الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلاثة فسقط التكييف بأن خطاب الضمان بالنسبة للمستفيد كفالة، وبالنسبة للعميل هو عقد وكالة.
السبب الثالث:
أن عقد الوكالة عقد جائز، وعقد الضمان عقد لازم، ونحن هنا أمام عقد لازم، وليس عقدًا جائزًا إلا أن يقال: إن عقد الوكالة بالشرط يصبح لازمًا.
السبب الرابع:
أن المصرف لو كان وكيلًا لم يضمن المال الذي قبضه من العميل غطاء للضمان فيما لو هلك بلا تعد ولا تفريط، لأن الوكيل أمين، والواقع أن المصرف ضامن للمال الذي استلمه، فليست يده يد أمانة.
السبب الخامس:
أن هذا الغطاء هو قرض في ذمة المصرف؛ لأن المصرف لا يجمده، بل يأخذه ويتملكه، ويستثمره، فيكون التوصيف حقيقة: أن الضامن مدين للمضمون عنه بمثل مال الضمان إن كان خطاب الضمان مغطى كليًا، أو مدين ببعضه إن كان جزئيًا، ثم تحدث المقاصة بين الدينين إن تحمل المصرف دفع قيمة الضمان؛ لأن المال المغطى لا يكون مجمدًا لا يتصرف فيه البنك حتى يكون وكيلًا نائبًا عن المالك، ولذا أرى أن خطاب الضمان هو عقد كفالة مطلقًا غطي أو لم يغط، وجواز أخذ العوض على الضمان إذا كان مغطى بالكلية جائز ليس لأنه خرج عن كونه من عقود الضمان، وإنما لأن الضمان فيه لا يؤول إلى قرض جر نفعًا، والله أعلم.
ولو قيل: إن عقد الضمان عقد وكالة وضمان فيما لو غطي بعض قيمة الضمان لم يجز فيما أرى أخذ العوض على خطاب الضمان؛ لأن العقد المركب من عقدين:
عقد وكالة يجوز أخذ العوض عليه.
وعقد ضمان للدين غير مغطى لا يجوز أخذ العوض عليه.
فلو قدم عقد الوكالة بشكل منفرد لجاز أخذ العوض عليه وطلب الربح من ذلك، أما إذا اجتمع مع الضمان فإنه لا يجوز أخذ العوض على الوكالة حتى يفصل عن الضمان؛ حتى لا يؤدي ذلك إلى أخذ العوض على الضمان بالاختباء وراء ستار عقد الوكالة.
فالراجح في العقود المشتركة منع الجمع بين كل عقدين يترتب على الجمع بينهما محظور شرعي، وإن كان كل واحد منهما جائزًا بمفرده، فليس كل عقد جاز منفردًا جاز مضمومًا إلى غيره، فهذا عقد القرض جائز بالإجماع، وعقد البيع جائز بالإجماع، وإذا باعه بشرط أن يقرضه حرم ذلك بالإجماع.
فإذا كان أخذ العوض على ضمان الدين محرمًا فإن أخذ العوض على الوكالة إذا ضمت إلى الضمان يكون محرمًا حينئذ خشية أن يؤدي ذلك إلى أخذ العوض على الضمان بعقد مستتر باسم الأجرة على الوكالة، وفي نفس الوقت لا نمانع من أخذ التكاليف الفعلية التي أنفقها الضامن لإصدار خطاب الضمان دون أن يربح في ذلك، وفي هذا حماية للمعاملة من الوقوع في الربا.
يقول الشيخ محمد الزحيلي: «خطابات الضمان من المعاملات المصرفية المعاصرة التي عرضت عدة مرات على مجمع الفقه الإسلامي بجدة، والمؤتمرات الفقهية، وندوات الاقتصاد الإسلامي، وصدر فيها عدة قرارات توضح الجوانب الجائزة، وتحذر من الوقوع في الربا، ومنعت أجر الضمان، وأجازت للمصارف استرداد المصاريف الإدارية.
وإن أصر المصرف الإسلامي على أخذ أجرة فيتم في حالة التمويل، وتحويل
القرض إلى قراض (مشاركة في الربح) ويحصل المصرف على حصته من الربح الجائز والمشروع بالنص والإجماع»
(1)
.
* * *
(1)
المصارف الإسلامية - أ. د محمد الزحيلي (ص: 92 - 93).