوبر 1986 م).
وتحميل هذه المبالغ على حملة البطاقات ضمن رسوم الإصدار، كما لا يجوز احتساب رسوم الاشتراك في بطاقات التخفيض ضمن رسوم الإصدار.
وإذا عرفنا أنه من السائغ شرعًا دفع النفقات الفعلية التي أنفقها المصدر للبطاقة، واحتساب ذلك على شكل رسوم إصدار وتجديد واستبدال، قياسًا على نفقات التسليم والوفاء والوزن في عقد القرض والتي يتحملها المقترض فإن السؤال الذي يطرح نفسه: من يقدر التكلفة الحقيقية لهذه المصروفات؟
إن نفقات القرض والتي يتحملها المقترض مثل كيل مال القرض، أو وزنه تكاليف معروفة ومحسوبة بدقة، ولا يتحكم في تحديدها المقرض، بل هي متعارف عليها في سوق التعامل، وقد يدفعها المقترض مباشرة للوازن أو الناقل دون أن يباشر ذلك المقرض، بينما الواقع في بطاقات الائتمان المعاصرة أن تحديد التكلفة الفعلية يصدر من المصرف (المقرض) وهو الذي يتحكم فيها، وهو المستفيد منها، والبنوك الربوية ليست محل ثقة في تقدير مثل ذلك خاصة أننا نرى أن التكلفة الفعلية قد تزيد من وقت لآخر زيادة ليست يسيرة من غير مبرر في السوق الاقتصادي. لذلك يجب على المؤسسات المالية الإسلامية أن تتبنى معيارًا معلومًا لتحديد التكلفة الفعلية يحدد بشكل جماعي، أو من قبل جهة محايدة موثوقة حتى لا يطرأ على ذلك شبهة الزيادة الربوية المستترة في التكلفة الفعلية
(1)
.
«ومما يدل على أن هذه الرسوم يحتسب فيها أمور أخرى غير الجهد والعمل، وما تبع ذلك ما ذكرته مجلة المجلة في شؤونها الاقتصادية في دراسة حول بطاقة الائتمان، جاء فيها:
(1)
انظر العقود المالية المركبة - عبد الله العمراني (ص: 365).
وقد ذكرت هذه الدارسة أن من بين أسباب ارتفاع رسوم البطاقات المستخدمة:
1 -
انخفاض عدد البطاقات المستخدمة، ومقصوده أن كثيرًا ممن يحملون بطاقات الائتمان لا يستخدمونها في الائتمان.
2 -
كما ذكرت من بينها الديون الرديئة، والمقصود بذلك الديون التي يشك في تحصيلها، أو قد يكون من الصعب تحصيلها.
وعليه فقد ارتأت البنوك تعويض النقص الناجم من تلك الأسباب بما يكتسبه من رسوم لقاء إصدار بطاقة الائتمان، أو تجديدها، فدل ذلك على أن هذه الرسوم تخضع لمعايير تجارية، وقد اعتبر فيها أمور أخرى غير ما يبذله البنك من جهد وعمل، وما يلزم ذلك من تبعات»
(1)
.
* * *
(1)
الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة (1/ 328) ونظر مجلة المجلة، عدد 701، في 18 - 25 - 1993 م (ص: 48).