الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية
في حكم الودائع الجارية
المطلب الأول
أن يأخذ المودع مقدار ما دفعه من غير زيادة ولا نقصان
قال ابن تيمية: «الإعانة على الحرام حرام»
(1)
.
وقال ابن دقيق العيد: وسيلة الطاعة طاعة، ووسيلة المعصية معصية، ويعظم قبح الوسيلة بحسب عظم المفسدة .... »
(2)
.
وقال ابن عابدين: ما قامت المعصية بعينه
…
كره تحريمًا، وإلا فتنزيهًا
(3)
.
وقال الشيخ محمد العثماني قاضي باكستان: ما لم تقم المعصية بعينه لم يكن من الإعانة حقيقة، بل من التسبب، ومن أطلق عليه لفظ الإعانة فقد تجوز
(4)
.
[ن-78] إذا أخذ المودِع مقدار ما دفعه من غير زيادة ولا نقصان. فهذا إن كان الإيداع في المصارف الإسلامية فهو جائز إن لم يكن مطلوبًا؛ لأن إقراض الغير إذا كان في ذلك إعانة على الخير ودعم للمشاريع الإسلامية، وحث للبنوك
(1)
الفتاوى الكبرى (6/ 313).
(2)
إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (2/ 268).
(3)
حاشية ابن عابدين (6/ 391).
(4)
انظر أحكام الودائع المصرفية - القاضي محمد تقي العثماني، بحث منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (1/ 800 - 802).
الأخرى للتوجه إلى نظام إسلامي بديل، واستقلال من التبعية الاقتصادية الغربية من الأمور المستحبة.
وإن كان الإيداع في البنوك الربوية، وكان الإنسان مضطرًا للإيداع خوفًا من السرقة، ولا يوجد مصارف إسلامية يمكن الإيداع فيها، فالإيداع جائز بالاتفاق؛ إن لم يكن مطلوبًا لقوله تعالى:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام:119].
ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: إن الله كره لكم ثلاثًا، قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال
(1)
.
وإن كان الإيداع في البنوك الربوية مع وجود مصارف إسلامية، ولكن يفضل المودع البنوك الربوية إما لكونها أكثر تنظيمًا وأيسر له في سرعة الوصول إلى الخدمات المباحة والتي تقدم لصاحب الحساب الجاري، أو لقربها من موضع سكنه، أو لغيرها من المبررات، فهل يكون الإيداع جائزًا باعتبار أن إقراض البنك لا يأخذ عليه أي فوائد محرمة، أو يكون محرمًا؛ لأنه إعانة على الإثم والعدوان في ذلك خلاف بين أهل العلم.
فقيل: الإيداع لا يجوز، وبه صدر قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي
(2)
، وأفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية
(3)
، ومال
(1)
صحيح البخاري (1477)، وصحيح مسلم (593).
(2)
انظر قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم في دورته التاسعة المنعقدة بمكة المكرمة عام 1406 هـ، وجاء في نص القرار:«يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل والخارج، إذا لا عذر له في التعامل معها بعد وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام» .
(3)
انظر مجلة البحوث الإسلامية، العدد السادس (ص: 279)، والعدد الثامن عشر (ص:81).
إلى التحريم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
(1)
،
وجزم به شيخنا محمد ابن عثيمين
(2)
.
وقيل: يجوز، والقائلون بالجواز، إما لأنهم يرون أن الودائع الجارية هي ودائع حقيقية المقصود منها حفظ المال، فلا يكون في ذلك إعانة على الربا أصلًا كما هو رأي فضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف
(3)
، وفضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق
(4)
.
أو يرون أن الودائع الجارية قرض إلا أنهم أجازوا إقراض البنك بشروط:
الأول: أن يكون الباعث على إقراض البنك أمرًا مشروعًا في نفسه كحفظ المال، فإن كان الباعث على الإقراض إعانة البنك أو تضمن عقد القرض ما يدل على ذلك حرم الإيداع.
(1)
انظر فتاوى إسلامية (2/ 397)، وسماحة الشيخ أحيانًا يعبر بالتحريم، وأحيانًا يعبر بالأولى، والأحوط، ومن باب الحث على ترك الشبهات وهي مصطلحات لا تدل على التحريم. ففي فتاوى الشيخ يرحمه الله (19/ 152) يقول:«لا نعلم مانعًا من جواز الإيداع في مصارف الراجحي، أما البنوك الأخرى فالأحوط عدم الإيداع فيها إلا عند الضرورة لأجل الحفظ فقط، أما المعاملات الربوية فهي محرمة مع كل أحد» .
وقال أيضًا في نفس الكتاب (14/ 140): «إن أمكن إيداع المال المذكور في غير البنك فهو أولى؛ لأن أكثر البنوك تتعامل بالأعمال الربوية، وإيداع المال عندهم يعينهم على عملهم الخبيث .. » . وانظر أيضًا (19/ 413).
(2)
فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين (2/ 709)، وفقه وفتاوى البيوع (ص:360).
(3)
انظر فتاوى شرعية وبحوث إسلامية لحسنين محمد مخلوف (2/ 214).
(4)
انظر موقع وزارة الأوقاف المصرية http://www.islamic-council.com، والمنفعة في القرض للعمراني (ص: 466).