الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثالث:
(ح-828) ما رواه البخاري من طريق مالك، عن نافع.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز. ورواه مسلم
(1)
.
وجه الاستدلال:
قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز) فيه إشارة إلى وجوب التقابض.
الدليل الرابع:
(ح-829) ما رواه البخاري من طريق ابن شهاب، عن مالك بن أوس أخبره.
أنه التمس صرفا بمائة دينار، فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا حتى اصطرف مني، فأخذ الذهب يقلبها في يده، ثم قال: حتى يأتي خازني من الغابة، وعمر يسمع ذلك، فقال: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء. ورواه مسلم
(2)
.
القول الثاني:
ذهب هذا القول إلى أن القبض في كل شيء يكون بالتخلية، وهذا مطلقه يدخل فيه عقد الصرف.
جاء في الإنصاف: «وعنه أن قبض جميع الأشياء بالتخلية مع التمييز»
(3)
.
(1)
صحيح البخاري (2177)، ومسلم (1584).
(2)
صحيح البخاري (2174)، مسلم (1586).
(3)
الإنصاف (4/ 470).
وقال ابن قدامة: «وقد روى أبو الخطاب عن أحمد رواية أخرى: أن القبض في كل شيء بالتخلية مع التمييز؛ لأنه خلى بينه وبين المبيع من غير حائل»
(1)
.
وقال ابن رجب: «والتخلية قبض في المعينات على روايتين»
(2)
.
(1)
المغني (4/ 90).
(2)
القواعد لابن رجب (ص:74) القاعدة: الحادية والخمسون، وتمام كلامه، قال: «فأما المبيع المبهم غير المتعين كقفيز من صبرة، فلا ينتقل ضمانها بدون القبض، وهل يكفي كيله وتمييزه، أم لا بد من نقله؟ حكى الأصحاب فيه روايتين، ثم لهم طريقان:
منهم من يقول: هل التخلية قبض في جميع الأعيان المبيعة أم لا؟ على الروايتين. ومنهم من يقول: التخلية قبض في المبيع المتعين رواية واحدة، وفيما ليس بمتعين إذا عين وخلى بينه وبينه روايتين. وكلا الطريقين مسلك القاضي في خلافه، وله فيه طريقة ثالثة سلكها في المجرد، أن الكيل قبض للمبهم رواية واحدة وذكر قول أحمد في رواية محمد بن الحسن بن هارون: قبضه كيله، والتخلية قبض في المعينات على روايتين وهذه أصح مما قبلها، وقد فرق أحمد بين المبهم فجعل قبضه كيله، وبين الصبرة فجعل قبضها نقلها في رواية الأثرم؛ لأن المبهم إذا كيل فقد حصل فيه التمييز وزيادة، وهي اعتبار قدره، وكلاهما من فعل البائع وهو الواجب عليه، ولم يوجد في بقية المعينات شيء من ذلك سوى تمييزها بنفسها وعلى الطريقة الأولى فيكون بعد كيله وتمييزه كسائر الأعيان المتميزة، وما عدا ذلك من الأعيان المتميزة فهو داخل في ضمان المشتري بالعقد في ظاهر المذهب لتمكنه من قبضه التام بالحيازة، وقد انقطعت علق البائع منه؛ لأن عليه تسليمه والتمكين من قبضه وقد حصل إلا الثمر المشترى في رؤوس شجره، فإن المشتري لا يتمكن من تمام قبضه في الحال بحيازته إليه وكذلك ما لا يتأتى نقله في ساعة واحدة لكثرته فإنه لا ينتقل إلى ضمانة المشتري إلا بعد مضي زمن يتأتى فيه نقله عادة صرح به القاضي وغيره، فالناقل للضمان هو القدرة التامة على الاستيفاء والحيازة، وحكم المبهم المشترى بعدد أو ذرع كذلك، وأنكر أحمد في رواية ابن منصور دخول المعدود فيه، ولعل مراده إذا اشترى صبرة وأما المشاع فكالمتعين لأن تسليمه يكون على هيئة لا يقف على إفرازه كذلك، ذكره القاضي، وابن عقيل، والصبرة المبتاعة كيلًا، أو وزنا كالقفيز المبهم عند الخرقي وأبي بكر والأكثرين؛ لأن علق البائع لم تنقطع منها ولم تتميز، فإن زيادتها له ونقصها عليه، وفي التلخيص أن بعض الأصحاب خرج فيها وجها بإلحاقها بالعبد والثوب بناء على أن العلة اختلاط المبيع بغيره. قال: وهو ضعيف قال: واستثنى بعض أصحابنا منها المتعينات في الصرف لقوله عليه الصلاة والسلام: إلا هاء وهاء. ومراده: أن الشارع اعتبر له القبض فالتحق بالمبهمات بقصد سرعة انبرام العقد فيها، فناسبه قطع علق البائع في الحال».
والدراهم والدنانير تتعين بالتعيين في المذهب الحنبلي، فيكون التعيين قبضًا لها في قول.
حجة هذا القول:
أن التخلية إنما جعلت تسليمًا؛ لأن البائع إذا خلى بين المشتري وبين المبيع فقد رفع الموانع عن القبض. وهذا غاية ما يقدر عليه، وهو محتاج إلى إخراج نفسه من عهدة المبيع، فإذا أتى بما وسعه فقد برئ، وليس في وسعه إلا التخلية، وأما القبض الذي هو التسلم، فهذا فعل المشتري، فلا يكلف البائع فعل غيره، فجعل التمكن من القبض قبضًا، وهو القبض الحكمي، وهو القبض بطريق التخلية ......
(1)
.
وانظر بقية الأدلة في باب قبض المبيع، في كيفية قبض المنقول الذي ليس فيه حق توفية، فقد استوفينا الأدلة هناك، فأغنى عن إعادتها هنا.
* * *
(1)
انظر البحر الرائق (8/ 265)، تبيين الحقائق (6/ 63)، حاشية ابن عابدين (8/ 434).